أحداث الجنوب … قراﺀة في سيناريو هروب قوى العدوان من المأزق الذي تعيشه ..!!

عمران نت / 9 / 8 / 2019
// مقالات // محمد الحاكم
دللت الأحداث السياسية و العسكرية التي تقوم بها قوى العدوان على اليمن , التأكيد على عمق المأزق الذي تعيشه تلك القوى نتيجة عدوانها الغير مبرر على اليمن , و أكدت أيضاً حقيقة سعي تلك القوى في الخروج من مأزقها الذي لا تحسد عليه, ولكن بالكيفية و الصورة التي تريد من خلاله حفظ ماﺀ وجهها القبيح , و تأمين إستمراريتها مستقبلاً في تنفيذ مخططاتها و أهدافها بالشكل الأمثل.
 
لن أتطرق في الحديث عن الأهداف و الدوافع السياسية و العسكرية و الإقتصادية , التي دفعت بقوى العدوان نحو إحداث تغيير في سياساتها و إتجاهاتها , وجعلها تتجه نحو النأي بنفسها و النجاة من مأزقها الذي تعيش فيه منذ أربع سنوات و نيف ..!! , ولكنني سأتحدث عن طبيعة السيناريو الذي قامت بتأليفه و ترجوا من وراﺀه الخلاص و النجاة من مأزقها, والذي يمكن إستقرائه من خلال الأحداث التي جرت و مازالت تجري حاليا في جنوب اليمن .
 
قبل الحديث عن طبيعة و شكل هذا السيناريو علينا أولاً التحدث عن طبيعة المراحل التي سوف تنتهجها و تسير عليها قوى العدوان أثناﺀ تنفيذ مخطط هروبها , و الذي سيتجلى من خلال تنفيذ نقطتين رئيسيتين هما :-
 
الأولى … إعادة تشكيل طبيعة مشاركة قوى العدوان في هذا التحالف..! ! , ذلك من خلال التأكيد النهائي لخروج الإمارات من هذا التحالف, تحت ذريعة تسليمها كافة المواقع العسكرية التي كانت تحت سيطرتها في مأرب أو الساحل الغربي و باب المندي , بالإضافة الى ما سيتم لاحقاً من تنفيذ مخطط يرمي نحو القضاﺀ على كافة أذرعتها , وعلى رأسها تلك المنطوية تحت مسمى الحزام الأمني .
 
الثانية … إعادة صياغة مبررات العدوان على اليمن ..!! , وذلك من خلال إيجاد مسوغ سياسي و عسكري جديد , يستند على تغيير شكل الصراع, من صراع دولي الى صراع داخلي محلي -محلي .
لتأكيد حقيقة ما تصبو إليه قوى العدوان في تنفيذ تلك المراحل كان لابد عليها من صياغة سيناريو ” هزيل ” , لا يقوم على تنفيذه إلا طرف داخلي مناوئ عرقياً و مناطقياً للقوى الوطنية في صنعاﺀ, عبر إستغلال دعوى بعض القوى الجنوبية تحرير القضية الجنوبية من قوى الشمال , إذ أنهم يعتقدون من أن إثارة هذا الموضوع مجدداً سيضمن لهم نجاح مخططهم , من خلال ما ستؤل اليه الأحداث من نتائج سلبية مستمرة و دائمة في مختلف نواحيها السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية وغيرها , و دون أن تستثني أحد من الأطراف.
 
لن أبتعد كثيراً عما أود توضيحه و قرائته لحقيقة وطبيعة هذا السيناريو , إلا أنني أود أيضاً التأكيد من أن قوى العدوان تراهن أيضاً على مسوغ آخر يمكنها من تحقيق ما تصبو إليه , ذلك أنها أيضاً تعتمد على مستوى تنفيذ الأطراف الجنوبية الموالية لها لخطوات و مراحل هذا السيناريو بحنكة و إقتدار , وحتى لا أطيل أكثر … أطرح بين يديكم أبرز و أهم الخطوات التي ستعمد قوى في تنفيذ سيناريوهه على النحو التالي ..:-
 
1- العمد نحو التهجير القسري لكافة أبناﺀ المحافظات الشمالية من المحافظات الجنوبية, لأحداث صورة من الكراهية و الحقد بين كافة شرائح أبناﺀ هذا الشعب برمته, و هذا ما تم تنفيذه فعلياً خلال الأيام الماضية.
 
2- دعم وتنمية حالة الصراع العسكري بين مختلف الفصائل و القوى الجنوبية الموالية لقوى العدوان ممثلة في كلاً الإمارات و السعودية, بغية تحقيق هدفين .. !!
 
أوله … دفع أكبر قد ممكن من المواطنين الجنوبيين نحو الهجرة من مناطق الصراع, ودفعهم نحو المناطق الشمالية لزيادة العبﺀ الإقتصادي على هذه المناطق وبالتالي على القوى الوطنية في صنعاﺀ.
 
ثانيه … الإيعاز وهماً بإنتصار قوى الشرعية الموالية للسعودية و المنطوية تحت لواﺀ المخلوع ” هادي” , وبالتالي فقدان الإمارات لأقوى أذرعها الموالية لها و المتمثلة في ما يسمى ” الحزام الأمني ” , و المنظوي تحت لواﺀ المدعو ” بن بريك ” , وبالتالي فقدان الإمارات مكانتها في هذا الصراع, الأمر الذي سيدفعها تحت هذه الذريعة نحو الخروج كليةً من هذا المأزق .
 
3- دفع قوى الشرعية وتحت مظلة نصرة القضية الجنوبية , وذلك نحو أحداث صراع عسكري مع القوى الوطنية في صنعاﺀ , مدعومة تلك القوى الجنوبية بدعم إعلامي ممنهج من قبل كافة الوسائل الإعلامية الموالية لقوى العدوان, إضافة الى ما ستحظى به دعم و تنسيق دولي و أممي يجيز لهم أحقية تقرير حقهم المصيري .
 
4- بعد التأكد من أن النقطة السابقة قد أتت أكلها و بأنها قد أنحت منحاً ملائماً و منسجماً مع ما تم التخطيط له … يتم إلغاﺀ المبرر الشرعي الذي تدعيه تلك القوى العدوانية, وكان على ضوئه قد أجازت لنفسها الحق في إعلان هذا العدوان و التدخل في الشئون اليمنية … وذلك كله من خلال تصفية المدعو بالدنبوع, عبر الإعلان عن وفاته إثر ذبحة صدرية حادة مستغلين حالته المرضية التي يعاني منها منذ زمن.
 
5- بناﺀ على ما سبق فإن السعودية لم يبقى لها من هذا العدوان أي مبرر يجيز لها الإستمرار فيه, وبالتالي تعمد السعودية وتحت مبرر وفاة الدنبوع التوجه نحو الإعلان بالخروج من اليمن وتسليم مهام إدارة الأحداث وتطبيق الحصار , نحو التدويل الدولي المتعدد الأطراف , وذلك تحت دعوى ضرورة حل قضية الصراع اليمني – اليمني, بعد أن كان صراعاً يمنياً – دولياً و اقليمياً .
 
عموماً …. قد أكون بالغت نسبياً في توقعاتي, لكن واقع الأيام القادمة ستكشف حقيقة تلك المخططات و التوجهات التي تسعى ورائها قوى العدوان في تنفيذها على أكمل وجه كضرورة حتمية لنجاح هروبها من هذا المأزق الذي تعيش فيه …

مقالات ذات صلة