
صحيفة فرنسية تكشف من يقف وراء تهجير الغزيين إلى جنوب أفريقيا
سلّطت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية الضوء على نشاط منظمة غامضة تُدعى “المجد–أُورُوبا”، تتهمها جهات جنوب أفريقية وفلسطينية بالمشاركة في تنسيق عمليات لنقل سكان من قطاع غزة إلى الخارج، في سياق يُشتبه بارتباطه بسياسات إسرائيلية تدفع نحو ما يسمى “الهجرة الطوعية”.
وقالت الصحيفة، في تقرير: إن عشرات الفلسطينيين وصلوا خلال الأسابيع الأخيرة إلى العاصمة الجنوب أفريقية بريتوريا على متن رحلات جوية خَاصَّة، نظّمتها جهة ذات طابع تنظيمي مبهم. ووفقًا لسلطات جنوب أفريقيا، فقد وصل 153 غزيًّا إلى البلاد دون أختام خروج إسرائيلية، ما أثار شبهات حول طبيعة العملية ودوافعها، ودفع الرئيس سيريل رامافوزا للتعهد بالتحقيق في القضية.
وبحسب روايات منظمات محلية، من بينها منظمة “هبة الواقفين”، فإن الركاب دفعوا نحو 2000 دولار مقابل ترتيب خروجهم عبر منظمة “المجد–أُورُوبا”، دون أن يكونوا على علم بأن وجهتهم النهائية ستكون جنوب أفريقيا. وقد بقي الركاب محتجزين داخل الطائرة لساعات قبل السماح لهم بالنزول، وسط تعهّد المنظمة باستقبالهم ورعايتهم.
وتشير المعطيات التي نشرتها الحكومة الجنوب أفريقية إلى أن هؤلاء الفلسطينيين غادروا غزة عبر معبر كرم أبو سالم بعد إجراءات تفتيش إسرائيلية، ثم نُقلوا إلى مطار إيلات، لتقلّهم لاحقًا رحلة إلى نيروبي قبل الوصول إلى جوهانسبرغ. وهذه ليست العملية الأولى، إذ وصلت مجموعة أُخرى من 176 غزيًّا في أُكتوبر الماضي.
ورغم ادِّعاء منظمة “المجد–أُورُوبا” على موقعها الإلكتروني أنها تعمل في مجال المساعدة المجتمعية منذ تأسيسها في ألمانيا عام 2010، وتحدّد مقرًا لها في حي الشيخ جراح، إلا أنّ المعلومات حولها ضئيلة للغاية: أرقام الاتصال لا تعمل، وأسماء المسؤولين “عدنان” و“مؤيد” لا وجود لهما في أي مصادر مفتوحة، ولا تُقدّم المنظمة تفاصيل عن شركائها.
وبحسب تحقيق موسّع لصحيفة هآرتس الإسرائيلية، قد تكون المنظمة مُجَـرّدَ واجهة لكيانات إسرائيلية رسمية؛ إذ زعمت أن مديرية الهجرة الطوعية في وزارة الحرب الإسرائيلية كلّفت المنظمة بترتيب الرحلات بالتنسيق مع “منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلّة”. وذكرت الصحيفة أن هذه المديرية أُنشئت في آذار/مارس 2025 في إطار مساعٍ لتسهيل تهجير الفلسطينيين، بعد تصريحات للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تحدث فيها عن خطط لإعادة إعمار غزة تشمل نقل السكان مؤقتًا.
ويضيف التحقيق أن الرحلات تُدار عبر شركة استونية تُدعى “تالينت غلوبوس”، يترأسها شخص يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والإستونية يدعى تومر جانار ليند، الذي امتنع عن التعليق لكنه لم ينفِ تورطه.
وفي حين لا يوجد دليل قاطع يثبت أن “المجد–أُورُوبا” تتبع رسميًّا للحكومة الإسرائيلية، إلا أن الأخيرة لم تُخفِ دعمها لفكرة “الهجرة الطوعية للفلسطينيين”؛ إذ صرّح وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش عام 2024 بأن تقليص عدد سكان غزة إلى “100–200 ألف فقط” سيغير الواقع السياسي بعد الحرب، فيما دعا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى دعم نفس التوجّـه. وتشير استطلاعات إسرائيلية حديثة إلى أن 82 % من الإسرائيليين يؤيدون طرد سكان غزة.
وتبقى “المجد–أُورُوبا” لغزًا مفتوحًا، في ظل غياب الشفافية حول تمويلها وارتباطاتها، وتزايد التساؤلات حول دورها في عمليات يُنظر إليها دوليًّا على أنها تهجير قسري مقنّع تحت عنوان “الهجرة الطوعية”.
متابعات




