
21 سبتمبر.. ثورة الوعي التي أعادت صياغة الإنسان والهوية
تقرير
لم تكن ثورة 21 سبتمبر حدثًا سياسيًا وحسب، بل ولادة جديدة للإنسان اليمني، حيث لم تعد المعركة مقتصرة على مواجهة الوصاية العسكرية أو الهيمنة الخارجية، بل امتدت إلى بناء وعي جديد وهوية جامعة، أعادت للشعب ثقته بذاته وإيمانه بقدراته، وجعلت من المقاومة مسارًا حضاريًا متكاملًا يمتد من الأرض إلى الوجدان، ومن السياسة إلى الثقافة.
ثورة الوعي.. الإنسان في صلب التغيير
تميزت ثورة 21 سبتمبر بأنها انطلقت من الكلمة والوعي والثقافة القرآنية، التي أيقظت القيم الأصيلة في نفوس اليمنيين.
تحولت الثورة من مشروع سياسي محدود إلى حركة شاملة أعادت صياغة علاقة الإنسان اليمني بدينه ووطنه وقضاياه، وجعلت كل فرد يرى في نفسه جزءًا من أمة تمتد جذورها عبر التاريخ والإيمان.. هذا التحول المعنوي لم يقتصر على الشعارات، بل أصبح قاعدة عملية صلبة منحت الجبهة الداخلية قوة لا تُقهر، وأثبتت أن إرادة الشعب اليمني هي حجر الأساس لكل معادلة للحرية والسيادة.
بناء المؤسسات على أسس قرآنية
الثورة لم تكتفِ بإسقاط مراكز النفوذ، بل دشنت مسارًا لبناء مؤسسات الدولة على قاعدة من الشفافية والانتماء الوطني.. تحولت الوزارات من مكاتب مغلقة بيد المتنفذين إلى منصات لخدمة المواطن، وأُعيد الاعتبار للعدالة الاجتماعية عبر إصلاحات إدارية ورقابية عززت ثقة الشعب في مؤسساته.
كما برزت مبادرات شبابية وجامعية لإحياء قيم الإنتاج الوطني، وتشجيع المشاريع الزراعية والصناعية الصغيرة، بما أعاد روح الاعتماد على الذات، ورسّخ فكرة أن الثورة ليست سلاحًا فقط، بل بناءٌ وتنمية واستقلال اقتصادي.
الهوية الثقافية.. السلاح الأقوى
أدركت الثورة أن المعركة مع العدو ليست عسكرية فقط، بل ثقافية وفكرية، لذلك كان الاهتمام بالتعليم والإعلام والمناهج، وإحياء الهوية القرآنية كدرع وعي يحمي المجتمع من الغزو الناعم.
برزت مراكز بحثية وتربوية، وأُطلقت برامج إعلامية وثقافية أعادت تعريف العدو والصديق، وكشفت خطورة الاختراقات الثقافية التي سعت أمريكا والسعودية لفرضها.. وبهذا، عاد الشعب إلى جذوره الأصيلة، مستلهمًا من ثقافته القرآنية ما يجعله أكثر وعيًا وصلابة، قادرًا على مواجهة الحرب الناعمة بنفس قوة مواجهته للقنابل والصواريخ.
المرأة والشباب.. حضور في قلب الثورة
أحد أبرز إنجازات 21 سبتمبر كان تحرير طاقات المرأة والشباب من قوالب التهميش:
ـ النساء تحوّلن إلى شريك فعّال في الجبهة الإعلامية والإنسانية والتربوية، وأصبحن رمزًا للصبر والعطاء من خلال الفعاليات والمبادرات المجتمعية، وهنّ اليوم جزء من معركة الوعي والنصرة.
ـ الشباب قادوا حراكًا فكريًا وإبداعيًا داخل الجامعات والمراكز البحثية، وشاركوا في معارك الدفاع والبناء، لتصبح الثورة مشروع وعي متجدد يُسهم في صياغة مستقبل الأمة.
من الصمود إلى صناعة المستقبل
اليوم، وبعد سنوات من العدوان والحصار، لم يعد الحديث عن 21 سبتمبر كذكرى فحسب، بل كمسار مستمر يضع اليمن على طريق المستقبل:
ـ مشاريع زراعية استراتيجية تقلّص الارتهان للخارج، وتعيد لليمن دوره كأرض زراعية خصبة.
ـ مبادرات صناعية وتقنية تمثل نواة لاقتصاد مقاوم متماسك.
ـ نهضة فكرية وثقافية تضع الإنسان في مركز المشروع الثوري، وتعيد الاعتبار للقيم الروحية والأخلاقية باعتبارها أساس أي حضارة حقيقية.
رسالة الثورة.. الإنسان أولًا
أثبتت ثورة 21 سبتمبر أن معركة التحرر ليست مجرد استعادة للأرض والسيادة، بل هي مشروع لبناء إنسان واعٍ يحمل رؤية حضارية جامعة، قادر على أن يقود مسيرة النصر ويواجه أعتى التحديات.
إنها ثورة رسّخت في وعي الشعب أن المستقبل يُصنع بالعقول والقلوب والإرادة، وأن الانتصار الحقيقي يبدأ من داخل الإنسان قبل أن يُترجم على أرض الواقع.
نقلاً عن موقع 21 سبتمبر