رسائلُ الربيع السبتمبري

دينا الرميمة

لسنواتٍ تسع من عمر الثورة وَالعدوان معاً عاش اليمنيون معركة استرداد سيادة أرضهم التي تقاذفتها أطماع عدو بعيد وأحقاد جار قريب ممن وحدتهم المصالح المشتركة في الأرض اليمنية، والتي لأجلها سعوا ومنذ وقتٍ مبكر لانتزاع قوة اليمن كخطوة استباقية تسهل لهم السيطرة عليها في حال وجدوا أية عرقلة أَو معارضة لمشاريعهم الاحتلالية.

 

بدءًا من هيكلة جيشها وَتدمير أنظمة دفاعها بمساعدة النظام السابق، الذي سلم أنظمة الدفاع الجوي للأمريكان وتحت أقدام موظفتين أمريكيتين رمى أمن اليمن وسيادتها في أبشع خيانة شهدتها اليمن.

 

وحتى إلى السلاح الشخصي الذي تميز به الشعب اليمني كإرث وَتقليد لا يتخلى عنه حاولوا انتزاعه بذريعة أنه لا يتماشى مع حضارتهم الهشة، في مشهدٍ يوضح أن أمريكا سعت للعدوان على اليمن منذُ وقت ليس بالقليل وذلك ربما؛ لأَنَّها استشعرت خطر المشروع القرآني الذي تبناه الشهيد القائد “حسين بدر الدين الحوثي” وما لاقاه من استجابة عالية من أبناء اليمن، وحجم ذاك الوعي الكبير الذي أحدثه هذا المشروع فيهم، وما خلقه من صحوة حول خطر التواجد الأمريكي في اليمن والمنطقة، وَجدد فيهم روح العداء لليهود والتمسك بالمبادئ القرآنية والهُــوِيَّة الإيمانية، التي كانت تسعى أمريكا لسلبها منهم للسيطرة على إرادَة اليمنيين وكرامتهم وأرضهم وثرواتهم ضمن مشروع الشرق الأوسط الذي يسعون إليه مع الصهاينة.

 

وقد تأكّـد لهم ذلك من خلال ثورة 21 سبتمبر التي كان أولَ أهدافها إخراج اليمن من مربع الوصاية وبالفعل تحقّق هذا الهدف بخروج أمريكا تجر أذيال خيبتها وحسرتها على اليمن، التي استطاعت إفشال مشاريع الاحتلال وَالتقسيم ووئدت أحلام كُـلّ الطامعين فيها تحت أقدام أبنائها الثوار، لتأتي بعد ذلك بلغة القوة لاستعادة مكانتها في اليمن.

 

وَفي لحظات عدوانهم الأولى أعلن ناطقهم أن ٩٨ % هو حجم ما تم تدميره من قوة اليمن العسكرية، وَبهذا الخبر ضمنوا أن اليمن بأيامٍ قليلة ستعلن لهم الاستسلام وترفع لهم راية الرضا وَتعيدهم إليها يعبثون بها كيفما أرادوا، إلا أنهم وعلى عكس ما ظنوا تفاجأوا بشعبٍ ثابت كثبات جبال أرضه، تصدى لكل هجمتهم وهمجيتهم وبالسلاح الشخصي الذي حاولوا يوماً ما انتزاعه منه، واجههم، وبه أطالوا أمد الحرب التي ظنها عدوهم لأكثر من أسبوع لن تطول.

 

وتزامناً مع هذه الحرب تفجرت الأرض اليمنية بأسلحة غضب وبأس صنعت بأيدي أبنائها وبها استطاعوا إرضاخ عدوهم للبحث عن السلام لأراضيهم، ولكنه سلامٌ منقوص أرادوا به السلامة لأنفسهم فقط، وما يخرجهم من دائرة الغضب اليمني الذي ذات يوم أصابتهم بعض لفحاته.

 

وها نحن اليوم وَفي ربيع ثورتنا التاسع أرينا العدوّ أن قوتَه ومالَه ما زادتنا إلا قوةً وصموداً، وأخرجت لهم أرضنا قوة عسكرية لن تقهر وأسلحة “بحرية وَجوية وَبرية” سيتلقفها كُـلّ من ما زال يطمع في أرض اليمن أَو يستهين بشعبها في أضخم عرض حمل عدة رسائل، أولاها أن السلام الذي ما زال يترنح على طاولات المفاوضات سيتنزع بالقوة، التي اليوم أصبحت واقعاً وحقيقةً لن يستطيع أحدٌ إنكارها، وَالتي جعلت إعلام الغرب يتساءل إن كان هذا العرض العسكري في الصين أَو كوريا الشمالية منصدمًا أن هذا العرض ليس إلا في اليمن التي لتسع سنوات وهي أرضاً تتلقف ما يأفكون وَيصنعون ويمكرون، وبقوة الله وَإرادَة شعب أصبحت اليوم أرضاً وَدولةً تضاهي دولهم قوةً وَمنعةً بل وَربما أعظم.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة