21 سبتمبر .. الطوفان الذي جرف عروش الطغاة

عمران نت / 22 / 9 / 2019

// مقالات // عبدالرحمن العابد
لكل ثورة ظروفها وحيثياتها، التي انطلقت منها لتشق مسارها، نحو تغيير واقع هو الذي فرضها واستوجب قيامها، وذلك هو حال ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، التي انطلقت لتغيير واقع بلغ من السوء درجة غدت البلاد فيها، وبكل مقدراتها، في يد حفنة من النافذين المرتهنين للخارج، الذين فرضهم وجعل منهم أدوات لسيطرته على اليمن، وكأنه منحها لهم إقطاعية خاصة، مقابل ضمان الولاء له، وتكبيل البلاد عن أي تقدم، ووأد أي مشروع نهضوي.
إذا ما نظرنا إلى واقع الحال الذي انطلقت ثورة 21 سبتمبر لتغييره، فسنجد أن حفنة من مشايخ العمالة والارتزاق، وعساكر الفيد والنهب، بالإضافة إلى قيادات حزبية انتهازية، يقبع الوطن في آخر سلم اهتماماتها، كانت هي التوليفة المتحكمة بمصير بلد بأكمله، ومُسخرة كل مقدراته وخيراته لمصلحتها، في مقابل حرمان أبناء الشعب من تلك المقدرات والخيرات، وتحويله إلى أداة لتسهيل استثمارها والاستئثار بها من دونه.
دأبت تلك القوى، التي ظلت لعقود متحكمة بمصير اليمن، من القوى المشيخية والعسكرية والقيادات الحزبية الانتهازية، على نهج العمالة والارتهان لأنظمة دول الجوار، وعلى رأسها نظام آل سعود، الذي ظل حريصاً على إعاقة أي تقدم في البلاد، بما يضمن له ديمومة السيطرة عليها، وإخضاع شعبها لمشاريع التجويع والتجهيل والتدجين، لكي يظل ذلك التابع الضعيف، والأرضية المتاحة للأطماع والتدخلات، وكانت كشوفات اللجنة الخاصة هي أكبر إدانة لهم، إذ كيف لقيادة بلد تدعي الاستقلالية وامتلاك القرار أن تقبل باستلام رواتب شهرية من دولة أخرى، وما هو المقابل الذي تجنيه السعودية مقابل ملايين الريالات التي تدفعها لهم شهرياً، وعلى مدى عقود.
لقد حرصت تلك القيادات اللاوطنية على استلام ثمن عمالتها وارتزاقها، وبصكوك رسمية، عبر اللجنة السعودية الخاصة، وهو ما يعد جريمة يتوجب محاكمتهم عليها، إذ أن أي نظام في العالم لا يمكن أن يسمح بأن يستلم مواطنوه رواتب مشبوهة من أي دولة أخرى، فما بالك بأن تكون القيادات السياسية والرموز العسكرية والقيادات الاجتماعية هي من تستلم تلك الأموال، من نظام ثبت عداؤه للبلاد ووقوفه في طريق تقدمها ونهضتها.
جاءت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، وهي الثورة التي انطلقت من الإيمان العميق باليمن وحريته واستقلاله، والرفض لكل مشاريع العمالة والارتهان، لتمثل صاعقة نزلت على رؤوس كل تلك التوليفة التي تسلطت على اليمن، والتي ظلت أداة القمع لأي تحرك وطني للتحرر من الهيمنة السعودية، التي بدورها تدين بالولاء لأنظمة البغي والاستكبار العالمي، ممثلاً بأمريكا وإسرائيل، فكان لا بد أن تكون تلك القوى في مقدمة الناقمين على هذه الثورة التي هددت مصالحهم الرخيصة، ووضعت في أولوياتها تخليص الشعب من بغيهم وجورهم، وانتزاع حريته المسلوبة، وضمان استقلاله.
كأي ثورة شعبية فرضها واقع من الظلم والقهر، اندفعت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، لتهد عروش الطغاة، وتقوض امبراطورياتهم، التي بنوها من أموال الشعب المنهوبة، فما كان لأولئك الذين باعوا الوطن بيعة “أبي غبشان” لمفاتيح البيت العتيق بزقٍ من خمر، أن يقفوا في وجه شعب احتمل من بغيهم وقهرهم الكثير، على مدى عقود من الزمن.
لقد مثلت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر الانحياز لخيارات الشعب، الرافض لمشاريع العمالة والارتهان، وتحويل اليمن إلى تابع ذليل، خاضع للوصاية الخارجية، وعاجز عن امتلاك قراره، ومحروم من التمتع بخيراته، وممنوع من التطلع إلى تغيير الواقع المفروض عليه، وهو ما جعلها مصدر إزعاج وإقلاق لقوى العمالة داخلياً، وأنظمة البغي والهيمنة خارجياً، فرأوا فيها خصماً يجب وأده، كما تم وأد أي مشاريع وطنية سابقة، فما كان منهم إلا أن عقدوا تحالفهم المشئوم، وأجمعوا أمرهم مؤذنين بحربها، على أمل القضاء عليها، وهو الأمل الذي خاب وانتكس أمام عزيمة هذا الشعب، وإصراره على نيل حريته واستقلاله، وبناء مستقبله المشرق، بعيداً عن أي وصاية خارجية كانت إقليمية أو دولية.

ملتقى الكتاب اليمنيين

مقالات ذات صلة