
القرآن أساس الوعي واستعادة استقلال الأمة .. قراءة عميقة للسيد القائد كشف عنها في العام 1438هـ
تحليلات
في العام 1438هـ قدم السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ، أحد أكثر الدروس أهمية ضمن سلسلة دروس رمضان، وضع فيه المنهج العملي الذي يجيب على سؤال جوهري : كيف ينبغي أن تكون علاقة المسلمين بالقرآن، وكيف يمكن لهذا الكتاب أن يكون مرشداً حقيقياً لحياة الفرد والمجتمع؟ ومن هذه الزاوية، قدم السيد القائد تحليلاً اجتماعياً وسياسياً ودينياً حول فجوة العلاقة بين الأمة وكتابها، وتداعياتها على استقلالها وهويتها.
وهذه العودة إلى الدرس الثالث من سلسلة دروس رمضان للسيد القائد يحفظه الله في العام 1438هـ، في إطار الحاجة الملحة لاستعراض الخلل المستمر في العلاقة بين الأمة وكتابها، وإبراز الفجوة بين التقدير الرمزي للقرآن والتطبيق الواقعي له في الحياة اليومية، بما في ذلك التأثير على القيم، والسلوك، والمواقف السياسية، والفكرية. لأن هذا الدرس تحديداً قد سلط الضوء على أن القرآن ليس مجرد نصوص للقراءة أو التبرك، بل هو مرشد شامل للحياة، ومصدر للبصيرة، وعمود لاستقلال الأمة الحضاري والسياسي، وهو بذلك يربط بين الفرد والأمة، وبين الروحانيات والواقع العملي، وبين الهدي القرآني والهوية الوطنية والسياسية، وهو ما نحتاج إلى أن يكون في مقدمة الموجهات التي يجب أن تكون حاضرة في مجالات الممارسة والتطبيق العملي في كل شؤون الحياة، لاسيما وأن السيد القائد قد كشف في هذا الدرس عن أبعاد مهمة تتعلق بالوعي الديني والفكري للأمة، وفهم كيفية معالجة الانفصال عن القرآن وما يترتب عليه من تبعية خارجية وضعف في الاستقلالية الفكرية والسياسية، وهذا التحليل يفتح الباب أمام قراءة نقدية لواقع المسلمين اليوم، ويطرح تصوراً لمستقبل يمكن فيه للقرآن أن يستعيد دوره كمرشد شامل للحياة، يُعيد للأمة هويتها وحضورها الحضاري بين الأمم
في مستهل حديثه، ركز السيد القائد على البعد النفسي والوجداني للعلاقة بالقرآن الكريم، موضحاً أن القرآن ليس مجرد نص يُقرأ بل خطاب مباشر من الله إلى الإنسان، يتطلب استجابة وجدانية عميقة، وأوضح أن التأثر بالقرآن ليس شكلياً، بل ينبع من فهم أن هذا الكتاب نور وهداية، وأن تجاهله يؤدي إلى قسوة القلب وضعف التأثر بالقيم الدينية، وفق إخبار الله تعالى في قوله جل وعلى :((لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله))، وهي آية تؤكد أن التفاعل مع القرآن يجب أن يكون على مستوى نفسي وروحي يعكس الخشية والخشوع والتأثر العميق.
من هذا المنطلق، يشير السيد القائد إلى أن القرآن قادر على تطهير النفس من الآفات الروحية والنفسية، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، وتوجيه الإنسان نحو السلوك الصحيح، وهو بذلك يشكل قاعدة أساسية للتربية والوعي. إذ إن كل تقصير في التفاعل مع القرآن، وفق هذا الرؤية، يعني إعاقة القدرة على الفهم الصحيح للحياة واتخاذ القرارات المستنيرة.
هجر القرآن وأزمة التطبيق
أوضح السيد القائد أن كثير من المسلمين أصبحوا يتعاملون مع القرآن بشكل شكلي، حيث يقتصر الاهتمام على حفظه صوتياً أو الاحتفاء به في الطقوس الرمضانية، دون أن يمتد أثره إلى الواقع العملي أو صياغة المواقف والسلوكيات اليومية، وأشار إلى أن هذا الهجران يشبه ما اشتكى منه النبي صلى الله عليه وآله في قوله تعالى : ((وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا ))، وهو ما يبرز استمرار هذ الظاهرة ، ويؤكد السيد القائد أن هذا الانفصال عن القرآن يفتح المجال لتبني مفاهيم غريبة، ويجعل الأمة عرضة للتأثير بالقيم والرؤى المستوردة، بدل أن تكون القرآن مرجعها الأساسي في كل شؤون الحياة.
القرآن والاستقلالية الوطنية والسياسية
من أبرز الأبعاد التي وردت في هذا الدرس، الربط بين القرآن الكريم والاستقلال الفكري والسياسي للأمة، فالسيد القائد، يرى أن الأمة التي تهجر كتاب الله تصبح عاجزة عن اتخاذ مواقف مستقلة، وتصبح متبعة للعدو ، بما يهدد مشروع الأمة الحضاري والسياسي، وفي هذا السياق، وجه السيد القائد انتقاداً للنظام السعودي والتوجه الوهابي، واعتبر أن تبعيتهم للأجندة الأمريكية والإسرائيلية تؤكد الخطر الكبير المترتب على بعد الأمة عن هدي القرآن، هذه التبعية ليست مجرد قضية سياسية، بل انعكاس لضعف علاقة الأمة بالقرآن، الذي كان من المفترض أن يكون مرجعها الأول في تحديد مسارها في الحياة، ورسم استقلالها الحضاري والسياسي.
القرآن كمعيار للحياة والمشروع الحضاري
شدد السيد القائد على أن القرآن الكريم ليس كتاب عبادة وحسب، بل هو معيار للحياة ومرشد للقرارات الفردية والجماعية. واعتبر أن الالتزام بالقرآن هو السبيل لإعادة بناء الأمة على أسس مستقلة، تعزز استقلالها الفكري والسياسي، وتعيد لها مشروعها الحضاري الكامل، فالقرآن يوفر الإطار الأخلاقي والقيمي لكل مواقف الأمة، ويعيد تشكيل وعيها بما يمكنها من تقديم نموذج حضاري راقٍ بين الأمم، قائم على المعرفة والعدل والقيم الإسلامية الأصيلة.
ختاماً
قدم السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي قراءة عميقة ومنظمة للعلاقة بين المسلمين والقرآن الكريم، مجسدة بعداً روحياً، وفكرياً، وسياسياً، محذراً من الانفصال عن القرآن، ومشدداً على أن العودة الحقيقية للقرآن تمثل الطريق لاستعادة استقلال الأمة وهويتها ومشروعها الحضاري، الخطاب ومؤكداً أن القرآن الكريم أساس للوعي والفكر والسلوك، ولتحقيق قيادة مستقلة للأمة في كل شؤون حياتها، بعيداً عن التبعية الخارجية التي تقيد حرية الاختيار والسيادة الفكرية والسياسية.




