موكب جنائزي رسمي وشعبي مهيب لجثمان الشهيد الفريق الركن محمد الغماري رئيس هيئة الأركان العامة

شُيع بالعاصمة صنعاء اليوم في موكب جنائزي رسمي وشعبي مهيب، جثمان الشهيد الفريق الركن محمد عبدالكريم الغماري رئيس هيئة الأركان العامة بوزارة الدفاع الذي استشهد بمعركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”.

وكان في مقدمة المشيعين مفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين، والقائم بأعمال رئيس الوزراء العلامة محمد مفتاح، وعدد من محافظي المحافظات وأعضاء مجلسي النواب والشورى ومشايخ اليمن وقيادات عسكرية وأمنية وشخصيات مدنية واجتماعية، وأعيان وجموع غفيرة من المواطنين.

وقد جرت الصلاة على جثمان الشهيد الفريق الركن محمد عبدالكريم الغماري في جامع الشعب بالعاصمة صنعاء، ولف جثمانه بعلم الجمهورية اليمنية، وسار موكب التشييع على عربة عسكرية، فيما أحاطت ثلة من ضباط حرس الشرف بالجثمان، حاملين صور الشهيد، فيما كانت الموسيقى العسكرية تعزف الألحان الجنائزية الحزينة.

وشهد جامع الشعب وميدان السبعين، حشودًا جماهيرية غفيرة من العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات الذين توافدوا منذ الصباح الباكر، للمشاركة في التشييع، مرددين هتافات العهد بمواصلة الطريق الذي رسمه الشهيد الغماري، فيما كانت فرق التشييع واللجان التنظيمية تستقبل الوفود وتشكل صفوفًا متراصة بعناية، للتنظيم لمراسم التشييع.

وخلال التشييع، عبر مفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين، عن أحر التعازي لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي والقيادة السياسية وحكومة التغيير والبناء والشعب اليمني والأمة الإسلامية وأسر الشهداء بارتقاء كوكبة من الشهداء العظماء على طريق القدس جهادًا في سبيل الله ونصرة للمستضعفين من عباد الله.

وقال “أولاً ما أصابنا من فاجعة يأتي في إطار قول الحق جل وعلا “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ”.

وأضاف “المصاب الجلل والعظيم، لا ينبغي أن يثنينا عن مواصلة دربنا في نصرة المظلومين والمستضعفين من عباد الله، والجهاد في سبيله، حتى نلقى الله وهو راضٍ عنا، والمسألة الثانية أن ما حصل من جهة بعض المرتزقة والعملاء في تعاونهم مع العدو الصهيوني الغاصب وكل من يسير في هذا الفلك، فإن الحق جلّ وعلا قال فيمن يتعامل مع الأعداء ضد الإسلام والمسلمين أنه مرتد”.

واستشهد العلامة شرف الدين على ذلك بقوله تبارك وتعالى “إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدْبَٰرِهِم مِّنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَى ۙ ٱلشَّيْطَٰنُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ، ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِى بَعْضِ ٱلْأَمْرِ ۖ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ”، مؤكدًا أنه ليس في شرط المرتد أن يكون كافرًا بالله واليوم الآخر والرسول عليه الصلاة والسلام، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وإنما يكفي تعامله مع الأعداء، ضد أبناء الإسلام والمسلمين، وهو دليل على ردته عن الإسلام.

وتابع “المسألة الثالثة، إذا علمنا أن شخصًا ما تعاون مع الأعداء، فالواجب الديني يقضي بالتبليغ عنه، ونخبر السلطات المعنية بهذا الشأن، لأن التستر والسكوت عن المنكر، هو منكر بحد ذاته ويُعد مشاركة كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم “من أَحْدَثَ حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لا يُقبل منه صرفٌ ولا عدلٌ”.

ولفت مفتي الديار اليمنية، إلى أن المسألة الرابعة، تتعلق بالتأكيد على أنه لا يجوز التستر على أولئك المجرمين كما قال تعالى “وَلَا تُجَٰدِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا، هَٰٓأَنتُمْ هَٰٓؤُلَآءِ جَٰدَلْتُمْ عَنْهُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا فَمَن يُجَٰدِلُ ٱللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا”.

وجدد التأكيد على أن التستر للظالم والمفسد الذي عُلم فساده وظلمه لا يجوز، “مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٌ مِّنْهَا ۖ وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُۥ كِفْلٌ مِّنْهَا ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ مُّقِيتًا”، مضيفاً: “لقد حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الشفاعة لمثل هؤلاء عندما قال مَن حالَت شفاعتُهُ دونَ حدٍّ من حدودِ اللهِ فقد ضادَّ اللهَ في أمرِهِ”.

وأفاد مفتي الديار، بأن الشهداء العظماء قضوا نحبهم في سبيل الله كما قال تعالى ” مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا، سائلًا الله تعالى للشهداء الرحمة والمغفرة والرضوان والجمع بهم في مستقر رحمته.

بدوره عبر القائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء العلامة محمد مفتاح عن التعازي لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، ورئيس المجلس السياسي الأعلى والمجاهدين العظماء في القوات المسلحة والأمن، وأبناء الشعب اليمني وأسرة الشهيد ورفاقه الشهداء.

وقال: “في هذا الموقف المهيب نودّع علماً بارزاً من أعلام الأمة وشخصية متميزة ومتفردة من رموز وعظماء هذه الأمة، الشهيد المجاهد محمد عبدالكريم الغماري، الذي نشأ على مبدأ الجهاد وتميز بسمو النفس والإخلاص لله سبحانه وتعالى ولقيادته”.

واعتبر الشهيد “أنموذجاً للمجاهد المخلص الصادق المتفاني في أداء واجبه، كتب الله له الانتصارات العظيمة، وكان في مقدمة الصفوف وفي مقدمة الردع، يتحمل مسؤولية عظيمة وجسيمة وكبيرة في مواكبة الميدان وفي بناء المؤسسة العسكرية، التي وصل بحمدالله في جهوده مع زملائه ورفاقه إلى أرقى وأعلى مستوى من العطاء فيها، ولم يترك المؤسسة العسكرية إلا وهي في أوج عطائها وتألقها وهي بحمدالله قد وصلت إلى الطموح الذي يطمح إليه كل حر في هذا الشعب وفي هذه الأمة”.

وأضاف العلامة مفتاح: “الشهيد الغماري من أكثر اليمنيين معرفة لليمن، ولكل موقع في البلد سهولها وجبالها وسواحلها وجزرها، طاف البلاد ومر على مختلف مواقعها ومواضعها ومن أكثر الناس معرفة برجالات وبأسر وبعظماء وشهداء اليمن باعتبار موقعه ومكانته التي كان فيها كرئيس لهيئة الأركان العامة وكركن رئيس في هذه الملحمة الإيمانية اليمانية العظمى”.

وذكر أن الشهيد كان قائداً عسكرياً فذاً، ومتميزاً في الجانب الاجتماعي وله الدور الاجتماعي المهم واهتماماته في الوضع السياسي، وهو صاحب الدور التنموي واهتم بكل تفاصيل حياة المجتمع اليمني، عاش مع الشعب اليمني كل لحظة ودقيقة من حياته، وكان في منتهي التفاني والاهتمام ولم يترك لحظة يستطيع أن يقدم فيها شيئاً لشعبه وأمته إلا وقدمها بكل إخلاص.

وتابع القائم بأعمال رئيس الوزراء قائلاً “يكفي الشهيد شرفاً ومكانة عند الله، أنه من قادة هذه الملحمة الكبرى التي سطرتها الأمة في وجه أعتى طواغيت الدنيا ويكفيه شرفاً ومكانة أن كل أشرار العالم اشتركوا في مؤامرة قتله واستشهاده، وتحالف الشر العالمي هو الذي استهدف هذا القائد العظيم صاحب المكانة الرفيعة والمهابة في جهاده وعطائه”.. مشيدا بالاحتشاد العظيم والحضور المهيب للشعب اليمني في التشييع.

وقد أكد المشيعون، أن استشهاد القائد الجهادي الفريق الركن محمد الغماري، خسارة للقوات المسلحة بوجه خاص واليمن بشكل عام لدوره الكبير بناء القوات المسلحة بمختلف تشكيلاتها وصنوفها العسكرية، جمع بين الاحتراف العسكري والبصيرة الاستراتيجية والبعد الإنساني.

وأشاروا إلى أن غياب القائد الغماري جسديًا لن يثنِ عزيمة القوات المسلحة اليمنية والشعب اليمني في مواصلة الدرب والمضي على طريق الشهداء حتى تحقيق النصر على الأعداء.

وأشاد المشيعون بتضحيات الشهيد الغماري ومواقفه المشرفة في مواجهة قوى العدوان الأمريكي، السعودي، الإماراتي، والصهيوني وكذا تضحيات الشهداء كافة والتي أثمرت نصراً في مختلف جبهات العزة والبطولة والكرامة.

وقد ووري جثمان الشهيد الفريق الركن محمد عبدالكريم الغماري الثرى في روضة الشهيد الصماد بميدان السبعين في العاصمة صنعاء.

وكالة سبأ

مقالات ذات صلة