
تصريحات الزبيدي في نيويورك .. هل هو تصريح عن فك الارتباط بين شمال وجنوب اليمن ؟
تقرير
أثارت التصريحات التي أدلى بها رئيس الانتقالي الجنوبي في اليمن لإحدى القنوات الأمريكية على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، حول مستقبل الوحدة ودولة الجنوب المستقلة الكثير من التكهنات حول مستقبل البلاد وهل تعني تلك التصريحات إعلان رسمي عن بداية مرحلة الانفصال في ظل الأوضاع الحرجة التي تعيشها البلاد…
ويرى مراقبون أن تلك التصريحات التي أدلى بها الزبيدي في نيويورك ليست جديدة وسبق الحديث عنها مرات عديدة وهى أحد المكونات الأساسية التي قام عليها الإنتقالي.
هذا الأمر ربما يتفق عليه قطاع كبير من الجنوبيون وإن كانوا يختلفون حول الجهة المنوط بها حمل تطلعات وأهداف الجنوب، الأمر الذي قد يضع عراقيل أمام تطلعات الانتقالي وربما يؤدي إلى صراعات متعددة الأطراف (جنوبية- جنوبية) وجنوبية ضد الشرعية وأيضا مع أنصار الله ما قد يحول الجنوب إلى ساحة صراع جديدة قد تمتد لسنوات.
يذكر أنه في 22 مايو 1990، توحدت الجمهورية العربية اليمنية (الشمال) وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب) في دولة واحدة، غير أن التوافق لم يدم طويلا، إذ سرعان ما انقلب إلى صراع دموي انتهى بحرب صيف 1994، حاول الجنوب حينها الانفصال مجددا لكنه لم يتمكن من ذلك، وسيطرت قوات صنعاء على عدن، ما أوجد شعورا جنوبيا بأن الوحدة تحولت من مشروع شراكة إلى أداة هيمنة.
ومع مرور السنوات دون حلول تذكر وتراكم شعور الجنوبيين بـ”المظلومية، ظهرت في مطلع الألفية حركات مسلحة تحت مسميات متعددة في محاولات لفك الارتباط بالسلطة المركزية التي يقودها الرئيس علي عبد الله صالح، وفي سنة 2007، انطلق الحراك الجنوبي بقيادة مدنيين وعسكريين سابقين من الجيش الجنوبي، ومع حرب 2015 وسقوط صنعاء بيد الحوثيين (أنصار الله)، دخل الجنوب مرحلة جديدة من الصراع، في 4 مايو 2017، تم الإعلان عن المجلس الانتقالي الجنوبي بوصفه إطارا سياسيا منبثقا عن الحراك الجنوبي.
هل تعني تصريحات الزبيدي في نيويورك إعلان صريح عن فك الارتباط بين شمال وجنوب اليمن وما العراقيل التي تقف في طريق هذا التوجه من المجلس الانتقالي داخليا وخارجيا..!
استعادة الدولة
بداية يقول، منصور صالح، القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي باليمن،”إن حديث الرئيس عيدروس الزبيدي تجديد لموقف المجلس الانتقالي الجنوبي المتمسك بهدف استعادة الدولة الجنوبية، وهو ليس بالجديد وسبق التعبير عنه في مناسبات ومواقف وبيانات كثيرة خلال السنوات الماضية”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “فك الارتباط كما يدرك الجميع يمثل هدفا استراتيجيا لشعب الجنوب، ويتبنى المجلس الانتقالي الوصول إلى هذا الهدف عبر عملية سياسية سلمية، تضمن فك ارتباط سلس يحافظ على أواصر الروابط الاجتماعية والاقتصادية والمصالح المشتركة لأبناء الدولتين”.
وتابع صالح، “ليس من مصلحة الجميع فرض فك الارتباط من طرف واحد، والمجلس الانتقالي حريص على السير في طريق آمن يحقق هذا الهدف، إلا إذا أصرت الأطراف الأخرى، ونتمنى ألا يحدث تجاهل إرادة شعب الجنوب وتضحياته، حينها سيكون للجنوب بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي حق الدفاع عن تطلعاته المشروعة وأهدافه التي سقط في سبيلها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى”.
رسائل طمأنة
وأشار القيادي بالمجلس، إلى أن “تصريحات الزبيدي الأخيرة حملت رسائل طمئنة مهمة للشارع الجنوبي بقرب الوصول إلى أهدافه، كما طمأنت الشارع الشمالي والشركاء في السلطة، بأن الجنوب لن يتخلى عن واجباته الأخلاقية والوطنية بالثبات على الهدف المشترك المتمثل بالقضاء على المليشيا الحوثية (أنصار الله) شريطة توافر الجدية لدى هذه الأطراف لقتال الحوثي، مع التذكير أن هذه المعركة لن تظل مفتوحة وأن شعبنا لن ينتظر طويلا في حال عدم توافر عامل الجدية للقضاء على المليشيا”.
مشروع سياسي
من جانبه يقول، الشيخ هاني محمد اليزيدي، رئيس “الحركة المدنية الديمقراطية”، منسق “التحالف الوطني الجنوبي” باليمن، “أنا أعتبر تلك التصريحات نوع من المؤامرة التي تكاد على اليمن، هناك نوع من التحالف بين الانتقالي وبين عناصر من أتباع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وما سمعناه عن ضم محافظتي أو الحديث عن ذلك لا يمكن أن يكون في مخيلة الانتقالي، بل ليس هناك مشروع سياسي يتبلور في ذهن الانتقالي حول تعز ومأرب، ليس في أدبيات الحراك الجنوبي ذلك، بل يقوم على أساس التحرير والاستقلال على حدود الدولة في العام 1990 أي قبل الوحدة”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “أي خروج عن الثوابت التي قام عليها الحراك والدخول في مشروع توسعي، هذا الأمر غير موجود في عقلية الانتقالي ولم يناقش في أي من اجتماعاته منذ تأسيسه، إنما هى مخططات تكاد على اليمنيين من أجل خلق صراع (يمني – يمني)، لأنهم رأوا أن انحصار هدف الانتقالي في الانفصال لا تلبي مشروعهم في التحديات خارج الجنوب، لذا طلبوا من رئيس الانتقالي أن يقوم بالتصريح بعد ترتيب كل الأمور وتحديد المطلوب، وهذا إشارة إلى أن الانتقالي سوف يوجد تحالفات قادمة في تلك المناطق”.
وتابع اليزيدي: “لو كان المقصود من التصريح حول تعز ومأرب هو المناطق الشمالية الموجودة تحت سيطرة الشرعية اليمنية لذكر الساحل الغربي والمخا، لكن الزبيدي وقع في المخطط وصرح بخصوص تعز ومأرب والمعروف أن هناك صراعات يمنية- يمنية، فالمراد تمديد الصراع بالتحالفات ما بين أنصار الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح مع الانتقالي، حيث يرون أنهم قدموا الكثير للانتقالي ولم يأخذوا ما يريدون”.
تعز ومأرب
وأشار اليزيدي، إلى أن،”القضية الجنوبية قامت منذ 1994 على مطلب استعادة الدولة الجنوبية بحدود ما قبل 22 مايو/أيار 1990 (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، لذا فإن إعلان ضم محافظات شمالية إلى الجنوب (تعز ومأرب) يغير هذه الحدود التاريخية ويقوض الأساس القانوني والسياسي للقضية، فبدلا من أن تبقى “قضية استعادة” تصبح “مشروعا لتأسيس كيان جديد بحدود مختلفة” يفقد مرجعيته أمام المجتمع الدولي”.
واستطرد: “الجنوب مبني على هوية تاريخية مرتبطة بتجربة دولة مستقلة (1967–1990)، أليس ضم مناطق شمالية يؤدي إلى تذويب هذه الهوية وتحويل النضال من تحرير وطن محتل إلى تنافس نفوذ سياسي، مما يطعن في المبرر الرمزي والعاطفي لشعار “استعادة الجنوب”، لأن دمج محافظات ذات هويات وقوى شمالية سيدخل المشروع الجنوبي في صراعات داخلية جديدة بدلا من تحرير ينهي هيمنة الشمال، والنتيجة المحتملة هي فقدان التماسك الداخلي للجنوبيين وتحويل القضية إلى صراع نفوذ بدل مشروع استقلال ذي شرعية قانونية وتاريخية”.
يشهد اليمن تهدئة هشة منذ إعلان الأمم المتحدة، في الثاني من أكتوبر 2022، عدم توصل الحكومة اليمنية وجماعة “أنصار الله” إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة التي استمرت 6 أشهر
ويعاني البلد العربي منذ سنوات عديدة صراعا مستمرا على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً وجماعة “أنصار الله”، انعكست تداعياته على مختلف النواحي، إذ تسبب في أزمة إنسانية تصفها الأمم المتحدة بأنها واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم.
وتسيطر جماعة “أنصار الله” منذ سبتمبر 2014 على غالبية المحافظات وسط وشمال اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية في 26 مارس 2015 عمليات عسكرية دعماً للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.
المصدر: سبوتنيك