
صيادو غزة.. مأساة تتأرجح بين الجوع والبطالة
لم تعد شواطئ غزة كما كانت قبل الحرب، بل تغير الوجه البحري بفعل 23 شهراً من حرب الإبادة الجماعية، ليغدو الميناء الذي كان مقصدًا للمتنزهين، ملاذًا للنازحين وخيامهم، وميدانًا لمعاناة الصيادين الذين فقدوا أرزاقهم ومراكبهم وشباكهم.
على رصيف الميناء، يجلس الصياد محمد السلطان ممسكًا بشبكة بالية عالقة فيها بضع سمكات صغيرة. بحسرة يقول لوكالة “سند”: “هذه المهنة لم تعد مجدية.. خسرنا المراكب والشِباك في الحرب، ولم يبق لنا إلا هذه الشبكة، يوم نخرج بصيد وعشرة أيام نعود بلا شيء”، مضيفًا: “هينا مرميين في المينا، يوم بناكل ويوم بننام على الجوع”.
ويشير السلطان إلى أن الميناء الذي كان قبل الحرب متنفسًا للعائلات تحول إلى مكان مكتظ بالنازحين، يعج بالبعوض والذباب في ظل الحر الشديد، قبل أن يوجّه رسالة للعالم العربي قائلاً: “المساعدات من الجو لا توقف الجوع.. لماذا لا يوقفوا الحرب ويريحون الناس؟”
أما الصياد أبو رامي الهسي، فقصته تختزل حجم الكارثة؛ إذ كان يمتلك أسطولًا يضم لنشين كبيرين و10 مراكب صغيرة، قُدّرت قيمتها بمليون ونصف دولار، لكنها دُمرت جميعها خلال العدوان الاسرائيلي.
ويقول: “أرجعتتا الحرب خمسين سنة إلى الوراء، لم يبق أمامنا سوى مراكب التجديف البدائية التي كنا نستخدمها قبل عقود”.
ويضيف أن الميناء فقد روحه، بعدما كان ساحة للمتنزهين بات اليوم مأوى للنازحين ومسرحًا للجوع والبطالة، مؤكدًا أن العدوان الاسرائيلي لم يترك أحدًا إلا وأصابه أذاه، بمن فيهم الصيادون.
وفي مشهد يلخص القسوة، استشهد صباح أمس السبت الصياد حسن الهبيل (51 عامًا) برصاص زوارق العدو الإسرائيلي الحربية أثناء عمله في عرض بحر غزة، فيما أصيب صياد آخر. وتواصل سلطات العدو اعتقال 25 صيادًا دون الكشف عن مصيرهم.
ومع استشهاد الهبيل، يرتفع عدد الصيادين الذين قضوا بنيران العدو الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر2023 إلى نحو 210 صيادين، في مسلسل استهداف لا يزال يلاحق من تبقى منهم على شواطئ غزة، حيث لا البحر يُنصفهم، ولا الشباك تملأ أفواه الجوعى.