شعارُ الأحرار

د/ فاطمة بخيت

 

تمُرُّ أحداثٌ كثيرة وكبيرة، وكلما تقدم الزمن بنا أكثرَ تجلت حقيقةُ الأشياء من حولنا أكثر، أحداثٌ متسارعة، هناك من يشاركُ في صنعها، وهناك من يتأثر بها وله ردة فعل تجاهها، وهناك من نال منه التبلد واللامبالاة.

 

استكبارٌ عالمي يتحكم في مجريات الأمور، يعمل على تغيير ملامح العالم بحسب سياسته التي تقتضي أن تسير الأمور لصالحه حتى وإن دمّـر العالم وقتل أهله، لكن رغم سياسَة التدجين التي يستخدمها ضد أبناء الأُمَّــة، إلا أنّ هناك من استقرأ الأحداث وشخّصها ممن اختارهم الله واصطفاهم، وعرف ما ستؤول إليه، ليس عن طريق التنجيم أَو ادِّعاء علم الغيب وغيرها من الوسائل، وإنّما عن طريق البصيرة النابعة من ملازمة القرآن والتدبر والتأمل في آياته، القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا يمكن أن يتغير أَو يتبدل ما يهدي ويرشد إليه، حقائق ثابتة وراسخة وضحت المخرج وسبل النجاة التي تسلكها الأُمَّــة للنجاة من أية فتنة أَو مشكلة تقع فيها، كما عرّفنا بالعدوّ الأزلي لهذه الأُمَّــة، وعرفنا حتى بنفسيته، وأعماله الضلالية، ووضح كيفية التعامل معه والنجاة من كيده ومكره.

 

انطلق شعار الأحرار من سيد الأحرار في تاريخنا المعاصر، السيد حسين بدرالدين الحوثي، ولم يبالِ بقوى الاستكبار وغطرستهم وجبروتهم مقابل أن يستنهض الأُمَّــة لمواجهة الخطر المحدق بها لمواجهة المشروع الشيطاني لاستهدافها، والذي بدت ملامحه واضحة وجلية في واقع الناس وتصرفاتهم ومواقفهم، واقع مظلم وتعيس بلغ أقصى مدى من التيه والانحراف، فالفساد في الأرض هو العنوان الأبرز لتحَرّك أعداء الله، كما ذكر ذلك القرآن الكريم.

 

لم يدخر السيد حسين جهداً في سبيل توعية الأُمَّــة لتكون أُمَّـة قوية في ذاتها، وفي مواجهة أعدائها، وقد كان رفع الشعار موقفاً مبدئياً للبراءة من أعداء الأُمَّــة، وإثارة السخط ضدهم، كانت مفرداته نابعه من هدي القرآن وآياته البينات، والذي عمل على يقظة الكثير من أبناء الأُمَّــة، وعرفهم بعدوهم الحقيقي الذي يتربص بهم من كُـلّ اتّجاه، كما أثبت فاعليته في مواجهة أعداء الله، الذين انزعجوا منه انزعَـاجاً كَبيراً، وانزعج منه أَيْـضاً كُـلّ من له علاقة بهم، أَو يخدم المشروع الذي يسعون لإقامته في المنطقة، فتحَرّكوا بأقوى قوتهم ضد كُـلّ من يصرخ بالشعار، وضد حتى كُـلّ من بحوزته ملصق صغير يحوي على الشعار، ومع ذلك واصل الأحرار من أبناء هذا البلد رفعه رغم كُـلّ ما قامت به السلطة الظالمة والعميلة ضدهم حينها من انتهاكات وجرائم.

 

ومع تحَرّك الكثير من أبناء الأُمَّــة، إلا أنّ هناك من خذل نفسه وكبّلها عن التحَرّك في أن يكون له أبسط موقف ضد أعداء الله والإنسانية الذين يميتوننا ليلاً ونهاراً، فيستكثر على نفسه حتى رفع هذا الشعار للبراءة منهم ومن أعمالهم الإجرامية. وبطبيعة الحال من لم يتمكّن من رفعه وبإمْكَانه فعل ذلك، فَـإنَّه لن يتمكّن من القيام بالأعمال الكبيرة في مواجهة هؤلاء الأعداء؛ لأَنَّ نفسيته الضعيفة لن تؤهله لذلك، مهما حاول أن يختلق الأعذار والمبرّرات، ففاقد الشيء لا يعطيه.

 

ورغم مساعي الأعداء لإسكات كُـلّ صوت يصرُخُ ضدهم وضد جرائمهم، ورغم عدوانهم وحصارهم طيلة السبع السنوات على بلدنا، سيبقى هذا الشعار يتردّد، وسيزداد عددُ من يصرخون به في وجه الأعداء في شتى أنحاء العالم، وسيعمل على استنهاض بقية أبناء الأُمَّــة؛ لأَنَّه لا يتعلق بطائفة أَو فئة دون أُخرى، بل يتعلق بأمَّة تجرعت مرارة جرائم عدوّ انتشر فساده وعم مختلف نواحي الحياة.

مقالات ذات صلة