الشهداء.. روَّادُ النصر

وسام الكبسي

 

بريشة العطاء والتضحية رسموا مساراً للأحرار، وبأرواحهم الطاهرة بنَوا لَبِنَاتِ صرح الإسلام المجيد، وطهّروا بدمائهم الزكيَّة العطرةِ الأرضَ من رجس الشيطانِ الأكبرِ وعبيدِه، فنقلوا مظلوميَّة الشَّعبِ اليمنيِّ إلى أرجاء الكون، وزادت دماؤهم العزم لدى اليمنيين فكانوا أشدَّ بأساً وقوةً وعزماً وصموداً وثباتاً وإصراراً على نيل الحريَّة والاستقلال.

 

إن الدماء التي تُسّفك كُـلّ يوم جرّاء الاستهداف الممنهج من قوى الشر وتحالف الشيطان هي وقود الحرية في زمن العبودية، وما ذلك الدمار الذي طال كُـلَّ مقومات الحياة، والحصار الخانق المميت سوى شُعلةٍ أضاءت درب الأحرار من الشعب اليمني الأبي، ولم تكن دموع الأطفال الممزوجة بدماء أقرانهم وآبائهم مع دموع الثكالى إلا دافعاً حرّك الوجدان، مدغدغاً أحاسيس الحنين للنزال في ميادين الشرف لنيل الوسام والمقام العظيم عند الله سبحانه وتعالى بعد التزود من هدى الله والارتواء من معين أعلام الهداية وقرناء القرآن.

 

إن الإيمان الراسخ بعدالة القضية نابعٌ من الإيمان المطلق بالله الذي ثمرته التسليم الحرفي والعملي والامتثال لتوجيهاته سبحانه وتعالى، فكان تحَرّكهم الجاد والمسؤول للجهاد في سبيل الله تعالى ذوداً عن الدين والكرامة والعرض والشرف، فرسموا طريق العزة لمن بعدهم فخراً بقيادتهم الربانية واعتزازاً بالمنهج الذي يسيرون عليه، فقدَّموا مواقفَ أذهلت فطاحلة العالم في كُـلّ الجوانب المعنوية والتكتيكية والعسكرية، داسوا أفخرَ الصناعات الحربية بأقدامهم الحافية وكانت صفعة مدوية وإهانة مروَّعة لتحالف الشر، وما كان إحراقهم لتلك الأرتال من الآليات بالولاَّعات سوى رسالة يفهمها الإسرائيلي قبل غيره؛ لأَنَّ الثقة بالله والرعاية الإلهية والنصر لأوليائه سننٌ ثابتة يعيها اليهود ويدركون جيِّدًا خطورة من يحظون بمعية الله ورعايته.

 

كان تحَرّك شهداؤنا العظماء على خط الشهادة الحقيقي بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ لأَنَّ الدافعَ الإيماني والاستجابة لله امتثالاً لأمره -سبحانه وتعالى- ورغبةً فيما عنده، فلم ينطلقوا للقتال؛ مِن أجلِ المادة أَو المُرتّب أَو المنصب أَو حفاظاً على المكانة، ولم يملكوا مشاعر الاعتداء والتسلط والاستحواذ والهيمنة، أَو في خط الارتزاق والعمالة والارتهان، بل بذلوا أموالهم وأنفسهم رخيصةً في سبيل الله طالبين رضاه عنهم ليس إلا، فصبروا على البأساء والضراء والمعاناة والحاجة والفقر، حتى نالوا بشارةَ الله وفضلَه.

 

إن أشلاءَهم الطاهرة صنعت بركاناً نَبْعُهُ القبيلة اليمنية الأبية سيجرف قوى الغزو، تحَرّكوا وجميع جوارحهم تهتفُ الموت لأمريكا، فتحولوا إلى ثورة في وجه الاستكبار العالمي لمنعه من ممارسة التسلط والاعتداء والإفساد بكل أنواعه، فكانوا إعصاراً ليخلصوا اليمن من الوَصاية.

 

ومن ثمار دمائهم -المبذولة عن طيبِ خاطرٍ- أن عرفنا المفسِد من المصلح، والوطني من الخائن والمنافق، وعرّوا بأشلائهم الأممَ المتحدة ومنظماتها المزيّفة ووظائفها الاستخباراتية وديمقراطيتها الكاذبة، كاشفين للعالم حقيقة الإرهاب ومن خلفَه، وأبانوا للمسلمين حقيقة خدّام البيت الأبيض الذين كانوا يدَّعون ليلَ نهارَ عبر أبواقهم من الوهَّـابية والإخوانية أنهم خدَّام الحرمين، وأبانوا نفسيات المنافقين وخطورتهم على المجتمعات.

 

لهم ننحني إجلالاً وفي مقامهم الشريف نقفُ خَجِلين، ولهم العهدُ بأنّا على خُطاهم سائرون.

مقالات ذات صلة