أنين طفلة ورقة فراشة…

عمران نت / 1 / 8 / 2019

خاص عمران
// مقالات // حليمة الوادعي
كانت تجلس بجوار جدراً مدمر ويدها تقلب الحجار المتناثرة، نظراتها حائرة ويبدو عليها ملامح التفكير العميق.

مرت من جوارها فراشة فنظرت إليها وقالت : مابك ياجميلتي الصغيرتي هل أنتي جائعة؟
فقالت الطفلة: لست جائعة ولكن أرهقني التفكير بمايحدث.

فقالت الفراشة: وكيف لطفلة صغيرة مثلك أن تنهمك في التفكير بدلاً عن اللعب والضحك والمرح.
فابتسمت الطفلة وقالت: كيف لطفلة أن تلعب ووالدها لم يجف قبره بعد.
فحزنت الفراشة وقالت: أعتذر، ولكن هل توفى والدكي بمرض؟
فنظرت الطفلة وقالت: كان يعاني من مرض الكرامة ويشكو من عزته التي أوجبها الله لها ولعبادة المؤمنين.

فاندهشت الفراشة من رد الطفلة وفكرت بأن لاتزيد حزنها في تذكيرها لوالدها، وقررت أن تنسيها الأمر بالسؤال عن والدتها، ولكن الطفلة أجابت: والدتي أنعم الله عليها بحالة إغماء وأتمنى أن تطول هذه الحاله.
غضبت الفراشة وقالت: كيف تكرهين والدتكي هكذا؟
فقالت الطفلة: هل تفضلين أن تنامي وأولادكي بجواركي مطمأنين ثم تستيقضي لتجدي منزلك مدمر وابنك قصف وزوجك دفن وابنتك تشردت؟

بكت الفراشة من هذه الكلمات وأحست أن قلبها تمزق من حال هذه الطفلة وقالت لها: لا عليك عزيزتي، فاذهبي لتلعبي مع أخاً لك أن كان يوجد؟
فقالت الطفلة: أخي الكبير قصف وتهمته أنه كان يلعب معي!.

لم تعد تستطيع الفراشة أن تكمل حوارها مع الطفلة فانصرفت بهدوء، وفي عودتها لمنزلها فكرت في أن تستدعي الطفلة لمنزلها فعادت سريعاً وتفأجات بأن الطفلة تلعب مع الأطفال وهي تضحك فنادتها وقالت لها: كيف كل أن تتصنعي هذه الضحكات وتستحمل كل ذلك الوجع الذي بداخلكي؟!

ابتسمت الطفلة وقالت: على الرغم مما حدث معي إلا أنني مؤمنة بأن الله يسعيد حقي وحق أسرتي فإن كان والدي قد توفى فيكفيني تاريخه الذي تركه لي ، وإن كانت والدتي تتصارع مابين الحياة والموت فيغنين أنها أحسنت تربيتي وأخلاقي، وأن رحل أخي فاكتفيت بما علمني من صبر وتحمل وشجاعة ، أنا واثقة بمن نصف المظلوم من الظالم وانتقم من الجبارين عن المستضعفين.

أنصتت الفراشة حتى انتهت الطفلة من الكلام ثم قالت لها: على روحك السلام فأي طفلة أنتي وأي كلمات هذه التي جعلت حروفي تضيع وتتناثر.

ابتسمت الطفلة وأخذت كلام الفراشة بمثابة شهادة لها، وما إن قررت أن تعود للعب مع الأطفال حتى نادتها الفراشة وقالت لها: ماهو اسمك ياصغيرتي؟
فابتسمت الطفلة وأجابت: أنا الطفولة اليمنية.

#اتحادكاتباتاليمن

مقالات ذات صلة