
تقسيم غزة على الطاولة.. الجارديان تكشف خطة الجيش الأميركي للمناطق الحمراء والخضراء
يخطط الجيش الأميركي لتقسيم قطاع غزة على المدى الطويل إلى منطقتين “خضراء” تحرسها قوات دولية وإسرائيلية، تبدأ فيها عملية الإعمار، و”حمراء” تُترك في حالة خراب، وفق وثائق تخطيط عسكري أميركي اطلعت عليها صحيفة ذا غارديان البريطانية، ومصادر مطلعة على الخطط الأميركية، وفق ما ذكرته الصحيفة في تقرير الجمعة.
وبحسب الصحيفة، ستنتشر قوات أجنبية في البداية إلى جانب الجنود الإسرائيليين في شرق غزة، مما يترك القطاع المدمّر مقسماً وفق “الخط الأصفر” الذي تسيطر عليه إسرائيل حالياً.
وقال مسؤول أميركي، طلب عدم الكشف عن هويته: “من الناحية المثالية، تريد أن تعيد القطاع كياناً واحداً، صحيح؟ لكن هذا يبقى طموحاً. سيستغرق الأمر بعض الوقت، ولن يكون سهلاً”.
وبعد أسابيع من ترويج إعادة الإعمار من خلال إقامة مخيمات مسيّجة لمجموعات صغيرة من الفلسطينيين، يشار إليها باسم “المجتمعات الآمنة البديلة”، تم إسقاط هذه الخطط هذا الأسبوع، بحسب المسؤول الأميركي. وقال: “هذه لمحة سريعة عن فكرة طُرحت في وقتٍ ما. وقد تجاوزوها بالفعل”.
ويأتي هذا في وقت تأمل فيه الولايات المتحدة في أن يصدر مشروع قرار من مجلس الأمن الدولي، مطلع الأسبوع المقبل، يمنح القوات الدولية المزمع نشرها في غزة تفويضاً رسمياً، وتتوقّع أن تتبع ذلك تفاصيل واضحة حول الدول التي ستشارك في هذه القوات.
وفي السياق، قال المسؤول الأميركي: “الخطوة الأولى هي أن نحصل على القرار. الدول لن تقدّم التزامات نهائية قبل أن ترى فعلياً نصّ القرار الذي تم اعتماده”.
واستبعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أنهت خطته حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، نشر أي جنود أميركيين على الأرض لتمهيد الطريق أمام الانسحاب الإسرائيلي أو تمويل إعادة الإعمار. وقال مصدر دبلوماسي في هذا الإطار: “كانت الولايات المتحدة واضحة جداً بأنها تريد وضع الرؤية، لا أن تدفع تكلفتها”.
وتظهر الوثائق، وفق “ذا غارديان”، أن القيادة المركزية الأميركية “سنتكوم” أعدّت في وقت سابق هذا الشهر، خططاً لوضع قوات أوروبية، تشمل مئات الجنود البريطانيين والفرنسيين والألمان، في صلب قوة الاستقرار الدولية.
وتشمل الخطط ما يصل إلى 1500 جندي مشاة من المملكة المتحدة، ممن يمتلكون خبرات في تفكيك المتفجرات والطبابة العسكرية، إضافةً إلى ما يصل إلى 1000 جندي فرنسي لتولّي مهام تأمين الطرق وإزالة العوائق.
وأرادت الولايات المتحدة كذلك، وفق الخطة، مشاركة قوات من ألمانيا وهولندا ودول الشمال الأوروبي، لتولّي إدارة المستشفيات الميدانية واللوجستيات والاستخبارات.
ووصف أحد المصادر تلك الخطط بأنها “أوهام”، إذ بعد المهمات الطويلة في العراق وأفغانستان، من غير المرجّح أن يقبل كثير من القادة الأوروبيين بالمخاطرة بحياة جنودهم في غزة، رغم تعهّدهم بتقديم دعم من نوع آخر.
ولم تُبدِ سوى إيطاليا استعداداً محتملاً للمساهمة بقوات. من جهته، قال مسؤول أميركي إن الأرقام الواردة في الوثائق تحتوي على “العديد من الأخطاء”، وإن واشنطن لم تكن تتوقع أن تشكّل القوات الأوروبية جوهر قوة الاستقرار الدولية، مضيفاً أن التخطيط لغزة يسير بخطى سريعة.
واعترف المسؤول بأن “الوضع ديناميكي جداً وسريع التغيّر. هناك عدد قليل فقط من الأشخاص يفهمون فعلياً ويملكون زمام الأمور في هذا الملف”.
وتحدد “خطة العمليات” الأميركية لقوة الاستقرار الدولية، أن هذه القوات ستعمل فقط في “المنطقة الخضراء”، وتريد الولايات المتحدة نشر القوات “بشكل محدود” في منطقة صغيرة بعدد قليل من الجنود، ثم التوسع تدريجياً حتى تصل القوة الكاملة إلى 20 ألف جندي في كامل المنطقة.
ووفق الصحيفة، لن تعمل القوات على الجانب الغربي من “الخط الأصفر”، حيث تعيد حركة حماس فرض سيطرتها، بحسب قولها. وهنا قال المسؤول الأميركي: “لن تخرجوا من (المنطقة الخضراء)”.
وتوضح وثيقة أخرى خططاً لنشر الجنود الأجانب على المعابر على طول خط السيطرة، بعد “الاندماج” مع القوات الإسرائيلية المتمركزة هناك، وهي مهمة قد تثير قلق الدول المحتملة المساهمة بالقوات، إذ تخشى الوقوع في تبادل نيران بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي، كما أن الحدود غالباً ما تكون نقاط توتر محتملة. وتخشى هذه الدول أيضاً من اتهامات بأن قوة الاستقرار الدولية تدعم استمرار الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة.
وتتابع الصحيفة في حديثها عن نصّ الخطة، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي سينظر في “شروط الانسحاب” من غزة في مرحلة لاحقة بعد إنشاء القوة الدولية، من دون تحديد جدول زمني لذلك.
ووفق المسؤول الأميركي، فإن إعادة توحيد غزة جزء من عملية “نقلها نحو الاستقرار والسلام الدائم، والانتقال إلى الحكم الدولي”، مشدداً على أنه من المستحيل تحديد موعد لحدوث ذلك.
وتشير الصحيفة إلى أن المخططين العسكريين الأميركيين يرون أن إعادة الإعمار داخل “المنطقة الخضراء” تشكّل جزءاً من مسار غامض لإعادة توحيد غزة عن طريق إقناع المدنيين الفلسطينيين بالانتقال إلى ما وراء خط السيطرة الإسرائيلية.
وقال المسؤول الأميركي: “مع تقدّم الأمور وتهيئة الظروف لتحقيق تقدم ملموس في إعادة الإعمار، سيبدأ المدنيون في غزة بالانتقال إلى هناك والازدهار. وسيقول الناس “نريد هذا”، وهكذا تتطور الأمور في ذلك الاتجاه. لا أحد يتحدث عن عملية عسكرية لإجبارهم على ذلك”.
متابعات




