
الاعتداءات الصهيونية في الضفة الغربية.. تصاعدٌ ممنهج يُكرِّس سياسة الضم والتهجير والتهويد القسريين
ومرّت هذه الاعتداءات، بفترات تصاعد مضطرد ، لاسيما في الفترة الأخيرة ، وتشارَك في تنفيذها جنود العدو وقطعان المستوطنين الصهاينة الذين سمحت لهم حكومة العدو باقتناء السلاح، بل شاركت في تسليحهم، و شجعتهم على الاعتداء على الفلسطينيين، وقامت بحمايتهم، في معظم الأوقات، تحت مبرر “الدفاع عن النفس”.
وتؤكد مصادر فلسطينية، أن اعتداءات المستوطنين أصبحت منسقة ومخططة، ومعد لها مسبقاً، ولم تعد عشوائية كما كانت سابقا، وتهدف إلى تهجير الفلسطينيين من قراهم.
ولم تقف اعتداءات الصهاينة عند اقتحامات ومداهمات منازل الفلسطينيين والاعتقالات التعسفية، بل تعدت ذلك إلى إطلاق الرصاص الحي وهدم المنازل وقصف المدن الفلسطينية، وتقطيع أوصال الضفة الغربية بإقامة حواجز وبوابات حديدية تفصل كثير من الطرق الواصلة بين المدن والبلدات، وهو ما أدى إلى صعوبة التنقل وإعاقة حركة المواطنين الفلسطينيين.
وبموازاة جريمة الإبادة الجماعية في غزة، صعّد جيش العدو الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 1012 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف، وفق معطيات رسمية فلسطينية.
وأظهر تقرير فلسطيني، أن العدو الإسرائيلي اعتقل نحو 18 ألفا و500 فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة، منذ أن بدأت جريمة الإبادة في قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023.
وحسب مصادر إعلامية، فقد صدر التقرير عن ثلاث مؤسسات؛ هي هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان.
وأفاد التقرير بأن الرقم يشمل من أبقى جيش العدو الإسرائيلي على اعتقالهم، ومَن أُفرج عنهم لاحقا.
وبحسب التقرير نفسه، بلغ إجمالي عدد الأسرى في سجون العدو حتى بداية يوليو الماضي نحو 10 آلاف و800، منهم 49 سيدة، و450 طفلا، وهو العدد الأعلى منذ انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الثانية) عام 2000.
كما أفاد بارتفاع حصيلة الاعتقالات في صفوف النساء إلى نحو 570، ووثّق ارتفاع حالات الاعتقال في صفوف الأطفال بالضفة الغربية إلى ما لا يقل عن 1500 حالة.
وبلغ عدد المعتقلين من الصحفيين أكثر من 194، لا يزال 49 منهم رهن الاعتقال، بحسب التقرير.
وأكدّت المؤسسات الثلاث، أن حملات الاعتقال المستمرة ترافقها جرائم وانتهاكات متصاعدة، منها التنكيل والاعتداء بالضرب المبرح، وتهديدات بحق المعتقلين وعائلاتهم، وعمليات التخريب والتدمير الواسعة في منازل المواطنين، والاستيلاء على المركبات والأموال والمصاغ الذهبي.
وفي ذات السياق، ذكر مركز معلومات فلسطين (معطى) أن جيش العدو والمستوطنين نفذوا 7514 انتهاكاً في الضفة والقدس المحتلة خلال شهر سبتمبر الماضي، وأن 16 شهيداً و248 جريحاً فلسطينياً سقطوا نتيجة تلك الاعتداءات.
من جانبها، قالت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، في بيان، إن الاعتداءات تنوعت بين “هجمات مسلحة على قرى فلسطينية، وفرض وقائع على الأرض، وإعدامات ميدانية، وتخريب وتجريف أراض، واقتلاع أشجار”.
كما شملت “الاستيلاء على ممتلكات فلسطينية، إلى جانب تنفيذ إغلاقات، ونصب حواجز تقطع أواصر الجغرافيا الفلسطينية”.
وأضاف البيان أن “المستوطنين حاولوا إقامة 11 بؤرة جديدة منذ مطلع سبتمبر، غلب عليها الطابع الزراعي والرعوي”.
وتقام المستوطنات بموافقة حكومة العدو الإسرائيلية، بينما البؤر الاستيطانية يقيمها مستوطنون دون موافقة الحكومة، وجميعها غير شرعية بحسب القوانين الدولية.
وفي إطار تكثيف إنشاء المستوطنات، فقد أصبح هناك قرارًا لتهجير قسري للتجمعات البدوية في الضفة الغربية بقوة السلاح، ومن خلال هذه الإجراءات جرى تهجير 35 تجمعاً، بدعم لا محدود من حكومة العدو للمستوطنين، سواء بالتمويل أو شرعنة البؤر الاستيطانية، أو توفير الحماية لهم بارتكاب الجرائم وعدم المحاسبة.
وفي هذا السياق لا يمكن تجاوز مصادقة رئيس وزراء حكومة العدو الإسرائيلي مجرم الحرب، نتنياهو، خلال سبتمبر الماضي، على خطة (E1) لتوسيع المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية المحيطة بالقدس المحتلة.
وأوضحت محافظة القدس، أن مشروع (E1) يُعتبر من أخطر المخططات الاستيطانية، إذ يمتد على مساحة 12 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية المستولى عليها من بلدات: العيساوية، والطور، وعناتا، والعيزرية، وأبو ديس، ويهدف إلى خلق تواصل جغرافي مباشر بين “معاليه أدوميم” والقدس المحتلة، بما يعني عزل المدينة عن محيطها الفلسطيني، وقطع التواصل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها.
114 بؤرة استيطانية خلال عامين
وكشف تقرير خاص لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، في ذكرى مرور عامين على جريمة الإبادة، عن إقامة المستوطنين خلال هذين العامين 114 بؤرة استيطانية جديدة، في رقم اعتبره رئيس الهيئة مؤيد شعبان، بأنه غير مسبوق في سياسة البلطجة وفرض الوقائع، مقارنة بـ190 بؤرة قبل السابع من أكتوبر 2023، أي بارتفاع بلغ نحو 60%.
ووصل منسوب مصادرة الأراضي ونزع الملكية لا سيّما تحت مسمى “أراضي الدولة” خلال عامين؛ إلى قرابة نصف ما صادره العدو منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993.
وبحسب التقرير، فقد بلغت مساحة الأراضي التي صودرت 55 ألف دونم من خلال 108 أوامر وضع يد لأغراض عسكرية أدى جزء منها لفرض 25 منطقة عازلة حول المستوطنات، و6 أوامر استملاك، و14 إعلان أراضي دولة، و6 إعلانات مصادرة لمحميات طبيعية فلسطينية.
وضمن تلك المصادرات، خصّصت دولة العدو ما مجموعه 16 ألف دونم من أراضٍ مصادرة لصالح رعي المستوطنين، وهو مايثبت رعاية حكومة العدو لإرهاب المستوطنين المسلحين في السيطرة على الأراضي بحجج الرعي والزراعة.
وأكد التقرير أن دولة العدو قرّرت خلال فترة جريمة الإبادة؛ فصل 13 حياً استيطانياً واعتبارها مستوطنات مستقلة، وأضافت قراراً بإقامة 22 مستوطنة جديدة، وقررت شرعنة 11 بؤرة، لتضاف إلى قائمة مكونة من 68 بؤرة زراعية قرّرت حكومة العدو مدّها بالبنى التحتية كافّة.
وفيما وصل عدد الإخطارات المسلّمة للفلسطينيين إلى 1667 إخطاراً للهدم، في مقابل ذلك بلغ عدد عمليات الهدم 1014 عملية تسببت بهدم 1288 منشأة، وهو ما يعد ارتفاعا غير مسبوق في إطار منهجية استهداف البناء والنمو الطبيعي الفلسطيني.
ووصل عدد الحواجز العسكرية والبوابات إلى 916، منها أكثر من 243 بوابة حديدية جرى استحداثها بعد السابع من أكتوبر 2023، في سياسة منظمة وممنهجة تهدف إلى تفكيك الجغرافيا الفلسطينية وتثبيت تواجد قوات العدو الاسرائيلي بشكل دائم.
في القدس المحتلة؛ يسجل المسجد الأقصى اقتحامات يومية لباحاته من قطعان المستوطنين، علاوة على ما تشهده القدس وضواحيها وبلداتها من عملية تهويد ممنهج تقوم به سلطات العدو، ويشارك في هذه العملية بضراوة المستوطنون من خلال تواتر الاعتداءات، التي تستهدف التهجير والتهويد القسريين.
وخلصت حركة الأحرار الفلسطينية إلى “أن ما يفعله قطعان المستوطنين الصهاينة بحق أهلنا بالضفة، هو إمعان في حرب الإبادة الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني وأماكن تواجده، وبدعم من قبل الحكومة المتطرفة في محاولة من هذا المحتل الغاصب لكسر إرادة شعبنا، وتهجيره من أرضه جبراً، وتناسى المغتصبون وقادتهم النازيون أن الفلسطيني متجذراً بأرضه مهما بلغت التحديات وعظمت التضحيات”.
ما سبق ذكره، ليس سوى غيض من فيض الاعتداءات الصهيونية، التي لا تتوقف، و جزءا يسيرا من منظومة الانتهاكات، التي لا تعد مجرد تجاوزات فردية معزولة هنا وهناك، بل تمثل ما يرقى إلى نظام فصل عنصري ممنهج تُمارسه حكومة العدو الاسرائيلي في وضح النهار، متحدّية بذلك كل القرارات والمواثيق الدولية والحقوق الفلسطينية الأصيلة.