اليمنُ تتفرَّدُ برِحابِ الاستقبال

كوثر العزي

عالَمٌ يَعُجُّ بالفجور، وتتعالى فيه الأصوات النكرة، تفوحُ منه روائحُ سامةٌ تبثها أمريكا؛ لتُخضِعَ الشعوبَ تحتَ أقدامها، وتجعلها تعيشُ حياتها كـالأنعام بل أظل، جاهلية اليوم أشد وأكفر من السابقة، طغيان فاق، وظلام ساد، وحقد فاق، والغرب وصل للمراد، ومن اتبع الطريق واقتفَاء آثار العظماء يشار عليهم سهم العداء، ليحارب ويترك في قارعةِ الحروب بلا نصير أَو مُعين، مَن مِن الأعراب ينال وسام الشقاء، من صانعة الدمار؟ أين نحن وإلى متى سنقبع في سوداوية النفاق، أين نحن من القرآن وتحذيراته!؟

 

باتت منصات الاحتفالات اليوم مساخة، لا هدف لها سوى إهدار المال، وتشبيع الأنفس بالملذات، والغرق في متاع هذه الدنيا أكثر فـأكثر، باتت العروبة بعيدة عن الإسلام، وترتدي رداء التحرّر والتطور، بعيدون كُـلّ البعد عن الدين وعن زكاء النفس، والانتماء للشخصية المؤمنة، أميالاً قطعوها للابتعاد عن مسار الحق، انحازوا عن نهج الرسول، وتزعزعوا عن الصراط المستقيم، باتت المناسبات يستضاف بها الفاسقون والضالون؛ بحجّـة الترفيه، دون خزي أَو عار من تلك الأفعال، ولو كانت الجبال تحكي لخرت باكيةً من هول المناظر، ولو كان للبحر أمرٌ لأغرقهم بطوفان يهلكهم في طغيانهم، إلى أين، ها هي السعوديّة اليوم تفتح بارات رقص وتستضيف الملحدين، وأين؟ جوار بيت الله الحرام، وغيرها من البلدان العربية تتفاخر بفعل المنكرات، ألسنا خيرَ أُمَّـةً أخرجت للناس نأمر بالمعروف، أين علماءُ الأقوام، وأين أحرارُ الأمم، أين الغيرة والاستنفار، أصبحتم عبيداً للحرب الناعمة، والتبرج أصبح واجباً!؟

 

أباتت العروبة في مهب الرياح وباتت العبرية اليوم هي من تحكم!؟

 

أين نحن من رسولِ الله ونهجه!؟

 

ما بين كُـلّ هذا وذاك، من عمق الظلام والجهل، من طيات الشقاء والعودةِ للجاهلية، أشرق نور الرسالةِ من عمق اليمن، وبزغت شمس الاستقبال، وصدحت الأصوات ولاح في أفق السماء نوراً سرمدياً، دمّـر الظلم وأنقذ الغرقى، فما بين شهر صفر وربيع أول، يمانيون تميزوا وتفردوا بحب نبيهم، وبحب رسولهم يتنافس العُشاق، ويتفاخر المحبون، يتسابقون، كُلٌّ بطريقته يهيئ ويعد لاستقبال ميلاد الرحمة، ميلاد البشرية، وميلاد النصر، انشدوا فرحاً وطرباً بقدوم النور، أهلاً بمنقذنا ومرشدنا، أهلاً بمن سجد شكراً لله عند دخول أجدادنا الإسلام، أهلاً بمن قال: الإيمان يمان والحكمة يمانية، أنرت بميلادك اليمن يا من قلت: عليكم بأهل اليمن إن اشتدت بكم المحن، أهلاً بسفينة النجاة، أهلاً بحبيب القلوب، ومنقذ النفوس، لبيك والأعراب تصهينوا يا رسول الله وتعربوا، لبيك واليمانيون تحت الحصار يتأهبون للقاء، وبالجبهات يلبون النداء، لبيك وإننا لنصرة مسراك ماضون، ولـنصرة دينك مجندون، لبيك صغارنا وكبارنا يستعدون لساعة اللقاء ليحتفل الشعب بتلك الليلة العظيمة التي حظيت بولادةِ خاتم الأنبياء، يا سيد الأحرار ويا منقذ البشرية من وحل الظلام، يا حبيب القلوب، عجزت القلوب عن وصف ما تحمله لك من حبٍّ وشوقٍ وكأنك بنا تفخر لبييك لبيك.

 

ففي خضم الاستقبال، وتهيئة النفوس وتزكيتها، وفي تزين الشوارع واكتساء اليمن حلتها الخضراء، رغم حقد الحاقدين، وبغض الباغضين سنحتفل، وسنتفرد باحتفالاتنا، وننشد طلع البدر علينا، سنبقى نحن وتبقى اليمن عاصمة الإسلام، وستبقى محطة الاستقبال النبوي، سيزين الفقراء بيوتهم، ويساند التجار الشعب في تزيين الشوارع والجوامع والبيوت، فإن لم يستقبل الأنصار رسولهم، من يستقبله!؟

 

 

مقالات ذات صلة