خياران لا ثالث لهما: هُدنةٌ ومرتبات أَو صواريخُ ومسيَّرات

محمد موسى المعافى

بعد أن عجز الأمريكي وأدواته في المنطقة وفي المقدمة السعوديّ والإماراتي عن تحقيق أية مكاسب عسكرية، رغم الترسانة العسكرية الكبيرة التي استخدمت لجأوا إلى الضغط بالورقة الاقتصادية، من خلال استهداف العملة بطبع عملة مزورة ونقل البنك المركزي إلى عدن ومنع توريد إيرادات النفط والغاز إلى بنك صنعاء، الذي كان يلتزم بصرف مرتبات الموظفين في الشمال والجنوب على حَــدّ سواء، وتسبب هذا العدوان الاقتصادي في انقطاع مرتبات الموظفين وعجز صنعاء عن دفعها، مما تسبب في معاناة كبيرة للموظفين والمتقاعدين.

 

ولم يكتف العدوّ بذلك بل اتجه نحو فرض الحصار على وطننا براً وبحراً وجواً لتشمل هذه المعاناة جميع أبناء شعبنا اليمني العزيز موظفين ومتقاعدين وغير الموظفين، لا لشيء وإنما لهدف إذلالنا واستضعافنا، ولأجل أن يكون رجالنا عبيداً أذلاء له، وأن تكون أرضنا مُجَـرّد حديقة خلفية لمملكته.

 

واصل العدوان الأمريكي السعوديّ حصاره واحتجازه لسفن مشتقات الوقود وقتل المئات من المرضى في المستشفيات وعطل المصانع والشركات وَتسبب في زيادة معاناة شعبنا وتعطيل حياته اليومية.

 

خرج أبناء هذا الشعب في مختلف الساحات والمحافظات ليناشدوا العالم.. أُقيمت الوقفات.. ونُظمت المسيرات ورُفعت الشعارات.

 

ورغم علو تلك الأصوات وآلاف الدعوات والمناشدات، إلا أن المجتمع الدولي ظل متجاهلاً لمعاناة شعبنا حتى أطلق أبطال الجيش اليمني ورجاله الأحرار في القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر عمليات كسر الحصار، وتم استهداف عصب الاقتصاد السعوديّ، في عمليات موجعة ومؤلمة جعلت العالم كله يعيش القلق، واتجه السعوديّ نحو اتّفاق الهدنة مرغماً وخائفاً من استمرار هذه العمليات التي لو استمرت لأعادت المملكة إلى ما قبل مِئة عام.

 

{وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} من هذا المنطلق قبلت قيادتنا بالهدنة وتم التجديد والتجديد، ثم دخلنا في مرحلة خفض التصعيد ورغم مرور عام ونصف العام إلا أن السعوديّ يستمر في المراوغة ويتهرب من حسم الملف الإنساني ودفع استحقاقات هذا الشعب من ثروات هذا الشعب التي يقوم بنهبها عبر أدواته وتوريدها إلى البنك الأهلي السعوديّ.

 

وفي خطابه الأخير وضع السيد القائد -يحفظه الله- النقاط على الحروف وأصدر إنذاره الأخير وتحذيره الجاد لقوى العدوان ويعرف الجميع ماذا بعد الإنذار الأخير من رجل القول والفعل، الذي إن قال صدق وإن وعد أوفى وإن هدّد نفّذ.

 

بعد هذا الخطاب الأخير تحَرّك الوسيط العماني بدفع سعوديّ إماراتي وتحَرّك المبعوث الأممي وَكثرت التصريحات حول الاتّجاه نحو السلام وضرورة استمرار الهدنة.

 

قيادتنا الحكيمة والحريصة على حقوق هذا الشعب وضعت معالجة الملف الإنساني الذي يشمل صرف المرتبات وفتح الموانئ والمطارات بشكل أوسع شرطاً لاستمرارية المفاوضات وتجديد الهدنة، وهذا ليس مستحيلاً ولا معقداً كما يقول الأمريكي؛ لأَنَّ هذا من حق هذا الشعب ولن يكون معالجة الملف الإنساني منّة ولا منحة من أحد لهذا الشعب.

 

الكرة الآن في ملعب السعوديّ فهو أمام خيارين لا ثالث لهما:

 

إما أن يرفع يده عن ثروات هذا الشعب وموانئه ومطاراته، وبذلك تستمر الهدنة وَيحافظ على اقتصاده ويوفر لنفسه الحماية والوقاية من الضربات الصاروخية الموجعة.

 

وإما أن يقوم برفع جاهزية الدفاع المدني في كُـلّ المناطق السعوديّة، وخُصُوصاً تلك المناطق الاقتصادية والحيوية ومصافي النفط العملاقة ومطاراته الدولية، ليكونوا على أهبة الاستعداد لإطفاء الحرائق التي لم ولن يستطيعوا السيطرة عليها ولن تنطفئ إلَّا بالقضاء على الاقتصاد السعوديّ.

 

ولا خيار ثالث غير هذين الخيارين يمكن أن يقدم للسعوديّ واختتم بقول الشهيد لطف القحوم: “يعرف الكل أبو جبريل لا حذّر”.

 

 

مقالات ذات صلة