الإمامُ زيدٌ.. ثورةٌ متقدةٌ وبصيرةٌ تفرضُ المواجهةَ للعدوان

عبد القوي السباعي

تعيدنا ذكرى استشهاد الإمام زيد (ع)، إلى سيرته الثورية الفريدة؛ فنستذكر صرخاته الملتهبة والمليئة بالعزة والكرامة، تلك الصرخة التي رسخت مفهوم خدمة الحاكم للأُمَّـة لا امتلاكه رقابَ أبنائها، كما روّجت وتروج لها الأفكارُ الشاذَّة والثقافاتُ المغلوطة، وهي الصرخة التي جرفت عروش المستكبرين، وزلزلت كيان الطغاة المعتدين؛ فكانت نظريةً انطلقت على أَسَاسها المنهجيةُ الزيديةُ في ثورةٍ لا تزال مُستمرّة منذ استشهاد إمامها الأول، وستستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

 

لقد ظلت روح الإمام زيد (ع) عامرة بالثورة حتى وهو يلفظ أنفاسه الأخير، ثورة متقدة من شعار “البصيرةَ البصيرةَ ثم الجهاد” التي ورثها أئمة الهدى من آل بيت النبي الأكرم جيلاً بعد جيل، من الإمام زيد ونجله يحيى وأبناء عمه محمد وإبراهيم ابنَي عبدِ الله بن الحسن ومن تلاهم، فالإمام الهادي يحيى بن الحسين، إلى الشهيد القائد السيد حسين بن بدر الدين الحوثي –عليهم السلام– إلى اللحظة التي نعيشها اليوم بزخمٍ ثوري لا مثيل له.

 

ثورةٌ ترجمتها تلك الحشود الجماهيرية الغفيرة التي ضجت بها مختلف الساحات في المحافظات اليمنية الحرة؛ إحياءً لذكرى استشهاد إمام الجهاد، الإمام زيد؛ للتعبير عن المضي على نهجه في الخروج على الطغاة الظالمين وفي التصدي للبغاة المعتدين، والسير على خطاه في الموقف والمبدأ، في المنهج والقضية؛ من واقعٍ إيماني لا يزال امتداداً يربط اليمنيين بثورته وآثارها حتى اليوم.

 

وليس مستغرباً أن يرى اليمنيون في ثورة الإمام زيد امتداداً حقيقيًّا لثورة جده الإمام الحسين عليهم السلام، على كافة النواحي، ولا يجدون حرجاً في الإعلان عن ذلك في مسيراتهم الممتدة على طول وعرض البلاد، فجاءت بيانات مسيراتهم وتأكيداتها على أن سعي الإمام زيد إنما كان خياراً لإصلاح واقع الأُمَّــة بمواجهة الطغيان الأموي الذي كان محطةً سوداءَ مظلمة في تاريخ الأُمَّــة آنذاك؛ وهو خيار ورثة تلك الثورة اليوم، والتي تمثل بُوصلةً تحدّد مسارَ واقعنا بما فيه من مقارنات بين من حمل السلاح في وجه عدو الأُمَّــة ومن حمله ليدافع عن عدوها، ويثبت من جديد أن خيار المواجهة مع أعداء الأُمَّــة هو الخيار الصحيح.

 

إن خيار المواجهة الذي تحَرّك الإمام زيد من خلاله، كان نابعاً من منطلق المسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى، المسؤولية التي تربى عليها، المسؤولية التي استوعبها من القرآن الكريم، وَإذَا ما قارناه بواقع اليمن على مدى تسع سنوات في مواجهة العدوان والحصار، سندرك أهميّة المضي في تجسيد واستلهام مبادئ ثورة الإمام زيد، والتي انعكست على واقع الأُمَّــة اليمنية، من خلال تحليها بالوعي والبصيرة تجاه مختلف المسارات والتحَرّكات، وكافة الأحداث والمستجدات التي فرضتها وتفرضها التطورات في ظل استمرار تربص الأعداء بالأمة، ومحاولتهم تركيعَها وتضليلَها.

 

ولعل الرسائل الفورية التي وجّهتها المسيراتُ الجماهيريةُ الحاشدةُ بهذه المناسبة، تؤكّـد أن اليمنيين ينطلقون ببصيرة زيد، حاملين شعار الحق في مواجهة أعداء الأُمَّــة وطغيانهم، مؤكّـدين خيار المواجهة الواعي في التصدي الحازم لقوى البغي والعدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي الصهيوني، معلنين حالة الاستنفار والنفير والاستعداد ليوم الزحف والمسير، مجددين العهد والولاء للقائد والوطن، والثبات على المبدأ في دفن قوى الغزو والاحتلال مع أطماعهم المتمثلة باستباحة السيادة ومصادَرة الحرية والقرار ونهب مقدرات وإيرادات الشعب، وتدنيس أرضه ومياهه، مهما كلفهم ذلك من ثمن، وعلى الباغي تدور الدوائر.

 

 

مقالات ذات صلة