عُرسُ الأعراس اليمانية

عبد القوي السباعي

هو يومٌ من أَيَّـام الله، يومٌ هو ليس كأي يوم، إنهُ عُرسُ الـ12 من شهر ربيع الأول 1444هـ، فيه تدفقت السيولُ الآدميةُ الهادرة، وتجمعت في حُلتها الباهرة العاطرة، وإطلالاتِها الساحرة الناظرة، وإلى ساحاتِ الاحتفاء بمولد خير البرية، ومنقذ البشرية، هبطت وكأنها نزلت من السماء، مجددةً البيعةَ والعهدَ والولاءَ لسيد المرسلين وخاتم الأنبياء، حلّوا ضيوفاً وافدين، كأنهم أسرابٌ من الملائكة المقربين، وإحياءً لها تقاطروا من كُـلّ حَدَبٍ وصوب، كسُنَّةٍ يمنيةٍ يحكُمُها الوجوب.

 

فمن صنعاءَ سليلةِ التاريخ إن لم تكن التاريخُ كله بانتظام، إلى صعدة المقام، محراب الهدى وأرض السلام، ومن أرض الإقدام، وقلعة العلم والمنار، من محافظة ذمار، إلى الحديدة عروس البحر، والجديرة بأن تكون هي حارسةَ البحار، ومن تعز العز والتصوف والثقافة، إلى الجوف أرض العطاء، وأهل النخوة والضيافة، ومن إب المعطاء والقبة الخضراء أرض الكرماء، إلى البيضاء أرض النقاء وبلاد الحكماء، ومن مأرب الحضارة وقاموس الكرامة، إلى المحويت ذائعة الصيت، ومنطلق الشهامة، ومن عمران وحجة أرض الوفاء وتاج الشجاعة والصولجان، وأهل الجود على أفيائها عنوان، إلى حياض دمت في الضالع دُرة المواضع، وفنار الشيمة، إذ عانقت في مسار العرس لريمة، أرض المدرجات الصاعدة إلى الغيمة، ومخزن الرجولة والعزيمة.

 

حشودٌ مليونيةٌ عجز على إحصائها الترقيم، وجاوزت حدود التقييم، فقد سارت على المعرفة الواعية والإدراك السليم، فكان منطلقها القرآن الكريم، عرفوا من خلال المسيرة، شخصيةَ رسولهم الكريم، نبي الهدى والبصيرة، بعد أن صبغت في نفوس الكثير، وخلقت في الواقع جميلَ التغيير، وعظيمَ التأثير، وتبدَّى عليهم خطيباً البدرُ المنير.

 

تلك الحشود ألفت وصالَهُ، ومن المصطفى تشربت خصالَهُ، واقتفت أثرَه وتخلقت فعالَهُ، وتجسدت في ميادين العزة والكرامة شجاعتَهُ واندفاعَه، ليكونَ ميلادُ الرسول الأعظم لهم ميلادَ ملهم، هو ميلاد جديد لأمةٍ تعمل لتصل إلى الأفضل، ميلاد بأسسٍ حقيقية، فيه خلاصُ الإنسان من الظلم والاستغلال والتبعية، ميلادٌ جديدٌ للاستقلال والحرية، ميلادٌ للهُدى الذي يسعى لإخراج الإنسان من الضلال والتيه والعبودية لغير الله، وما التوفيقُ إلا به.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة