آفاتُ الغرق في الذات

فهد شاكر أبو رأس

 

عندما يفقد الإنسانُ الإخلاصَ لله سبحانه وتعالى، في العمل يُصاب بجنون العظمة، وشيئاً فشيئاً يبدأ وبشكل تلقائي بالتمحور حول نفسه وحول إبرازها للآخرين إلى أن يغرق في أفات ذاته الشخصية.

 

عندها لا يبقى مُفكراً إلا في نفسه وفي عظمة نفسه وأهميتها في أوساط الناس، يغرق في ذاته وشخصه ونفسه ويصبح حساساً جِـدًّا تجاه الآخرين من حوله.!

 

يتساءل في نفسه دوماً: هل يحترمني الآخرون أم لا؟!

 

هل يُقر الآخرون بمكانتي وبدوري في خدمة هذا المشروع أم لا؟!

 

وعلى هذا الأَسَاس ومن منطلق هذه الحسابات وهذا المنظور وهذه التقديرات يقيم علاقته بالآخرين وفق اعتبارات شخصية مبنية على بناء الذات لا المشروع القرآني العام والشامل لكل أطياف المجتمع.

 

يُشخصن الأمورَ والمواضيع من حوله، يطبع كُـلّ عمل يعمله بطابعه الشخصي؛ لكي يكسب من خلاله المزيد من الأهميّة في المجتمع، والمزيد من الظهور والتعزيز لموقعه ومكانته الاجتماعية بين الناس.

 

لهذا فَـإنَّ الانتماءَ للمشروع والصدق في المعتقد وحدَه لا يكفي في العمل مع الله إذَا لم يتوفر الإخلاص لله فيه وللمشروع الذي جاءت به هذه المسيرة، والعناية الشديدة بقوة هذا المشروع وبكيفية تقديمه للناس بما هو جديرٌ به وبقوته.

 

يجب أن يكون هذا المشروعُ وهذا الهدى قد أثّر فينا أولاً قبل غيرنا وانعكس على واقع حياتنا وحركتنا لنستطيع بذلك أن نقدمه للآخرين فينتفعوا به.

 

ولأن القول ليس كالفعل يجب أن يحس الآخرين من الناس بانعكاس هذه المبادئ والقيم التي يحملها هذا المشروع على حياتنا وعلى واقعنا وفكرنا وقولنا وسلوكنا وفي تعاملاتنا وحركتنا وقراراتنا وعلى كُـلّ شيء في حياتنا، وإلا فنحن وبلا شك سنكون أسوأ رُسل لأصدق قضية.

 

إذا لم نتأثر نحن أولاً قبل غيرنا بمبادئ وقيم هذا المشروع ونبدأ برعاية الحقوق والالتزام بما أمر الله والانتهاء عن ما نهى الله عنه وأداء تكليفنا كُلٌّ من موقعه في زمانه ومكانه ووفق مسؤوليته وواجبه من الله في هذه المسيرة مسيرة العدل والإنصاف سنكون بذلك من المقصّرين والمفرّطين في أداء مسؤوليتنا أمام الله وأمام عباده وهذا القصور لن ينقص الحق في شيء وإنما سيظهرنا نحن على حقيقتنا.

مقالات ذات صلة