رسالةٌ إلى أصحاب النياشين!

عبدالقوي السباعي

 

7 سنوات واليمن الأرض والإنسان تحتَ وطأة الحرب والحصار، ولا يزالُ بعضٌ ممّن يُفترَضُ بهم أن يكونوا في مقدمة الصفوف؛ دفاعاً عن الأرض والعرض، عن العقيدة والوطن، منشغلين بأمورٍ خَاصَّةٍ بهم، وكأن الوطنَ والشعب اليمني لا يعنيهم في شيء، فأين وفاؤهم للقسَم العسكري؟، أين استجابتُهم لنداء الواجب المقدس؟، أين تجسيدُهم لشرف الانتماء للجندية الحقة؟ متناسين قضايا أمتِهم المصيرية بحُجَجٍ واهية، لا ترقى بأن تصمُدَ أمام مشهدٍ واحدٍ من صور الأشلاء والضحايا الأبرياء، ومتعللين بمبرّراتٍ باهتة، لا تصمُدُ أمام طلعةٍ واحدة لطائرات تحالف العدوان وهي تستبيحُ السيادةَ اليمنية وتذبحُ سماءَ الوطن ناهيك عن أبنائه.

 

صحيحٌ أن هناك ممّن ينتمي إلى مؤسّسة الجيش العملاقة قد انطلق وسجّل مواقفَ صمود وثبات ورجولة، ولا يزال يساهمُ بالتصدي للعدوان، كُلٌّ بحسب موقعِه وجهدِه وتخصُّصِه، وعرفنا خلال 7 أعوام وشاهدنا الكثير من أبطال المؤسّسة العسكرية ضباطاً وضباطَ صف وأفراداً، ممن تجسدوا القسَم والشرف العسكري والانتماء للجندية الحقة، وكيف تسابقوا ويتسابقون إلى ساحات الوغى، في جبهات العزة والكرامة وفي مواقع البطولة والتضحية والفداء، ناذرين أنفسَهم لله وفي سبيل الله، ونُصرةً للوطن والشعب، أمثال الشهيد اللواء حسَن المُلصِي والشهيد اللواء ناصر القوبري، وغيرهما الكثير، ممّن لا يتسع المقام لحصرهم وتخليد بطولاتهم.

 

في المقابل، 7 سنوات ولا يزال بعضُ أصحاب الرتب العسكرية المذهَّبة والنياشين المزخرفة، والشرائط الحمراء القانية التي تحصلوا عليها من مختلفِ الكليات والأكاديميات العسكرية المحلية والعربية والعالمية، وأصحاب السيارات (الصوالين المدرعة) وَ(الحبّات المقفصة)، والأطقم العسكرية والكم الهائل من المرافقين المسلحين، لم يسجلوا حتى الآن موقفاً واحداً ضد العدوان، مِن أجلِ الوطن والشعب الذي لم يبخل يوماً بالإغداق عليهم بكل وسائل الراحة والتنعم، على حساب معانات الناس وأوجاعهم، أملاً برد جزءٍ يسير من أفضال الوطن والشعب على هؤلاء.

 

لم تتبخر تلك الشخوص من المشهد بكل هيلمانها وأبهتها، إقصاءً أَو تحييداً، كما يحب البعضُ الترويجَ لهذا الأمر العاري عن الصحة؛ لأَنَّ الوطنَ ليس ملكاً لأحد والواجب الوطني وخدمة الشعب في هكذا ظروف تكليفٌ لا تشريف، لكن الحقيقة أن البعضَ من هؤلاء لم يتكيَّف مع واقعٍ وطني جديدٍ ونظيفٍ وشفاف، والبعض الآخر ينتظر إلى أين ستسير الأمور، تيمناً منهم بمناصبَ مستقبلية مع هذا أَو ذاك، والبعض نراهم يتوقدون غيرةً، ويتشدقون برماً حين يشاهدون صور الشهداء الشباب، من أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، وقد توسموا بأنياط خدمة الدين والوطن، حين شعت من ضمائرهم، وانطلقت من جباههم، قبل أن تعتليَ أكتافهم حتى ارتقوا شهداء مقبلين غير مدبرين مسجلين أعظم المواقف والبطولات والتضحيات.

 

لذلك نقول لكل المخلفين من العسكريين.. لكل المتخاذلين.. الصامتين.. المتردّدين.. المذبذبين: يا أصحاب النياشين والرتب العسكرية، والشحطة والتقييف والهندام، فقط تحَرّكوا في سبيل الله دفاعاً عن الأرض وصوناً للعرض، ضد عدوانٍ أجنبي غاشم لا تفرّق طائراته وصواريخه بين المتقاعِس الذليل، وبين المنطلق الحر الكريم.

 

عليكم من الآن التقاطُ أنفاسكم اليمنية الحُرَّة، التي لا تقبل بالغازي المحتلّ، لا تتماهى مع العمالة والخيانة والارتزاق، واستثيروا رجولةَ الأيّام الخوالي، واستثمروا ما بقي لكم من أعمار، وانهضوا من سُباتكم واستنهضوا من حولكم، قبل أن يأتيَ اليوم الذي يلعن أبناؤكم وأحفادُكم تاريخَكم المبتورَ والمزيَّف والممزوج بالحقارة والخوف.

مقالات ذات صلة