جنين “حيس” يدمي القلوب.. أمريكا تقتل الأجنة!

عمران نت – تقارير – 22 ربيع الآخر 1443 هــ

لا تزالُ سميرة سعيد قاسم سالم، تتصدر مشهدَ كُـلّ ألم ووجع، فالدموع التي تهطل من عينيها، ووجعها الذي يكابد جسمها الضئيل كان حديث الناس خلال الأيّام الماضية، وتصدرت كُـلّ وسائل الإعلام الحرة، وأقلام الناشطين الأحرار عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

 

لقد كانت هذه المرأة المسكينة تسكُنُ في منطقة “حيس” جنوب مدينة الحديدة، ولم تكن تعلم أن صاروخاً أمريكياً سعوديًّا سيغيّر مجرى حياتها، ويحوّل حياتها المليئة بالأفراح والكفاح إلى بؤس وبكاء.. دموعها لم تجف بعدُ، وأنّى لها أن تهدأ وقد فقدت زوجها في هذه الغارات، وجنينها الأول الذي كانت ترتقب وصوله لتفرح به مع زوجها.

 

ترقد سميرة حَـاليًّا في أحد مستشفيات مديرية “الجراحي” وهي مكلومة مهمومة حزينة، غير مستوعبة ما جرى لها.. أما “جنينها” فقد ارتقى شهيداً مع أبيه، ليسجل في هذا المكان وهذه المنطقة بصمة أُخرى للأمريكيين والسعوديّين تضاف إلى سجلهما الأسود الملطخ بدماء اليمنيين الأبرياء.

 

يقول الأطباء في الحديدة: إن حالة سميرة حرجة جِـدًّا نتيجة الغارة التي أَدَّت إلى بَقْرِ بطنها، ومقتلِ جنينها، وإلى جانب الأوجاع الجسدية فَـإنَّها تواجه متاعبَ نفسية لا حدود لها.

 

وتأتي هذه الجريمة بالتزامن مع احتفالات العالم “باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة”، غير أن هذا العالم والأمم المتحدة التي تتباهى بهذا اليوم، وتبحث عن قصص لنساء يكافحن مِن أجلِ البقاء، لا تتطرق إلى مأساة المرأة اليمنية وأوجاعها في اليمن، وما تواجه من عنف متواصل من قبل العدوان الأمريكي السعوديّ على الإطلاق.

 

ويقول العلامة حمود عبدالله الأهنومي: إن جريمة قتل رب الأسرة وقتل “الجنين” وهو في بطن أمه “مدانة” بكل المقاييس وبكل الأعراف والقوانين وهي جريمة قتل واستباحة حرمة النفس التي تجرمها كُـلّ المواثيق والأعراف الإنسانية والدولية ومواثيق الأمم المتحدة.

 

ويضيف الأهنومي في حديثه لصحيفة “المسيرة”: “عندما تستهدف أسرة على تلك المشاهد التي ظهرت في الصورة فهذا دليل على الابتعاد الكبير جِـدًّا عن الفطرة الإنسانية عما فطر الله الناس عليها، ومن يقف خلف تنفيذ هذه الغارة بعيد كُـلّ البعد عن الدين الإسلامي ولا يمت إليه بصلة، وقد أحسنوا صنعاً عندما كشفوا حقيقتهم وأنهم أولياء لليهود والنصارى الذين يشجعونهم على مثل هذه الأعمال الخطيرة، حتى يقول قائلهم سلام الله على المجرمين الأوائل”.

 

ويواصل الأهنومي قائلاً: “هم يريدون ترسيخ هذه المعادلة من خلال ارتكابهم لهذه المحرمات حتى يقول القائل إنهم أكثر وحشية من اليهود الصهاينة وما يصنعونه بحق الشعب الفلسطيني المحتلّ”، مؤكّـداً أن هذا الاستهداف “مدان” وَ”محرَّم” يوجبُ الخلودَ في النار ويوجب العقوبة عند الله سبحانه وتعالى القائل: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، مُشيراً إلى أن حرمة الجنين هي مثل حرمة الإنسان، فهو إنسان ما دام فيه قلب ينبض بالحياة، وهذه الجريمة هي جريمة إبادة جماعية.

 

ويدعو العلامة الأهنومي العلماء والخطباء والإعلاميين والمثقفين والوجاهات الاجتماعية والتربويين، إلى القيام بدورهم في توعية المجتمع بخطورة العدوان وجرائمه وضرورة التحَرّك الفاعل في الميدان لمساندة الجيش واللجان الشعبيّة وكشف زيف وتضليل أدوات العدوان ومرتزِقتهم وأبواقهم، وأنه لا خيار أمامنا ولا حَـلّ لنا إلا بمواجهتهم والتصدي لهم وإلا فَـإنَّهم سيستهدفون الجميع ولن يبقوا حياً ولا ميتاً ولن يتركوا جنيناً ولا طفلاً ولا صغيراً ولا كَبيراً، فهم يستهدفون الجميع ويقتلون الجميع، وبالتالي ليس علينا ولا يجوز لنا إلا أن نتحَرّك في مواجهتهم، فهو الخيار الوحيد والمتاح لنا والواجب علينا والضروري هو أن نتحَرّك في مواجهتهم، وإلا فَـإنَّهم سوف يستهدفون كُـلّ جنين وكل طفل وكل امرأة وكل شيخ وكل شاب”.

 

 

 

الميدانُ هو الحل

 

قبلياً يأمل رئيس مجلس التلاحم القبلي الشيخ ضيف الله رسام، من قبائل اليمن أن تترجم أقوالها إلى أفعال وردود في الميدان، قائلاً: “قبائلنا الوفية تدرك مدى خطورة جرائم العدوان على أبناء شعبنا اليمني وأن الطغاة لن يتوقفوا إلا بقوة الموقف وقوة الفعل ورفد الجبهات بالمال والرجال للذود عن أجنتنا وأطفالنا ونسائنا وشيوخنا وكبيرنا وصغيرنا ذكراً كان أم أنثى”.

 

ويؤكّـد الشيخ رسام في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة “أن أمل شعبنا وخياره الوحيد هو ما يقوم به مجاهدو الجيش واللجان الشعبيّة في الميدان، أما الرهان على الصفقات السياسية والمناشدات الأممية فهو رهان خاسر ومجرب ولم ولن يأتي بأي حَـلّ، مشدّدًا على أهميّة تحرير كامل التراب الوطني من قوى الغزو والاحتلال”.

 

ومن الناحية العسكرية يؤكّـد المحلل والخبير العسكري الاستراتيجي العقيد مجيب شمسان، أن جريمة “حيس” التي أرتكبها طيران العدوان الأمريكي السعوديّ، وراح ضحيتها “جنين” وَ”والده” وجرح أمه وآخرين من أفراد أسرته تحمل بصمات أمريكية صهيونية إرهابية بذات البشاعة التي تتكرّر بحق الأسرى وجريمة استهداف حافلة طلاب ضحيان وغيرها من الجرائم الوحشية بحق الطفولة في اليمن”.

 

ويضيف الخبير شمسان في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن الرسائل العسكرية من تكرار مثل هذه الجرائم تهدف لاستفزاز مشاعر الجيش واللجان الشعبيّة ومشاعر القبائل اليمنية في محاولة للتخفيف عن ما بقي من معركة تحرير مأرب، وتوجيه البوصلة صوب الساحل الغربي، مُشيراً إلى أن رهاناتِ العدوّ خاسرة وخططه فاشلة أمام شعبنا اليمني الواضع يده على الزناد والمستعد للمواجهة في مختلف الجبهات بالقدرات والتي تمكّنه من تحقيق إنجازات وانتصارات لا يمكن للعدو أن يحسب حسابها”.

 

ويقول شمسان إن الحلول العسكرية وقوة الرد في الميدان والضربات الصاروخية على دول العدوان هو الرد العسكري الأنسب على هذه الجرائم المدانة في مختلف المواثيق الأممية والدولية، وإنه لا خيار للشعب اليمني غير خيار التصدي للمواجهة ومواجهة التصعيد بالتصعيد”.

 

 

 

الرهانُ على الأمم المتحدة خاسرٌ

 

حقوقياً، يقول الخبير القانوني والحقوقي الدكتور عبدالرحمن المختار، وزير الشؤون القانونية سابقًا: إن جريمة قتل “الأجنة” واستهداف المدنيين بغارات طيران العدوان الأمريكي السعوديّ في مديرية حيس بمحافظة الحديدة وما سبقها من جرائم بحق المدنيين، هي جريمة حرب أمريكية مكتملة الأركان وهي عن سابق إصرار وترصد، مُشيراً إلى أن القانون الدولي يحظر تحليق الطيران الحربي ورفع حاجز الصوت فوق الأحياء السكنية للمدنيين، برغم الحروب بين الدول لأسباب مبرّرة”.

 

ويشير الدكتور المختار في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” إلى أنه وفقاً للقانون الدولي فَـإنَّ “العدوان على اليمن غير مبرّر وجرائمه التي تطال المدنيين تؤكّـد لنا أن الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية منحازة لطرف العدوان، وتعمل لمصالحها المالية فقط، مُشيراً إلى أن دور الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع الدولي سلبي للغاية أمام ما يرتكبه العدوان الأمريكي السعوديّ من جرائم حرب بحق الشعب اليمني منذ سبعة أعوام”.

 

ويعتبر المختار الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية المتخاذلة عن القيام بواجبها شريكاً أَسَاسيا في جرائم الحرب المرتكبة بحق الشعب اليمني، وسبباً رئيسياً يشجع دول العدوان على الاستمرار في ارتكاب المزيد من الجرائم، داعياً الأمم المتحدة ومنظماتها إلى القيام بدورها ورفع دعاويها وملفاتها حول جرائم الحرب المرتكَبة بحق الشعب اليمني إلى محكمة العدل الدولية، ومساءلة قيادات دول تحالف العدوان على اليمن، إن هي أرادت العمل بحيادية”.

 

 

 

صحيفة المسيرة

مقالات ذات صلة