العدوان يقسو على أطفال اليمن.. حياة ملغمة بالمآسي تقرير لمنظمة انتصاف الحقوقية:

العدوان الأمريكي السعوديّ قتل 3825 طفلاً وأصاب 4175 بينهم 2578 إعاقة دون الخامسة و2981 إعاقة أقل من 17 سنة

عمران نت – تقارير – 15 ربيع الآخر 1443هــ

قبلَ سبع سنوات كانت سَحَرُ -طفلة في الرابعةِ من عمرها- تعيشُ في محافظة الحديدة غربي البلاد، وكانت مليئةً بالسعادة والابتهاج.. لكنها لم تكن تعي أن العدوانَ الأمريكي السعوديّ الذي بدأ على بلادنا في 26 مارس 2015م سيغيّر مجرى حياتها بشكلٍ جذريٍّ، لتعيشَ حياةَ التشرد والنزوح فاقدةً أهم وأبسط حقوقها في التعليم والعيش الكريم.

 

اضطرَّت الطفلةُ الصغيرة للنزوح مع أسرتها المكونة من ستة أفراد من حي “الربصة” بمحافظة الحديدة إلى صنعاء، فقد تعرض المنزلُ للقصف ولأضرار كبيرة، لتعيشَ سحر خلال السنوات الثلاث الماضية حياةً مليئةً بالمتاعب والأسى مع سيرة نزوح لا تزالُ تكتوي بناره إلى الآن.

 

وتقول سحر التي تبلغ من العمر الآن (11) سنةً بصوت شاحب حزين: “اللعنة على آل سعود، فقد سلبوا منا الفرحة والأمن مدى الحياة”.

 

وتصدُرُ عن سَحَرَ ضحكةٌ بريئةٌ حين سألناها: ما الذي يعني لها الاحتفالُ باليوم العالمي للطفولة، لتجيبَ أن العدوانَ والحصارَ وما تعرض له أطفال اليمن خلال السنوات السبع الماضية يجعلُ المنظمات والمجتمع الدولي يخجلون للاحتفال بهذا اليوم، فهم يغمضون أعينهم عن أطفال اليمن وما يعانونه من ظلم وحرمان؛ بسَببِ العدوانِ والحصارِ طيلةَ السنوات السبع الماضية.

 

كمال علي هو الآخر يعيش آلاماً وجروحاً متعددة، فقد اضطر للعمل في سنٍّ مبكرة؛ لإعالة أسرته التي نزحت من الحديدة إلى صنعاء، وبات مصيرُهم السكنَ في منزل إيجار لا يستطيعون توفيرَه شهرياً.

 

ويقول الطفل علي إنه يعمل في جمع بلاستيك المياه، ومن ثَمَّ يبيعها بعد عملية البحث المضني عنها في الشوارع والأزقة وأماكن القمامة.

 

ويعمل كمال (12 سنة) يوميًّا بعد عودته من المدرسة، فهو يتحمل مسؤولية لا يفترض به تحملها، لكنها الحرب والعدوان الذي حرمه الحق في الحياة.

 

وبصوت مكلوم وعينين يحتلُّها اليأسُ والخوف، يقول كمال لصحيفة “المسيرة”: إن لم أعمل ستموت أُسرتي جوعاً، وكل ذلك سببه العدوان وآل سعود الذين يعيش أطفالُهم في أمن وأمان بينما نحن الأطفال اليمنيون لا حياةَ لنا”.

 

وكثيرٌ من الأطفال في اليمن هم ضحايا العدوان الأمريكي السعوديّ الغاشم، فالطفلة بثينة، التي عُرفت بـ “عين الإنسانية” وصل وجعُها إلى أرجاء العالم، وحافلةُ ضحيان التي كانت مكتظةً بالأطفال هزت الوجدانَ الإنساني والعالمي، كما أن هناك الكثيرَ من الأرقام لضحايا الأطفال لا تزالُ بعيدةً عن المشهد.

 

 

 

تقاريرُ وإحصائيات

 

ومنذ بدء العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن في 26 مارس 2015م، وحتى 15 نوفمبر 2021م استشهد 3825 طفلاً، وأُصيب 4175 آخرون، من بينهم 2578 إعاقة دون الخامسة و2981 إعاقة أقل من 17 سنة، حسب إحصائية وتقرير صادر عن منظمة انتصاف لحقوق المرأة والطفل.

 

وتقول المنظمة خلال مؤتمر صحفي نظمته، الخميس الماضي بصنعاءَ، بالتزامن مع اليوم العالمي للطفل والذي يوافق يوم الـ 20 من نوفمبر كُـلَّ عام: إن عدد الأسر النازحة في المحافظات التي تعرضت للقصف وصل إلى 670343 أسرة في 15 محافظة يمنية يعيشُ أطفالُها في ظروف صعبة.

 

وتشير إحصائياتُ المنظمة إلى أن الحالات المصابة بالأورام تجاوزت النسبَ والمعدلات الطبيعية، فقد سجل 71 ألف إصابة منذ بداية العدوان، وهناك 9 آلاف حالة تضاف سنوياً، وما نسبته 15 % بين الأطفال، وتضاعف عدد المرضى بنسبة 100 %، فيما تستقبلُ 160 حالةً يوميًّا من مختلف المحافظات، ويسجلُ سنويًّا ستة آلاف مريض جديد.

 

وإضافةً إلى ذلك يوجد حوالي 600 ألف طفل من الخُدَّجِ يحتاجون إلى الوقود والحضانات للبقاء على قيد الحياة، فيما هناك أكثر من 300 طفل يمني يموت كُـلَّ يومٍ وأكثر من 3 ملايين طفل يعانون من سوء التغذية، مع الإشارة إلى وجود أكثر من 400 ألف طفل يمني مصابٍ بسوء التغذية الوخيم، منهم 80 ألف مهدّدون بالموت، وكذلك هناك 2 مليون طفل دون سن الخامسة مصابون بسوء التغذية، بينهم 400 ألف طفل بحالة حرجة و12 ألفاً توفوا.

 

وتضمن التقريرُ الكثيرَ من الأرقام المخيفة لا مجال لذكرها هنا، ولكنها تعكس وتؤكّـد حجمَ المعاناة والمأساة التي يعيشها الطفل اليمني في ظل عدوان وحصار أمريكي سعوديّ في عامه السابع، منها أنه يولد حوالي مليون طفل سنويًّا ولا يوجد سوى 200 حضانة، من أصل 1000 مولود يتوفى أكثر من 27 بشكل سنوي، فيما يوجد أكثر من 3000 طفل يمني مصابون بتشوهات قَلْبية، ونفس العدد يحتاجون إلى عملية قلب مفتوح واستبدال صمامات إلَّا أن الحصارَ الجائرَ يمنع دخول صمَّام واحد إلى اليمن، وَأَيْـضاً هناك 500 يعانون من فشل كبد وبائي.

 

 

 

إحصائياتُ الوضع التعليمي

 

ويوضح تقريرُ منظمة “انتصاف” أن هناك أكثرَ من 2 مليون طفل خارج المدارس، و500 ألف تركوا المدرسة منذ بدء العدوان الأمريكي على اليمن.

 

وحسب الإحصائيات، فقد بلغ إجمالي عددُ الطلاب في الجمهورية اليمنية 5.983.707 طلاب وطالبات، منهم 1.905.615 في منشآت تعليمية متضررة ومغلفة.

 

ويكشف التقريرُ حجمَ الأضرار المادية التي لحقت بقطاعِ التعليم (الأَسَاسي والثانوي)، فمن إجمالي المنشآت التعليمية في الجمهورية اليمنية (16.734) تضرر عددٌ كبيرٌ منها؛ بفعل غارات دول تحالف العدوان على اليمن حَيثُ بلغ عدد المدارس التي دمّـرها العدوانُ بشكل كامل 419 و1605 تضررت بشكل جزئي، بينما وصل عددُ المدارس المغلقة إلى 756، وكذلك 995 مدرسةً مستخدَمةً لإيواء النازحين.

 

وفي المؤتمر الذي جاء تحت شعار “أطفال اليمن.. حقوق منتهكة وحياة مسلوبة”؛ بهَدفِ تعرية دول تحالف العدوان السعوديّ الأمريكي وتسليط الضوء على جرائم الحرب التي يقومُ بها وانتهاكاته المُستمرّة بحق الطفولة في اليمن، بالإضافة إلى استعراض مواقفِ الأمم المتحدة وحقيقة المعاهدات واتّفاقية حقوق الطفل التي تتشدَّقُ بها الأممُ المتحدة منذ إعلانها ما يسمى بيوم الطفل العالمي في العام 1954م، ليتم لاحقاً اعتمادُ الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلانَ حقوق الطفل عام 1959م، ومن ثَم إقرارُها اتّفاقيةَ حقوق الطفل في نفس اليوم ولكن في العام 1989م، ومنذ العام 1990م، وبشكل منتظم يحتفَى باليوم العالمي للطفل، واعتباره مناسبةً عالميةً يُحتَفلُ بها في 20 نوفمبر من كُـلّ عام، ووُصفت بالذكرى السنوية لتاريخ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان حقوق الطفل والاتّفاقيات المتعلقة بها.

 

وتأتي الذكرى هذا العام بالتزامن ما يتعرض له أطفال اليمني من جرائمَ واعتداءاتٍ وانتهاكاتٍ مختلفة طيلة السبع السنوات وحتى اليوم، فيما لا يزال أطفال اليمن يُقتلون ويُجرحون ويُشردون وتُنتهك حقوقهم على مرأى ومسمع من العالم أجمع، فأطفالُ اليمن يعيشون مأساةً كُبرى؛ بفعل هذا العدوان الغاشم وبشراكة مع الأمم المتحدة بذاتها؛ كونها اللاعبَ الأَسَاسي وصاحبةَ الدور الواضح في المأساة واستهداف مباشر لأطفال في اليمن.

 

وتقول رئيسُ منظمة انتصاف لحقوق المرأة والطفل، سمية الطائفي: حينما تعمّد العدوان الأمريكي السعوديّ على بلادنا طيلةَ السبع السنوات استهدافَ الأطفال استهدافاً ممنهجاً أرادوا قتلَ العديد وجرحَ العديد أَيْـضاً بما يوثِّقُ أن هناك عدواناً غاشِماً مدروساً وممنهجاً على أطفال اليمن، موضحةً أن هذا التعمُّدَ يأتي من معرفةِ قوى العدوان الإجرامي من هم أطفال اليمن ومن هم بُناةُ المستقبل في اليمن.

 

وتشير الطائفي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” إلى أن العديدَ من التصريحات الأممية وإدخَال السعوديّة في قائمة العار الخَاصَّة بانتهاكات الطفولة، ومن ثَمَّ مسارعة السعوديّة إلى وضع الأمم المتحدة بين التهديد بسحب دعمها المالي وبين تقديم الدعم المالي بشكل أكبرَ مقابل شطبها من قائمة منتهكي ومرتكبي الجرائم في حق الطفولة في اليمن وهي ما نجحت فيه فعلاً فقد تم رفعُ اسم السعوديّة من القائمة.

 

وتؤكّـد الطائفي أن الأممَ المتحدةَ لا تهتمُّ بأطفال اليمن ولا تهمُّها كُـلُّ القوانين التي شرعتها بنفسها تحت مسميات متعددة في حماية الأطفال ومناسبات مختلفة ليست إلَّا مسميات على ورق كاليوم العالمي لحقوق الطفل هي من تقومُ بانتهاكه انتهاكاً صارخاً، منوّهة إلى تصريحاتِ الأمم المتحدة ومؤسّساتها كمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF) وكذا منظمة الغذاء العالمي (WFP)، فالجميعُ يتغنى بحقوق الطفل ويتحدث عن حجم المعاناة وتفاقهم في اليمن وأطفاله، ولكن في الواقع لن تجدَ أيَّ عمل ملموس وحقيقي لتخفيف هذه المعاناة التي يواجها أطفالُ اليمن، بل على العكس، فكلما زادت حجمُ المعاناة زاد حجمُ التجاهل، لافتة إلى أن بعضَ المنظمات التابعة للأمم المتحدة قامت بإيقاف الدعم الذي لا يكاد يُذكر، وبالتالي الأمم المتحدة نفسُها شريكةٌ بقتل أطفال اليمن.

 

 

 

الطفولة.. النصيبُ الأكبرُ من العدوان

 

ومنذ اليوم الأول للعدوان على اليمن، ومملكة آل سعود وتحالف الشر يستهدفُ الطفولة بشكل مباشر، حَيثُ سقط الكثير من الأطفال نتيجةَ هذه الغارات على هذا الشعب الحر، حَيثُ لم تضع السعوديّة خطاً أحمرَ في عدوانها، فاستهدفت الكبير والصغيرَ والتراثَ والحضارةَ والمستقبلَ، حتى المقابر لم تسلم من عدوانها، إلَّا أن الطفولةَ كان لها نصيبُ الأسدِ؛ كونها من الفئات الأضعف في المجتمعات فكانت الأكثرَ تأثُّراً بشكل واضح.

 

وعلى الرغم من كُـلِّ البيانات والأرقام المسجَّلة في جرائم وانتهاك حق الطفولة في اليمن بكل أنواع الأسلحة المحرَّمة التي يمكن تخيُّلُها إلَّا أن الأمم المتحدة بكل منظماتها المختلفة أثبتت بما لا يدعُ مجالاً للشك أنها مُجَـرّدُ أجيرٍ لمن يدفع.

 

ويؤكّـد مديرُ دائرة التوجيه الاجتماعي بنين (سجن الأحداث)، محمد العرافي، أنه عندما نتحدث عن الأطفال في اليمن فيجب أن نعرف أن 70 % من المكون الاجتماعي للشعب اليمني هم دون الثامنة عشرة، وهذا يعني أطفال، وبما أن أطفال اليوم هم رجالُ الغد فكيف أهدم مستقبلَ أي بلد، فَـإنَّ ذلك يأتي باستهداف أطفاله الذين يشكّلون خطراً كَبيراً في المستقبل.

 

ويوضح العرافي في تصرح خاص لصحيفة “المسيرة” أن العدوانَ الأمريكي السعوديّ ركَّز ومنذ اليوم الأول على استهداف الأطفال، سواء بشكل مباشر أَو غير مباشر، بالقصف العسكري والقتل، أَو بالحرب الناعمة ووسائلها المختلفة، مُشيراً إلى أن هناك آثاراً سلبية واضحة في الجانب التعليمي والصحي، وآثاراً نفسية في الجانب النفسي، وهدم الذات لدى أطفالنا؛ بسَببِ ما يعيشونه من ألم وما يشاهدونه من مناظر القتل اليومي والقصف الهستيري لهذا العدوان.

 

ويؤكّـد العراقي أن الموضوع هنا ليس قضية قتل فقط، بل هو هدمُ وطن، فنحن حين نتكلم عن وطن نتكلم عن شعبه وشعب اليمن القادم هم أطفال اليوم، ولذلك هذا العدوانُ بمسمياته المختلفة مأساةٌ بشكل كبير، بمِظلته الكبرى أمريكا ومن تحتها ما يسمى الأمم المتحدة أَيْـضاً.

 

ويشير العرافي في حديثه ساخراً: “لا نستغربُ مواقفَ الأمم المتحدة تجاه ما يحدُثُ للطفولة في اليمن، فالفلوس تعمل عجائبَ، تستطيع شطبَ السعوديّ من قائمة العار الخَاصَّة بانتهاك الطفولة في اليمن، وهذه مأساة، وتنكُّرٌ لكُـلّ القيم والمبادئ الإنسانية التي شُيِّدت مِن أجلِها الأممُ المتحدة وسقوط قناعها في اليمن”.

 

ويزيد بالقول: من يشاهد موقفَ الأمم المتحدة يعودُ مباشرةً إلى الاتّفاقية الخَاصَّة بالأطفال وحقيقة تنفيذها وكل من يحاسب المقصّر في تنفيذ اتّفاقية حقوق الطفل، هناك كُـلّ سنة تقاريرُ تُرفع لماذا لا يتم متابعتها والانتهاكات الحاصلة في اليمن من قبل هذا العدوان ومغالطة واضحة وتجاهل مخزٍ لما يقوم به من جرائم إبادة في حق الأطفال اليمنيين.

 

من جانبها، تشير الأمينُ العام للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، أخلاق الشامي، إلى أننا ندرك مدى التكبر والحقد الذي يحمله هذا العدوان أمام الشعب اليمني العظيم والصامد، وأن حربنا أمامهم هي حرب قيم ومبادئ ودين وثقافة التي يخافونها إذَا ما عززت أَو رُسِّخت.

 

وتوضح الشامي في تصريح خاص لصحيفتنا أن استهدافَ الأطفال هو استهدافٌ لكل مستقبل هذا البلد ولكل ما يمكن أن يكون جميلاً في هذا الشعب وعلى هذه الأرض، باستهداف ممنهج طال كُـلَّ شيء وليس الأطفال فقط بل حتى الأموات أَيْـضاً.

 

وتؤكّـد الشامي أن الأمم المتحدة مُجَـرّدُ أدَاة لمن يمتلك المالَ بعد أن كانت تصم آذاننا لسنوات بأنها تدافعُ عن حقوق الإنسان والأطفال وتدافع عن مظلومية الشعوب، ولكنها شعارات واهية، فالواقع غير ذلك، فعلى المتابع فقط النظر بتجرد إلى ما يحدث في اليمن وسيعرف حقيقةَ هذه الأمم.

 

وتضيف: بل إن الأممَ المتحدةَ حين وجدت المعتدي والقاتلَ يمتلكُ المالَ والثروةَ هرولت إليه مسرعةً متجردةً من كُـلّ الشعارات التي تتغنَّى بها، موضحةً أنهم اعترفوا بأنفسهم، وإن على استحياء، بتعرضهم للابتزاز من قبل دول الخليج في تمويلها للأنشطة التي تقومُ بها الأممُ المتحدة، ما وصل إلى رفعِ السعوديّة من قائمةِ العارِ المتعلقة بارتكاب جرائم حرب وانتهاكِ حقوق الطفولة في اليمن.

 

 

 

صحيفة المسيرة

مقالات ذات صلة