انتصارات تاريخية جنوب مدينة مأرب.. على أبواب الحسم

صحافة

يعيشُ المرتزِقةُ في محافظة مأرب شمال شرقي صنعاء أياماً سوداءَ وكئيبةً؛ بفعل الهزائم التي تلاحقهم من منطقة إلى أُخرى، وآخرها ما حدث في عملية “ربيع النصر” من تحرير مديريات هامة جنوب مدينة مأرب.

 

ويعد تحرير المديريات الواقعة جنوبي مأرب ضربة قاصمة للعدوان الذي ظل يراهن عليها طيلة السنوات الماضية، وحولها إلى أوكار للتنظيمات التكفيرية الإجرامية، ومنطلقاً لتنفيذ كُـلّ الخطط الإجرامية لقوى العدوان الأمريكي السعوديّ.

 

وَيقول أحد أبرز الشخصيات الاجتماعية بمديرية مراد، الشيخ عبدالله المرادي: إن المناطق الواقعة جنوبي مدينة مأرب تعد ملتقى طرق بين المحافظات الشمالية الشرقية والجنوبية، وتتميز بجبالها المطلة على مدينة مأرب من الجهة الجنوبية، كما أنها تعتبر حاضنة سكانية لغالبية أبناء وقبائل مأرب، مؤكّـداً أن تحريرها يعني أن الجيشَ واللجان الشعبيّة الذين يمثلون كُـلَّ أبناء اليمن بما فيهم مأرب، استطاعوا ضَمَّ غالبيةِ أبناء القبائل المحرّرة في مأرب إلى صفوفهم، باستثناء جزء قليل لا يزال يقاتل في صفوف العدوان”.

 

ويضيف الشيخ المرادي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن أبناء قبائل مأرب اليوم يمثلون رافداً كَبيراً للجيش واللجان الشعبيّة وحاضنةً شعبيّةً لتأمين العمليات العسكرية والعمل الأمني، وأنهم اليوم أكثر معرفة بإخوانهم في الجيش واللجان الشعبيّة ولا صحة لحملات التضليل الذي يردّدها العدوان وأبواقه الإعلامية عن تعاملات المجاهدين مع سكان المناطق والقرى المحرّرة، مؤكّـداً أن أخلاقَ المجاهدين أفشلت ما كان يروج له العدوان ومرتزِقته وعجلت بنجاحات العمليات العسكرية في مأرب، مُشيراً إلى وجود اتصالات مكثّـفة من قبل أبناء ووجهاء القبائل الواقعة تحت سيطرة الاحتلال، تعبِّرُ في مضامينها عن ترقبهم للتوقيت المناسِب لإعلان موقفهم الحقيقي من العدوان.

 

ويواصِلُ الشيخ المرادي قائلاً: “هناك فئةٌ قليلةٌ جِـدًّا من البسطاء والمسيَّسين انخدعوا بالعدوان وغرّتهم المصالح والأموال حين استغل العدوان وأدواته حاجتهم وفقرهم، فكان تحَرُّكُهم مع العدوان من منطلق الحصول على المصلحة لا غير، داعياً هؤلاء بسرعة العودة إلى جانب إخوانهم الأحرار، قائلاً: “يا جماعة إن ما تحصلون عليه من الفُتاتِ لن يغطيَ مصاريفكم اليومية، فغلاءُ الأسعار وسعر العُملة لن يعودَ مُجدياً عليكم ما تحصلون عليه والوطن في انتظاركم ويتسع لكل أبناء الشعب بمختلف مكوناته السياسية والقبلية، وعدونا وعدوكم من جاء من خارج الحدود اليمنية لاحتلال بلدنا وشعبنا وانتهاك حريتنا وكرامتنا ومصادرة ثرواتنا وحريتنا واستقلالنا”.

 

ويزيد الشيخ المرادي بالقول: “واللهِ إنه يؤلمنا سقوطُ أية قطرة دم يمني من أي طرف كان وهدفنا إنهاء الاحتلال وإنهاء الوصاية والحصول على السيادة الوطنية وَالاستقلال”، متابعاً بقوله: “أدعو أبناء ووجهاء مأرب في المناطق المحتلّة أن يلزموا بيوتهم ومنازلهم وأن يكونوا بمستوى الحكمة والوعي والفهم بما يريدُه العدوان على شعبنا اليمني، كما هي رسالتي لمن يخافون من وصول الجيش واللجان بأن عليهم عدمَ النزوح، فإخوانهم في القرى والمناطق المحرّرة يعيشون في سلام وعزة ولم يؤذهم أحدٌ، كما يروج لهم إعلام العدوان”.

 

ويكرّر الشيخ المرادي دعوته لهؤلاء ويخاطبهم: “نحن إخوانكم ولسنا أعداءً لكم، والجيش واللجان الشعبيّة إخوانكم وليسوا أعداء لكم، بل نحن وهم وإياكم أعداء للغازي المحتلّ الدخيل على شعبنا اليمني العظيم”.

 

 

 

أهميّةٌ ميدانية

 

وتتسارَعُ وتيرةُ المعارك العسكرية في المديريات الواقعة جنوبي مدينة مأرب، حَيثُ تمكّن أبطالُ الجيش واللجان الشعبيّة من تحرير مديريات حريب ورحبة وماهلية والعبدية وأجزاء واسعة من الجوبة وجبل مراد.

 

ويرى الخبيرُ وَالمحللُ الاستراتيجيُّ العسكري، العميد الركن عابد الثور، أن هذه المناطقَ تحمِلُ أهميّةً ميدانيةً؛ كونها ترتبط بمحافظتَي البيضاء وشبوة، كما يعتبر تحريرها هو تحرير لأهم المناطق العسكرية الاستراتيجية لقوى العدوان والمرتزِقة بمأرب، حَيثُ كانت هذه القوات تتموضع فيها، ولا سيما الجماعات الإجرامية التكفيرية “داعش” و”القاعدة”، وبالتالي فقد العدوان والمرتزِقة أهم المرتفعات والعوارض والوديان والحواضن الشعبيّة والقبلية التي بدأ التغلغل فيها مؤخراً”.

 

ويؤكّـدُ الخبيرُ الثور في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”، أن الجهةَ الشماليةَ لمحافظة مأرب تمتازُ بأنها “صحراوية” وَ”مكشوفة” ولن تساعدَ العدوَّ في الثبات، فيما الجهة الغربية محرَّرةٌ بالكامل من اتّجاه محافظة الجوف، مُشيراً إلى ضغط الجيش واللجان الشعبيّة على قوات العدوّ في المناطق الشمالية ولم يعد بإمْكَان العدوّ تحقيق أي صمود أَو ثبات، في المواجهة”، لافتاً إلى أن “98 % من الجهة الجنوبية لمحافظة مأرب تم تحريرها بالكامل، وإحكام السيطرة عليها”.

 

ويلفت الثور إلى أهميّةِ الدور القَبَلي المشارك في عملية التحرير والسيطرة وترتيب الأوضاع الأمنية في تلك المناطق، لا سِـيَّـما بعد رؤيتهم بأُمِّ العين ما يريده العدوان والاحتلال وأطماعه باحتلال اليمن ومصادرة سيادته وحريته واستقلاله ونهب ثرواته وخيراته، منوِّهًا إلى أن قوى الجيش واللجان الشعبيّة دائماً ما تركز في أعمالها العسكرية على استهداف قوات العدوّ ومحاولة تجنيب قبائل مأرب على عكس الجماعات الإرهابية والعناصر التكفيرية الذين كانوا يستنجدون ويحتمون خلف القرى وبين السكان والأهالي والأعيان العامة التي تعاملت معها قواتُ الجيش واللجان الشعبيّة بحذرٍ شديدٍ وبمهارة ودقة عالية”.

 

ويواصل العميد الثور قائلاً: “المعنوياتُ المدمَّـرةُ لقوى العدوان ساهمت وتساهِمُ في نجاحِ العمليات الهجومية شمال وجنوب وغرب مأرب، مُشيراً إلى أن العدوّ المرتزِق يحاول الاحتماء بالسكان والأهالي وسط مدينة مأرب واستخدامهم كدروع بشرية”، وأن قوى العدوان لم تخرجَ من أية منطقة إلا بعد أن تدمّـرها وتدمّـر ممتلكات أهاليها بشكل كامل”.

 

وحول الأهميّة الاستراتيجية والعسكرية لتحرير مناطق جنوب مدينة مأرب، يقول الثور: “بات من السهل على قواتنا التحَرّك إلى مشارف المدينة وسهولة وصولها ووصول عملياتها إلى وسط مدينة مأرب من الاتّجاهات الجنوبية والغربية والشمالية، وهنا سيكون تضييقُ الخناق على الأعداء للانسحاب من المنطقة الشرقية والشرقية الجنوبية، ولم يعد لديهم مكان يفرون إليه، خَاصَّةً بعد انسحاب الكثير من قياداتهم نحو شبوة وآخرين نحو السعوديّة، لافتاً إلى أن معظمَ خطوط وطرق الإمدَاد الرئيسية للعدوان والمرتزِقة بمأرب قد قُطعت، ولم يعد لديهم غير القليل جِـدًّا.

 

ويتابع الثور “بتحرير المناطق الجنوبية ضاق الخناقُ على قوى العدوان وعناصر القاعدة وداعش وكل العملاء والخونة في مدينة مأرب، بشكل كبير جِـدًّا ولم يستطيعوا القيام بأية عمليات عكسية”، مؤكّـداً أن الخطة العسكرية لقوات الجيش واللجان الشعبيّة كانت متفوقةً جِـدًّا وحدت من فاعلية غارات العدوان وسلاحه وعتاده في الميدان، وأفشلت كُـلّ خططه وأوراقه، موضحًا أن العدوان ضحى بالكثير حتى وصل به الحال إلى تفشّي الخلافات والصراعات بين صفوف مرتزِقته وأدواته العميلة، ووصل بالعدوان إلى مرحلة الإرباك والإحباط والهروب بالآلاف من خطوط المواجهة.

 

 

 

تضييقُ الخناق

 

لقد وصلت العملياتُ العسكرية لأبطال الجيش واللجان الشعبيّة في مأرب إلى مراحلها الأخيرة، بعد تحرير معظم المناطق في جنوب وغرب وشمال مدينة مأرب.

 

ويؤكّـدُ الخبيرُ والمحلِّلُ العسكري العقيد مجيب شمسان، أن ما حقّقته عملياتُ “فجر الحرية” و”ربيع النصر” وما سبقهما من عمليات “النصر المبين” و”البأس الشديد” عكست مدى القدرة والقوة لدى الجيش واللجان الشعبيّة، في إنجاز عمليات نوعية وكبيرة، لا سِـيَّـما أن هذه المناطق كانت تمثل تمركزاً للعناصر الإجرامية والتكفيرية “القاعدة” وَ”داعش” وثقلاً عسكرياً لقوى العدوان الذي كانت محافظةُ مأرب تشكل منطلقاً لعملياته العدائية ضد الشعب اليمني، وبالتالي كان الوصول إلى السلسلة الجبلية المطلة على مدينة مأرب من جهة الجنوب والمطلة على مديريات بيحان وعسيلان في شبوة، وتطويق الجوبة، وتقييد تحَرّك العدوان ومرتزِقته، قد مكّن أبطال الجيش واللجان الشعبيّة من تحرير مناطق واسعة، وهو ما أفقد العدوان أهم خطوط إمدَاداته من ناحية شبوة”.

 

ويقول الخبير شمسان: “بتحرير المناطق الجنوبية لمدينة مأرب لن يتبقى للعدوان سوى الخط الدولي إلى السعوديّة والمنفذ الشرقي باتّجاه حضرموت، وتطويق خط النار على قواتهم من ثلاثة محاورَ رئيسية وهي قد قطعت معها كُـلّ أنواع الإمدَاد والدعم من المناطق والمحافظات اليمنية ذات الغالبية السكانية، وأفقدتها التحصن بالجبال والوديان والقبائل”، مُضيفاً أن تشديد الخناق على قوى العدوان ومرتزِقتها في بقية المديرات سيقضي على ما بقي من حجرة الدمنا التي يدرك العدوان جيِّدًا بأن تحريرَ محافظة مأرب سيعني فقدانَ أهم أهدافه الاستراتيجية المتمثلة في السيطرة على مناطق الثروة والطاقة، لا سِـيَّـما أنه تم تحريرُ محافظتَي البيضاء والجوف، وبالتالي كان من أطماع العدوان السيطرةُ على هذه المحافظات، إضافةً إلى محافظات شبوة وحضرموت وتوظيف عناصر القاعدة في محافظة البيضاء، فأدت هذه العملياتُ إلى تحرير هذه المناطق.

 

ويرى العقيد شمسان أن تحرير ما تبقى من مديريات مأرب سيشكل سقوطاً لهذه الأهداف المتمثلة في السيطرة على منابع الثروة والطاقة، ومن هنا جاءت لقاءات تحالف العدوان المكثّـفة بالزيارات إلى مصر، كما زيارة وزير الدفاع للمرتزِقة المقدشي إلى مصر تبعها زيارة ما يسمى برئيس الوزراء في حكومة الفنادق معين عبدالملك، ولقائه بالقيادة المصرية، وسبق هذه اللقاءات لقاء رئيس وزراء المرتزِقة مع قيادات دول تحالف العدوان المسمى “مطلق سالم المزينا” الذي يتولى القيادة العليا لتحالف العدوان على الشعب اليمني، سعوديًّا، كما كان بالتزامن مع لقاء إقليمي تمثل باللقاء الإسرائيلي المصري والتحَرّكات المكثّـفة باللقاءات الإماراتية المصرية وغيرها، تدل دلالةً واضحةً بأن الهدفَ من الدور المصري أن السيطرة على منابع الثروة والطاقة قد سقط من أذهانهم، وبالتالي فَـإنَّه لا بد من التحَرّك في الهدف الاستراتيجي الآخر المتمثل في الحفاظ على بقاء قواتهم المتواجدة في الموقع الاستراتيجي في مضيق باب المندب وجزيرة ميون والمعركة في الساحل الغربي، على اعتبار أن هذا الهدفَ يعد من أعظم الأهداف التي دفعت دول العدوان إلى ممارسة أعمالها العدائية على الشعب اليمني؛ مِن أجلِ حماية الكيان الصهيوني الذي يرى بأن مضيق باب المندب وأهميته يشكل خطراً وجودياً على هذا الكيان”.

 

ويضيف شمسان: “من خلال ما سمعنا عن نتائجَ ما جرى خلال اللقاءات فيما بينهم وعن الحديث عن تأمين الملاحة، فهذه دلالة واضحة بأن الأمريكي والإسرائيلي وأدواتهم يشعرون بأن العملياتِ القتاليةَ للجيش واللجان الشعبيّة باتت على وشك إسقاط أهم أهدافهم المتمثل في السيطرة على منابع الثروة والطاقة في اليمن، وأنه لا بد من تعزيز حضروهم في ما يتعلق بالهدف الاستراتيجي المتمثل في السيطرة على السواحل والجزر اليمنية”.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة