كلفةُ الصمت وأرباحُ المواجهة

سند الصيادي

 

مع استمرارِ العدوانِ على اليمنِ للعام السابع، لا يزالُ الرفضُ هو العنوانَ لأَيَّةِ سُبُلٍ أَو مساعٍ تقومُ بها صنعاءُ؛ لخلق الحلِّ السياسي وإنهاء الحرب، وفي ظل هذا يفقَهُ اليمنيون جيِّدًا النوايا المعهودةَ والمشهودة لدى أمريكا وَالنظام السعوديّ بما يكفي لأَنْ تبقى اليدُ على الزناد وَيعلوَ خطابُ البندقية النافذُ فوق كُـلّ بيانات الترويض وَالترهيب وَمزاعم السلام المغلوط والمفترَى عليه.

 

وفي الوقت الذي تنطلق أمريكا في رفضها وَمراوغتها من منطلقات المنهجية الصهيونية التي تأسست عليها في الهيمنة والاستكبار، تبدو السعوديّة في اللُّعبة أدَاةً مُجَـرَّدةً من أي قرار ذاتي أَو تصرف يستلزمُ العودةَ إلى الموقف الأمريكي ولا ينصدمُ بأجندته ومخطّطاته.

 

يعاني ابن سلمان من مآلات حرب بلا سقف يمكن أن يوصله، ولا قاع يمكن أن يسقط عليه، وَبصمت قسري يعاني أكثرَ من الأنانية والدونية التي تمارسُها واشنطن على حليفٍ مطيعٍ لا يلقى أدنى شفقةٍ أَو تقدير.

 

وفي هذه البيئة المختلَّة في العلاقات تبقى اليمنُ في موقفٍ كربلائي خالد، تخوضُ غِمارَ الحرب التي فُرضت عليها وَوضعتها أمامَ خياراتٍ صعبةٍ وأليمة، كان أقلها كلفة وَأعظمها قداسة هو خيار المواجهة.

 

وفي ظل هذا الخيار، يتدافعُ اليمنيون للدفاع بكل بسالة عن أرضهم وَدولتهم، وفي ذات الوقت غير متغاضين عن هموم شعبهم وتطلعاته في الحياة الكريمة، يحملون ظروفَه في ضمائرهم؛ وَلأجله ينشُدُون السلام وَيسعون إلى تقليلِ كُلفةِ الحرب وتداعياتها الإنسانية والاقتصادية، دون أن يكونَ ذلك على حساب الخيارات اليمنية المستحقة والمشروعة.

 

بالمقابل، لا تزالُ بعضُ الأحزاب السياسية رهينةً لماضيها المشبَّع بالمساومات في المواقف الوطنية، وَماضيةً في سياسة مسك العصا من المنتصف، لم تستوعبِ التحدياتِ وَالأخطارَ ولا نزيفَ دماء الأبرياء وَالعُزَّل؛ بفعل العدوان، ولا تضحيات الشعب الكريمة في ميادين الدفاع عن الأرض والعِرض والسيادة، ومثلُ هذه الحالة تفرِضُ علينا أن نحذر من مآلات هذا التحاذق الذي لن يثمرَ إلَّا انحساراً لما بقي لها من رصيدٍ شعبي ووطني.

 

وفي المناطق المحتلّة يمارِسُ بقيةُ هذا التحالف العدائي من أدوات الداخل هِوايتَهم في نهبِ مقدرات الشعب لمصلحة الغازي المحتلّ الذي استرخصهم لدرجةِ أن سلَّموا له الجَمَل بما حَمَل، وَالشواهدُ كثيرةٌ، فالغضبُ الشعبي المتصاعِدُ في تلك المناطق ليس إلَّا بداية السيل الذي سيجرِفُ الغُثاءَ الذي تمادى في مصادَرة الثروة وَتجريف الهُــوِيَّة، وَالنصرُ وعد، والموعدُ محكومٌ بضبط الوعي بتوقيت صنعاء، صنعاءُ التي حذرت مبكراً من فاتورة الصمتِ الباهظة مقابلَ أرباح التحَرُّك والمواجهة.

مقالات ذات صلة