إضاءات من ثورة الإمام زيد بن علي (ع)

محمد حسن زيد

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله، توكلت على الله رب العالمين:

 

إضاءات معاصرة يمكن أن نستفيدها من ثورة الإمام زيد بن علي

 

الإضاءة 1: فجاء زيد وفي مجلس هشام يهودي يسب رسول الله … الخ، وهذا متطابق مع ما يحدث في زمننا وبشكل ممنهج غير مسبوق، ونموذج هشام يتجسد في جملة من مسؤولينا ومثقفينا من اللامبالاة التامة بمقدسات الإسلام وبديهياته المتفق عليها، والإضاءة هنا أن الحفاظ على قدسية أسس وبديهيات الإسلام هو أهم دور لأهل البيت ومسؤوليتهم الخاصة حين تخفت جذوة ارتباط صفوة الناس بالله والرسول والكتاب، وذلك مصداق لخبره صلى الله عليه وآله وسلم : “تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي”

 

“واستدعى هشام زيداً عليه السلام وكانت آخر مرة فجاء وفي مجلسه يهودي يسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فانتهره زيد وقال يا كافر أما والله لئن تمكنت منك لأختطفن روحك فقال هشام: مه يا زيد لا تؤذِ جليسنا. فخرج زيد عليه السلام وهو يقول: من استشعر حب البقاء استدثر الذل إلى الفناء.”

 

ولعل من الغرائب التي عايشناها حين كان يمارس بعض الصحفيين حرية الرأي والصحافة بالتطاول على الله تعالى والاستخفاف بنبيه الكريم دون أن ينكر عليهم أحد في المستوى الرسمي أو الثقافي،

 

وفي المقابل تقوم القيامة وتتحرك مشاعر الجنون والريبة ضد التشيع (والمجوس) في استباحة ضمنية لدمائهم وجميع حقوقهم، وهذا التناقض المفضوح إنما كان لأن النظام العالمي قد عادى حزب الله بعد تموز 2006 فسلط أوغاده عليه وعلى ما يمثل، فما عادت حرية الرأي والصحافة تتسع له، وهذا شيء طبيعي ومتكرر في عهد الطغاة عبر كل الأزمان ولم يسلم منه حتى الأنبياء صلوات الله عليهم وبركاته.

 

 

 

الإضاءة 2: ما يُروى عنه عليه السلام حين شاهد امرأة تأكل من بقايا الطعام، فتأثر وقال: “من أجل هذه كان خروجي” .. أو بهذا المعنى! فالقضية الأساسية هي طلب العدل والقيام بأمر المستضعفين وليست صراعاً محموماً على السلطة وحسداً للآخرين على مآثرها والفخر بها، وذلكم عمر بن عبدالعزيز الأموي رحمه الله لم يُعرف أنه قد خرج عليه إمام من أئمة أهل البيت حين أقام العدل والتزم سبيل التقوى، بل كان الحديث عن ميلهم إليه ووقوفهم معه.

 

“يا معاشر الفقهاء، ويا أهل الحجا، أنا حجة اللّه عليكم، هذه يدي مع أيديكم، على أن نقيم حدود اللّه، ونعمل بكتاب اللّه، ونَقْسِم بينكم فَيْأَكم بالسوية”

 

 

 

الإضاءة 3: الإمام زيد لم يبتدر هشاماً بالحرب والخروج، بل إن محاولات هشام الحثيثة لإذلال زيد وتركيعه وهو الذي لم يقترف ذنباً إلا أنه أمر الظالمَ بالمعروف ونهاه عن المنكر هو ما اضطره لإعلان الخروج عليه

 

اللَهُمَّ إنَّك تَعْلَمُ أني مُكْرَهٌ مَجْبُورٌ مضطرٌ غيرُ مختارٍ ولا مالك لنفسي، اللَهُمَّ واكفني كَيْدَهُ وألبِسْنِي جُبَّةَ عِزٍّ لكيلا أخشعَ لسلطانِه، ولا أرهب من جنوده، اللَهُمَّ وابسُط لِساني عليه بإعزازِ الحقِّ ونُصْرَتِه، كي أقولَ قولَ الحقِّ ولا تأخُذُنِي لومةُ لائم، ولا إذلالُ الجبَّارِين، اللَهُمَّ واجْمَعْ قَلْبِي عَلَى هِدَايتِكَ، وأرني من إِعزازِكَ إياي ما يَصْغُرُ به عندي مُلْكُه، وتَذِلُّ لي نَخْوَتُه، اللَهُمَّ فاطْرَحِ الهيبة في قَلْبِه وذَلِّلْ لي نفسه، واحْبِسْ عَنِّي كَيْدَهُ.

 

ولعلنا نلمس هذا الاضطرار أيضا في الحروب المتكررة التي عاشتها اليمن في العقد الأخير وتم فرضها على هذا الشعب لقهره وإذلاله تحت شعارات كاذبة وأهداف وهمية انتهاء بهذه الحرب العالمية التدميرية المفروضة على اليمن قرابة الثلاث سنوات قصفاً وحصاراً وتفتيتاً وقطعاً للأرزاق ومجازر جماعية ومازالت تتعنت ولا ترضى بأي حل وتصر على إذلال اليمن وتركيعه معتمدة على تفوقها المادي وموالاتها لطواغيت الأرض من دون الله.

 

 

 

الإضاءة 4: الإمام زيد بن علي قاد الصفوة الفكرية في عصره في فترة اتسمت بنشوء المدارس الفكرية، وهذا دليل على خطأ من يجعل من التباينات الفكرية عذراً للعزلة السياسية والقطيعة النضالية، وهو يدل أيضاً على ضرورة العمل على تجاوز الخلافات الفكرية وإمكانية تحقيق الوحدة السياسية للأمة رغم الاختلاف الفكري فالكثير ناضلوا مع زيد بن علي عليه السلام رغم أنهم قد لا يوافقونه في بعض الآراء الأصولية والفروعية كأبي حنيفة رحمه الله، والإمام زيد استوعبهم

 

قال أبو حنيفة لما أتته رسل الإمام زيد عليه السلام: هو والله صاحب الحق، وهو أعلم من نعرف في هذا الزمان، فاقرئاه مني السلام، وأخبراه أن مرضاً يمنعني من الخروج معه، وأرسل بثلاثين ألف درهم لإعانته على الجهاد، وقال: والله لئن شفيت لأخرجن معه، وقد كان يقول رحمه الله: ضاهى خروجه خروج رسول الله يوم بدر ، وقال الأعمش: والله لولا ضرة بي لخرجت معه.

 

 

 

الإضاءة 5: قول زيد عليه السلام حين خفقت الرايات: الحمد لله الذي أكمل لي ديني … إن أُجِجَتْ نارٌ ثم قُذِفتُ فيها … إلخ، إن خط النبوة النقي الصافي يحتاج لتضحيات أهل البيت كي يبقى نقياً من الغلو والانتحال والتحريف، وليست القضية تمييز بني هاشم تمييزاً طبقياً وتكبرهم على خلق الله واستئثارهم بالنعم والغنائم والفخر دون الناس، دور أهل البيت هو مسؤولية صعبة رأى الإمام زيد أن أداءها قد تم حين استشهد لا حين أصبح ملكا أو رئيسا، فقضية أهل البيت ليست إثبات أفضليتهم على الناس وتقدمهم على سواهم في أي ميدان إلا في ميدان الريادة في التضحية من أجل مبادئ جدهم المصطفى والشعور بالمسؤولية تجاهها حين ينشغل غيرهم بأموره وحياته وأولاده ومعاشه

 

“وعندما خفقت الرايات على رأس الإمام زيد بن علي (عليه السلام) قال : الحمد لله الذي أكمل لي ديني، واللّه ما يسرني أن لقيت محمداً صلى اللّه عليه وآله وسلم، ولم آمر في أمته بالمعروف ولم أنههم عن المنكر، والله ما أبالي إذا أقمت كتاب اللّه عز وجل وسنة رسوله صلى اللّه عليه وآله وسلم؛ أن أجِّجَت لي نارٌ ثم قُذِفْتُ فيها، ثم صرت بعد ذلك إلى رحمة اللّه تعالى، والله لا ينصرني أحد إلا كان في الرفيق الأعلى، مع محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين صلوات اللّه وسلامه عليهم.”

 

 

 

الإضاءة 6: في مناظرة الإمام زيد مع علماء الشام قبل الخروج إشارة مهمة لضرورة كسر الأصنام الفكرية التي ركزها الظالمون لتثبيت سلطانهم قبل خوض المعركة العسكرية، ففكرة الجبر التي ازدهرت في ظل الدولة الأموية وأصلت للخنوع والقعود والسلبية في المجتمع وثبتت الظالم على عرشه كان لا بد من كسرها وخوض معركة فكرية معها تمهيدا للمعركة العسكرية لا العكس.

 

ومن جانب آخر هذا يبين كيف يمكن أن يتحول الخطاب الديني إلى عامل سلبي لتكريس الواقع الراكد عندما ينحرف في ظل الدولة الظالمة، وهي معركة لا بد أن يخوضها جميع المصلحين قبل المعركة العسكرية كما خاضها الأنبياء صلوات الله عليهم

 

“انما تصلح الأمور على أيدي العلماء، وتفسد بهم إذا باعوا أمر الله ونهيه بمعاونة الظالمين الجائرين”

 

 

 

الإضاءة 7: في المواجهة مع الرافضة عدة عبر وفوائد، منها أن خذلان الحق قد يتلبس بالحرص على الحق وقد يتقمص أجلَّ الشعارات وأنبلها وأنظفها، وأنه قد يصر على التركيز على اعتبارات فكرية معينة ولو أدى ذلك لخذلان الرضا من آل محمد في سعيه لإقامة العدل ودحض الباطل وذلك مهما كان ظاهره نقيا وحريصا فليس إلا عملا شيطانيا منحرفا مهما تلبس بالدقة والتحري والتدين

 

“فالرافضة هم الذين رفضوا بيعة الإمام زيد بن علي عليه السلام، قال الإمام الهادي: وإنما فرق بين زيد وجعفر قوم كانوا بايعوا زيد بن علي، فلما بلغهم أن سلطان الكوفة يطلب من بايع زيداً، ويعاقبهم خافوا على أنفسهم، فخرجوا من بيعة زيد، ورفضوه، مخافة من هذا السلطان، ثم لا يدرون بماذا يحتجون على من لامهم وعاب عليهم فعلهم، فقالوا بالوصية حينئذ.

 

ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: “سيكون من بعدي قوم يرفضون الجهاد مع الأخيار من أهل بيتي، ويقولون ليس عليهم أمر بمعروف، ولا نهي عن منكر، يقلدون دينهم، ويتبعون أهوائهم.”

 

 

 

الإضاءة 8: عبادَ الله: البصيرةَ ..البصيرةَ … الخ، الإمام زيد يحرض أصحابه على التحري والتبصر ونبذ التعصب حتى لو كان له، فليست القضية قضية تعصب أعمى وميل حزبي وطائفي وقومي وديني يزينه في النفس حب الدنيا والإخلاد إليها، فمثل هؤلاء لا ثبتون في ساحة حرب ولا نضال، بل القضية قضية بصيرة وإخلاص نية لله ونصرة للحق وإقامة للعدل ودحض للباطل وتحرر تام من الأطماع والأنانية والطموحات الدنيوية الزائلة حتما والتافهة بالمعيار الأخروي الأبدي

 

“عباد اللّه البصيرة .. البصيرة.

 

قال أبو الجارود فقلت له: يا ابن رسول اللّه يبذل الرجل نفسه على غير بصيرة؟! قال: نعم، إن أكثر من ترى عشقت نفوسُهم الدنيا، فالطمع أرداهم إلا القليل الذين لا تخطر على قلوبهم الدنيا، ولا لها يسعون، فأولئك مني وأنا منهم.”

 

 

 

الإضاءة 9: عانى الإمام زيد عليه السلام من أسلوب السفاهة والبلطجة والنيل من الرموز كتكتيك من تكتيكات الحرب التي استخدمها العدو المنافق اللئيم

 

“ظهر رجل من اهل الشام من كلب على فرس رائع فلم يزل شتما لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فجعل زيد يبكي حتى ابتلت لحيته وجعل يقول: اما احد يغضب لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ أما احد يغضب لرسول الله صلى الله عليه وآله ؟ اما أحد يغضب لله ؟”

 

 

 

الإضاءة 10: أن من يفترض به أن يقود الناس ويتولى شؤونهم يجب أن يكون نظيفا وأكمل الناس تأهيلا وسلوكا وعقلا لا أن يكتفى في مؤهلاته أنه من أبوين يمنيين حتى لو كان ماكرا كذابا جبارا لئيما، بل إن البعض قد بلغ به الشطط أن يشترط فيه الجرأة على اقتراف المعاصي والمجاهرة بها باعتبار ذلك انفتاحا واعتدالا ونبذا للتطرف!! ومن المعلوم أن عواقب تولي مثل هؤلاء (المعتدلين) وخيمة جدا لا يسلم منها فرد ولا بيت ولا شيء وقد تؤدي إلى تشوه عميق ومزمن في حاضر الأمة ومستقبلها، ولذلك من مسؤولية حاملي راية أهل البيت مواجهة هذا النوع من الطواغيت مهما كانت التضحيات.

 

“دخل زيد عليه السلام مرة وقد سمع بان هشام بن عبد الملك قد أعلن على رؤوس الملأ في يوم حج وأقسم أن لا يأمره أحد بتقوى الله إلا ليقطعن رأسه فلما دخل عليه الإمام زيد قال له: اتق الله، يا هشام ! فقال: أو مثلك يأمرني بتقوى الله ؟ فقال: نعم ! إن الله لم يرفع أحدا فوق أن يؤمر بتقوى الله ولم يضع أحدا دون أن يأمر بتقوى الله. فقال هشام هذا تحقيق لما رفع إلي عنك . ومن أمرك أن تضع نفسك في غير موضعها وتراها فوق مكانها ؟ فترفع على نفسك واعرف قدرك ولا تشاور سلطانك ولا تخالف على إمامك . فقال الإمام زيد : من وضع نفسه في غير موضعها إثم بربه ومن رفع نفسه عن مكانها خسر نفسه ومن لم يعرف قدره ضل عن سبيل ربه ومن شاور سلطانه وخالف إمامه هلك أفتدري يا هشام من ذلك ؟ ذلك من عصى ربه وتكبر على خالقه وتسمى باسم ليس له وأما الذي أمرك بتقوى الله فقد أدى إلى الله النصيحة فيك ودلك على رشدك ] فوثب هشام من مجلسه وقام قائلا : أخرجوه من مجلسي ولا يبيتن في معسكري . فخرج زيد وهو سأخرج ولن تجدني والله إلا حيث تكره . وخرج وهو يقول: والله ما كره قوم قط حر السيوف إلا ذلوا”

 

 

 

الإضاءة 11: الإمام زيد عليه السلام عانى من أسلوب التشويه والكيد السياسي كما يعانيه المناضلون اليوم، وهو كما يبدو سمة ثابتة لأئمة الظلم والكفر عبر الزمن وغرضه الحيلولة بين الحق الأبلج لأئمة الهدى وبين عامة الناس، علما أن الأنبياء واجهوا هذا النوع من الكيد السياسي والدعائي حين اتُهموا بالسحر والشعر، ولم يكن ذلك عذرا للناس الذين خذلوهم ووقعوا ضحية لهذه الدعاية الممنهجة

 

“أرسل هشام إلى واليه في العراق ليتدبر أمر زيد بن علي، وكتب هشام إلى يوسف بن عمر: إذا قدم عليك زيد بن علي فاجمع بينه وبين خالد، ولا يقيمن قبلك ساعة واحدة، فإني رأيته رجلا حلو اللسان شديد البيان خليقا بتمويه الكلام، وأهل العراق أسرع شيء إلى مثله.

فلما قدم زيد الكوفة دخل إلى يوسف فقال: لم أشخصتني من عند هشام؟ قال: ذكر خالد بن عبد الله أن له عندك ستمائة ألف درهم. قال: فأحضر خالدا ! فأحضره وعليه حديد ثقيل، فقال له يوسف: هذا زيد ابن علي، فاذكر ما لك عنده ! فقال: والله الذي لا إله إلا هو ما لي عنده قليل ولا كثير، ولا أردتم بإحضاره إلا ظلمه.”

 

 

 

الإضاءة 12: إذا تم الإخلال بالشروط الموضوعية للنصر العسكري بالخيانة أو التقاعس أو التفرق والاختلاف فلا يحق لنا أن نتوقع حدوث معجزات عسكرية في الميدان، إذ لم يطمع بذلك النبي صلى الله عليه وآله يوم أُحُدٍ حين عصاه الرماة

 

“واصبح زيد بن علي وجميع من وافاه تلك الليلة مائتان وثمانية عشر من الرجالة فقال زيد بن علي – عليه السلام – سبحان الله فأين الناس؟ قيل: هم محصورون في المسجد فقال: لا والله ما هذا لمن بايعنا بعذر.

 

ثم قال لا يسعنا عند الله خذلانهم فحمل حتى وصل إليهم وأمرهم بالخروج فلم يفعلوا ولم يفلحوا.

 

وقال نصر بن خزيمة يا أهل الكوفة أخرجوا من الذل إلى العز وإلى خير الدنيا والآخرة وأدخلوا الرايات عليهم من طاقات المسجد فلم ينجح ذلك فيهم شيئا.”

 

الإضاءة 13: الهزيمة العسكرية لا تعني الهزيمة الكلية ، بل قد تكون الهزيمةُ العسكريةُ (في معركة) سببا في الانتصار الكلي في الحرب ضد الباطل، فدم الإمام زيد عليه السلام لم يذهب هدرا بل أدى فيما أدى إلى سقوط الدولة الأموية وإلى نشوء مدرسة الزيدية الفكرية والسياسية والتي رفعها أهل البيت وأصبحت شعارا لهم، وهذا ما أراده زيد بخروجه فهو لم يرد الحياة أو الخلود في الدنيا ولكن تحولت مواقفه وآراؤه إلى ثورة مستمرة فجرها شهيد يأتي بعده شهيد، فسلام الله عليه وعلى من سار على نهجه

 

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لسبطه الحسين عليه السلام: “يخرج رجل من صلبك يقال له زيد يتخطى هو واصحابه يوم القيامة رقاب الناس غُرا محجلين يدخلون الجنة بغير حساب”

 

 

 

أبرز الأهداف التي حققتها ثورة الإمام زيد :

 

– الحفاظ على خط النبوة النقي الصافي الذي كاد أن يندرس في ظل ولادة المدارس الفكرية المتنوعة، فكانت ثورة زيد عليه السلام علامة فارقة في التاريخ

 

– وضع المسمار الأخير في نعش الدولة الظالمة، فدم الإمام زيد لم يذهب هدرا

 

– بيان إمكانية الوحدة السياسية للامة رغم الاختلاف المذهبي فالكثير بايعوا الإمام زيد عليه السلام رغم أنهم قد لا يوافقونه في بعض الآراء الأصولية والفروعية كأبي حنيفة.

 

– التعرف على نموذجين خطيرين لبسا ثوب الديانة لكنهما أضرا بمصير هذه الأمة، نموذج المقاتلة (الظالمين) ونموذج الرافضة (الخاذلين)

 

– وضع الأسس الأولى لفلسفة الثورة عند أهل البيت والنظرية السياسية في الإسلام وبيان الخطوات العملية للثورة باعتبارها عملا بناء لا طلبا للسلطة أوهدما وتخريبا وطلبا للفتنة وشق الصف وكان بيان ذلك بأنها بدأت بالتوضيح والمباينة وإلزام الحجة ثم تحولت إلى عمل عسكري لا يهدف إلى القتل بل يهدف إلى البصيرة، كما بينت شروط المتصدي للامامة عند الزيدية.

 

– إعادة الدور القيادي والريادي لأهل البيت عليهم السلام ذلك الدور الذي ظن البعض أنه قد انتهى بعد مجزرة كربلاء وفتح الباب الذي لم يغلق لثورات أهل البيت مستقبلا

 

 

 

البرنامج السياسي الذي قدمه الإمام زيد في ثورته:

 

 

 

بناء الإنسان بإحضار وعيه وقدح الشعور بالحرية في نفسه (رسالة الى العلماء لنقض الجبر باعتباره أفيونا فكريا – إقامة العدل ومحاربة الفقر في قوله من أجل هذه خرجنا- ضرورة التبصر والاقتناع والوعي في قوله البصيرة البصيرة بخلاف الخصم الذي كان يعتمد على تغييب الوعي).

 

إعادة النظر في المرجعيات السائدة: (المرجعية للقرءان بما يمثله من قيمة دستورية تقاس بها جميع التفاصيل والتشريعات – صلاح العلماء باعتبارهم الموجه الرئيسي للرأي العام – مسؤولية المتكاملين من أهل البيت في ريادة تقديم التضحيات وضرورة التفاف الناس حولهم مع في ذلك من مشقة وغرم).

 

– ضرورة إقامة العدل تجسد ذلك في قوله للمرأة التي تأكل من بقايا الطعام، لأجل هذه خرجنا

 

– ضرورة الاحتكام لكتاب الله والرجوع إليه وتصحيح المسار الفكري والسياسي ليتلائم مع تراث الإسلام والنبوة الذي شابه الفساد والتحريف في ظل عبادة الطواغيت ، يقول زيد عليه السلام في بيان هذا الهدف “وإنما ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلّى الله عليه وآله وإلى السنن أن تُحيى وإلى البدع أن تُطفأ، فان أنتم أجبتمونا سُعدتم وإن أنتم أبيتنم فلست عليكم بوكيل، ففارقوه ونكثوا بيعته” ، ويقول عليه السلام في القرءان الكريم :« أوصيكم أن تتخذوا كتاب اللّه قائداً وإماماً، وأن تكونوا له تبعاً فيما أحببتم وكرهتم، وأن تتهموا أنفسكم ورأيكم في مالايوافق القرآن، فإن القرآن شفاء لمن استشفى به، ونور لمن اهتدى به، ونجاة لمن تبعه، من عمل به رَشَد، ومن حكم به عدل، ومن خاصم به فَلَج، ومن خالفه كفر، فيه نبأ من قبلكم، وخبر معادكم، وإليه منتهى أمركم.

 

– ضرورة وحدة الأمة، وضرورة الابتعاد عما يثير الحساسيات المذهبية التي تؤدي إلى شق الصف، وكان الثمن هو انشقاق الرافضة عنه، قال لصاحبه فى يوم من الأيام: (أما ترى هذه الثريا؟ أترى أحدا ينالها؟ فرد صاحبه: لا، فقال: «والله لوددت أن يدى ملتصقة بها فأقع إلى الأرض فأنقطع قطعة قطعة وأن الله يجمع بين أمة محمد وفي رواية أن الله يصلح بين أمة محمد).

 

– برسالته إلى العلماء أراد عليه السلام تصحيح البنية الفكرية السائدة في ذلك العصر من الأفكار الخاطئة التي كرسها الطغاة لحفظ عروشهم وأدت إلى تغييب وعي الإنسان وقتل حريته مثل أفكار الجبر والتشبيه وغيرها، والتشديد على التكليف الكبير الملقى على عاتق علماء الأمة كونهم من أهم المنابر الإعلامية القادرة على توجيه الرأي العام في ذلك الزمان، فكانوا يوجهونه لما يغيب وعي الإنسان ويحد من حريته، يقول عليه السلام “انما تصلح الأمور على أيدي العلماء، وتفسد بهم إذا باعوا أمر الله ونهيه بمعاونة الظالمين الجائرين”

 

– ضرورة احترام الآخرين من العلماء والصالحين حتى لو كانوا مختلفين، وهذا ما فعله مع أبي حنيفة وغيره من الأتقياء العقلاء إذ كان الإمام زيد على ود بهم جميعا ولم يعرف عنه سوى ذلك.

 

– نبذ العصبية حتى لو كانت لأهل الحق، فلم تكن العصبية لأهل الحق في رأيه لتنجي صاحبها طالما لم يكن مقتنعا بما يفعل. وهو ما أعلنه لمن بقي معه من أصحابه حيث قال لهم “البصيرة البصير”

 

– ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبر عن ذلك في مقولته الشهيرة الآن سألقى جدي رسول الله وقد أمرت في أمته بالمعروف ونهيت عن المنكر”

 

– أن على أهل البيت دون غيرهم تكون مسؤولية المبادرة والقيام بالتضحية عندما تخمل الأمة وتركن إلى الواقع المقيت، ولذلك فمسؤوليتهم في التصدي للثورة والإمامة ليست غنما اختصوا به دون سواهم بل هي غرم كلفوا أعباءه وقدموا التضحيات الجليلة من أجله قرونا من الزمان، ويمكن تلمس ذلك من خلال مجموع رسائله الصفوة وغيرها

 

– أن من يقود حركة التصحيح في المجتمع ينبغي أن يتحلى بعدة شروط أبرزها العلم والتقوى والزهد في حطام الدنيا وأن يكون محل إجماع لا أن يفرض نفسه، وكان قد اشار لكل ذلك في مقولته الشهيرة “اللَهُـمَّ إني أسألك سُلُوّاً عن الدنيا، وبغضاً لها ولأهلها، فإنَّ خَـيْـرَها زَهِيْدٌ، وشرَّها عتيدٌ، وجَمْعَها يَنْفَدُ، وصَفْوَها يَرْنَقُ، وجديدَها يَخْلَقُ، وخيرَها يَنْكَدُ، ومافات منها حَسْرَةٌ، وما أُصِيْبَ منها فِتْنَةٌ، إلا من نالته منك عِصْمَةٌ، أسألك اللَهُـمَّ العِصْمَةَ منها، ولاتجعلنا ممن رضي بها، واطمأن إليها، فإِنها مَنْ أمنها خانَتْهُ، ومن اطمأن إليها فَجَعَتْهُ، فلم يُقِمْ في الذي كان فيه منها، ولم يَظْعَنْ به عنها

 

 

مقالات ذات صلة