ثورةُ الحق ضد الباطل

هاشم أحمد وجيه الدين

إن مما لا ريب أن ثورة الإمَـام الحسين عليه السلام كانت أول ثورة في التاريخ الإسلامي تهدف إلى ترسيخ قيم الفضيلة والعدالة والحرية والاستقلال والانتصار للحق في وجه الباطل وحماية المستضعفين وصون حقوقهم وحفظ كرامتهم من ظلم وبطش وامتهان الطغاة والظلمة والمفسدين في الأرض.

 

‏كربلاء ليست مُجَـرّد قصة نعيد سردها ولا مُجَـرّد معركة بل هي ثورة بين الاستقلال والاستبداد بين الخير والشر بين العدل والظلم والإمَـام الحسين عليه السلام كان نموذجاً حياً في التضحية والفداء بكل غالٍ ونفيس في سبيل الله وحب الاستشهاد في سبيل ترسيخ الهُـوِيَّة الإيمانية النقية التي أرادها الله ورسوله والإمَـام علي عليه السلام أن تترسخ في وجدان هذه الأمة لكي تكون بمستوى المسئولية في نصرة الحق ومواجهة ظلم واستبداد الحكام المستكبرين المتملكين.

 

لولا ثورة الإمَـام الحسين عليه السلام وتضحياته بدمه وعشيرته وكل ما يملك ما كان لكل هذه المبادئ الإسلامية العظيمة أن تترسخ في ذاكرة الأجيال ليقفوا في وجه الطغاة والمستبدين والظلمة ويتأسوا بإمامهم العظيم إمام الجهاد والتضحية والاستشهاد والبذل السخي لكل غالٍ في سبيل الله والمستضعفين في الأرض.

 

وعندما وقف الإمَـام الحسين ليوضح للأُمَّـة الأهداف السامية التي خرج مِن أجلِها، ‏قال: عليه السلام:

 

إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أُمَّـة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق، فالله أولى بالحق ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين.

 

هنا أقام الإمَـام الحسين الحجّـة على أدعياء الإسلام وبيّن لهم حقيقة ما هم عليه من الضلال والبغي، وهو حفيد الرسول الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، ولا وجه للمقارنة بينه وبين أعدائه من كُـلّ النواحي.

 

ويضيف الإمَـام الحسين عليه السلام بقوله: ‏(أَلَا ترون أنَّ الحق لا يعمل به، وأنَّ الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً، فَـإنَّي لا أرى الموت إلَّا سعادة، ولا الحياة مع الظالمين إلَّا برما‎).

 

هنا يوضح الإمَـام الحسين أن أهم المبادئ التي جاء بها الإسلام ونبي الأُمَّــة عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم قد عطلها الطغاة والظلمة والمفسدين في الأرض وانحرفوا بالدين مساراً معاكساً وحاربوا الحق وانتهجوا الباطل والضلال فالموت في مقارعة هؤلاء المستبدين ما هو إلا سعادة والحياة في ظل وجودهم هي حياة الذل والهوان.

 

لقد انتصر في كربلاء الدم على السيف وانتصرت المبادئ والقيم الدينية على الزيف والخداع والتضليل وظل الإمَـام الحسين عليه السلام نهجاً وسلوكاً وقائداً وقُدوة لكل الأحرار على وجه الأرض.

 

لقد علّمنا الحسين أن مَن يعشق الحق ضحّى مِن أجلِه، ومن أراد الحرية لا يرضى بالعبودية، ومن ابتغى العزة نفض غبار الذل والخنوع واستحق من الله المعية.

مقالات ذات صلة