محورُ المقاومة.. بين الفعل وردته

منصور البكالي

 

بين الفعل وردته علاقةٌ طردية تعكسُ موازينَ القوى، ونقاطَ ضعفها من قوتها، ومصادر وحدود قدراتها، ومعرفة نفسياتها ومعنوياتها، فتعزز خطط واستراتيجيات، وتغير في الموازين والمعادلات، وتؤثر على وضع السياسات والقرارات، وتعيد تشكيل التحالفات بين المحاور وأطرافها، والحكومات وشعوبها، والمجتمعات وأفرادها.

 

وبنتائج الفعل وردته تتعزز قناعاتٌ وتضعُفُ أُخرى وترسّخ توجّـهات وتتبخر أُخرى، وتنهض قوىً وتُهزَمُ أُخرى، وتسود قيم ومبادئ، وتتلاشى أُخرى مهما كان نوعها، وخيرها من شرها، فيصير المنتصر فيها هو من يكتب التأريخ ويزيف الحقائق والأحداث، أَو يعيد تصويبها، وهو من يسن القوانين ويصدر مواثيقها، ويعقد الصفقات قبل وضع المعاهدات والاتّفاقيات، ويعيد رسم الجغرافيا وتشكيل حدودها، وهو من يصنع الحكام ويضمن وصولهم وإبقاءهم، وهو من يتحكم بحريات الشعوب وكراماتها قبل العبث بثرواتها ومقدراتها.

 

بل إن المتحكم بالفعل وردته في ميدان الصراع متحكم في كتابة التأريخ ورسم المستقبل، ونشر الثقافات وتغيير الهُويات، وتحريف المفاهيم، وقلب المصطلحات، وفق هواه ومصالحه، ومشاريعه ورؤاه، مالم يعيد تحريف الماضي ويزور فيه، فيحذف ويضيف.

 

وعلى المستوى العام يظل الفعل وردته مستمراً بين الخير والشر والحق والباطل، ومحوره الأَسَاسي الإنسان وعقائده والشعوب ومقدراتها، وأمام هذا الصراع المستدام أين يقفُ محور المقاومة وأنا وأنت وهم ونحن من معادلة الفعل والرد عليه في مواجهة محور الظلم والاستكبار العالمي؟ وهل عززت تحولات المواجهة وثمارها خلال السنوات الأخيرة أهميّة مبدأ الانتقال من مربع الرد على الفعل والتصدي له إلى مربع إدارة الفعل وتوجيهه نحو العدو؟

 

وما هو الواجب علينا لضمان نجاح هذا الانتقال والاستمرار فيه على درب الحرية ودحر الطغاة والمستكبرين والغزاة والغاصبين وأدواتهم وأذيالهم الجاثية على صدر أمتنا منذ قرون، فنحمي ديننا وقيمنا ومبادئنا وحريتنا وسيادة وكرامة شعوبنا وأوطاننا ومقدساتها وكل ما هو خاص بهُويتنا الايمانية والقومية؟ وهل نحن بمستوى الوعي وتحمل المسؤولية في ميدان المواجهة عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا وإعلامياً وثقافيًّا..؟ أم أنه لا يزال البعض منا تائهاً لا يعرفُ يمينَه من شماله، ولم يحاول الارتقاء بواقعه العاملي من موقعه الذي هو فيه ليكونَ بمستوى القدرة والاقتدار في التحكم بصير الفعل والرد عليه من منطلقات سليمة ومصادر قوية وأَسَاسية وإرادَة قوية وعزيمة وهمة عالية.

 

المطلوبُ منا للانتقال الفوري نحو معركة الفعل أن نعودَ إلى كتاب الله القرآن الكريم ونستخلصَ منه الدروس والعِبَرَ والأساليب والمنهجيات القرآنية ونعرف من خلاله الضمانات التي قدمها الله لعباده وأوليائه في معركتهم مع الباطل وقوى الظلم والإضلال لنكون على بينة ونعجل في إخراج الأُمَّــة من الواقع الذي هي فيه نتيجة ضعف ثقتها بالله وبوعده ووعيده، وبعدها عن أعلام الهدى.

مقالات ذات صلة