الولاية نجاةٌ وهداية

محمد بلحوت

تحل علينا مناسبة عظيمة بعظمة الإسلام، هي بمثابة البيان الختامي للرسالة السماوية والقرار الإلهي لأكبر مؤتمر نبوي عقد للأُمَّـة الإسلامية٠ إنها ذكرى عيد الولاية، اليوم الذي أمر الله نبيه بترسيخ مبادئها وإقامة أركانها وإعلانها للناس، ليكمل لهم دينه ويتم بها نعمته ولكي لا تكون للناس حجّـة بعدها.

 

وكان ذلك في أعقاب حجّـة الوداع التي شهدها أكثر من مِئة ألف من قبائل العرب التي اعتنقت الإسلام والتي أسماها خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلوات ربي عليه وعلى آله بهذا المسمى ليودعَ فيها أمته وينعي نفسه بقوله “لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا”..

 

وما كان الله ليترك أمرَ الأُمَّــة دون تحديد خليفة لرسوله وراعياً للأُمَّـة وأمورها وقائداً لها يقودها إلى عزتها وقوتها وريادتها. وخلافة الأمر هو أعظم وأهم وأخطر أمر من أمورها؛ باعتبَار أن مهمة النبي صلى الله عليه وآله هي التبليغ والإنذار أما أمر الهداية فلكل قوم هاد. وهذا ما ورد في القرآن بالنص الصريح {قل إِنَّمَا أنت مُنذِرٌ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} فهداية الأُمَّــة لا تكون بطرق عشوائية أَو بقرارات بشرية، هي تبنى على بصيرة ربانية واختيار سماوي.

 

هنا صدر القرار لرجل لم تُعرِفِ الدُّنيا رَجُـــلًا استطاع أن يتربَّعَ على عرش حُبِّ الله وتولّي اللهِ والرسول ومضيّه في صراط الحق المُستقيم.. وتوقهِ أن يتحصَّنَ بدرع الله الواقيّة خشية أنّ يقع في الذنوب والآثام ويكون مثالًا لأخيه وابن عمّه النّبي الأكرم..

 

ومَن كمثل ”الإمام علي بن أبي طالب” الذي تربّى في حِجْرِ الرسول الأعظم وعاش في مائدة النبّوة.. ذاك الذي لم يسجُدْ لأي صنم من أصنام قريش منذُ صِباه، وإنّما شبَّ في كنف النّبي واشتد عودهُ حتى صارت فضائله الجليّة وأخلاقه العاليّة أكثر من أنّ تُحصَى.. ومناقبُهُ أبعدَ من أنّ تتناهى..

 

وعندما ندرك أهميّة التولّي لأولياء الله وأهميّة تولّي الإمام علي عليه السلام الذي نصَّبهُ الرسول الأعظم من بعده كمولى للمسلمين وخليفةٍ من بعده بأمر من الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- في يوم الغدير الأغر.. ليُصبح النّاسُ على بُرهانٍ واحد أن يتولّوا الوصيَّ الإمامَ عليًا من بعد النّبي.. فلا نبيَّ بعد محمّد ولا كتابَ بعد القرآن ولا دينَ بعد الإسلام..

 

لقد زادت مساعي انحراف الأُمَّــة الإسلاميّة من خلال ما اقترفتهُ يدُ بني أُميّة وما صنعتهُ جريرةُ “معاوية بن أبي سُفيان” التي تتنافى مع حكم الله.. تماماً كما تفعلُ اليوم جريرةُ بني سعود وصهيون الذين سلكوا طريق جدّهم معاويّة اللّعين.. من خلال العداء لشعوب الأُمَّــة والعدوان عليها وخَاصَّة “العدوان على اليمن” الذي تشنّه أدواتُ الصهاينة والأمريكان وأصحاب العقالات منذ سبع سنوات..؛ لأَنَّهم يعلمون علمَ اليقين أنَّ الشعب اليمني يتولّى الإمام عليًا بكُلّ حفاوة وصدق وإخلاص ويقين، ومساعيهم أنّ يطمسوا معالمَ التولّي لدى الشعوب الإسلامية عامّة.. وحاشا لله أنّ نتراجعَ عن قيمنا ومبادئنا التي حظينا بها منذُ دخول الإمام علي إلى اليمن حتى السّاعة..

 

فارجعوا إلى وصية الله لرسوله، ووصية رسول الله إلى المسلمين كافةً في غدير خم في حجّـة الوداع، ففي ذلك خلاصكم في الدنيا والآخرة ولتدركوا جيِّدًا بأن مقاييسَ القوة والعزة والغلبة ومساراتها لا تدور إلا في فلك الولاية والتي بيّنها وأوضحها الله بصريح النص القرآني {وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.

مقالات ذات صلة