الولايةُ تخُصُّ المؤمنين فقط

د. مهيوب الحسام

 

إن الولايةَ لا تَخُصُّ منطقةً ولا بلداً من بلدان الأُمَّــة بعينه ولا موقعاً جغرافيًا معيناً ولا تَخُصُّ طائفةً ولا مذهباً إسلامياً ولا تَخُصُّ المسلمين على وجه العموم بما فيهم أتباعُ الرسالات أَو الشرائع السماوية جميعاً وليس معنياً بها غير المسلمين بل المعني بها المسلمين، وتحديداً منهم المؤمنون فقط.

 

الولاية لله ولرسوله وللمؤمنين تَخُصُّ المؤمنين بالله ورسوله محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- الذين آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله ولا يفرقون بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، كما وَرد في الآية (285) من سورة البقرة وهي لا تَخُصُّ الذين يتخذون اليهود والنصارى أولياءً أَو يتخذون الكافرين أولياءً من دون المؤمنين يبتغون عندهم العزة أَو يتخذون عدو الله وعدوهم أولياء يلقون إليهم بالمودة.

 

إن المعنيَّ بالولاية المؤمنون الذين لا يتخذون اليهود والنصارى أولياء من خاطبهم الله بقوله: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أولياء، بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ، وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” المائدة آية (51)؛ لأَنَّ من يتولاهم فقد أصبح منهم ولم يعد بمؤمن بل ومن الظالمين لأنفسهم أولاً والله لا يهدي القوم الظالمين.

 

وكذلك فَـإنَّهم الذين لا يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين يبتغون عندهم العزة والعزة لله جميعاً كما ورد في الآية (139) من سورة النساء ويقول الله (لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أولياء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً، وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ، وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) آل عمران آية (28) وفي الآية (144) من سورة النساء وهم أَيْـضاً لا يتخذون أعداء الله وأعداءهم أولياء يقول تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أولياء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ…” الممتحنة آية (1).

 

والمؤمنون هم الذين يؤمنون بما جاء به من هدى الله ربهم الذي حدّد لهم من هو وليهم بقوله (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) المائدة آية (55) والإمام علي عليه السلام هو أول المؤمنين وأعظمهم وهو في مقدمتهم وهو الذي ولاه رسول الله محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- في حجّـة الوداع بأمر وبتوجيه من الله ومن المعروف أن الرسول لا يتبع إلا ما يوحى إليه من ربه (من كنت مولاه فهذا علي مولاه).

 

إن المؤمنين جميعاً يدركون بأن تولي الإمام علي هو امتداد لتولي رسول الله محمد وأن تولي الرسول هو امتداد لتولي الله وأن تولي المؤمنين أعلام الهدى من آل بيت رسول الله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بقوله سبحانه (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) الأحزاب أية (33) هو امتداد لتولي الله ورسوله والإمام علي عليه السلام وليطمئن غير المؤمنين بأن هذا الحديث موجه للمؤمنين ولك أن تكون مؤمنا أَو غير مؤمن وفقا لقوله تعالى “من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”.

 

الله سبحانه لم يلزم غير المؤمنين بتوليه فقط بل خاطب المؤمنين وألزمهم بتوليه وتولي رسوله والمؤمنين ولم يخاطب سنة ولا شيعة وشافعية ولا حنبلية ولا مالكية وغيرها من التسميات التي ما أنزل الله بها من سلطان ولم يخاطب طوائف ولا مناطق فلم يخاطب ابن العراق وابن سوريا أَو الجزائر أَو مصر ولم يخاطب أبناء تعز أَو عدن أَو لحج… إلخ.

 

إنَّ التولِّيَ لله هو إيمان وعمل واتِّباع رسالته ونهجه فمثلاً كثير من أبناء حضرموت وعدن وتعز يتولون الله ورسوله والمؤمنين ومنهم من يتولى اليهود والنصارى ومنهم من يتولى الشيطان وكُلٌّ حسابه على الله ما لم يُلحِقْ ضرراً بغيره أَو يتولى أعداءَ الله وأعداءَ أبناء وطنه.

 

وفي النهاية لا يحق لأي إنسان أن يدَّعيَ إيماناً بالله ورسوله وبرسالته وهو يوالي اليهود والنصارى وأعداء الله ورسوله والمؤمنين أَو يوالي من يوالي اليهود والنصارى وأعداء الله ورسوله، ومن المعروف أن أدوات العدوان الأعرابية يوالون الأنجلوصهيوأمريكي أصيل العدوان وهو وليهم.

مقالات ذات صلة