الولاية هي المخرج والحل لعزة الأُمَّــةالمطاع

كوثر المطاع

مع حرارة الشمس الساطعة وَحرارة الرمضاء الشديدة وَتعب السفر، وَبعد أَيَّـام من الحج المقدس كان هناك أمرٌ جلل من الضروري أن يستوقف الرسول صلى الله عليه وَآله وسلم من كانوا حاضرين معه في وادي خم فيطلب من السابقين العودة وينتظر المتأخرين وفي الوقت ذاته يطلب بأن تجمع أقتاب الإبل؛ لكي يعتليها ولكن لم يكن وحيداً عند اعتلائها بل كان أخيه وَوصيه ورفيق مسيرته معه الأمام علي عليه السلام.

 

فما كان سبب الصعود إلا مِن أجلِ هذه الأُمَّــة والتي انتظرت لفصل الخطاب وما سيقال فيه وَكما هو معروف بأن النبي الكريم “لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى” ونزل الأمين على النبي وهو يقول ((يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين)) انتظر الناس باستغراب وترقب لما سيحصل وعليهم علامة الدهشة وَالفضول.

 

وها قد بدأ النبي صلى الله عليه وَآله وسلم بالحديث من بعد (بسم الله الرحمن الرحيم إني أوشك أن أدعى فأجيب، ولعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا…) في خطبة عظيمة مقتضبة مفادها بأن أشار للإمام علي وهو رافع ليده بأنه مولاهم ومولى كُـلّ مؤمن ومؤمنة وبأن عليهم أن يبايعوه لسلامتهم وسلامة دينهم، ثم تركهم مودعا بعد أن أتت المباركات له فقيل له “بخ بخ يا علي أصبحت مولاي ومولى كُـلّ مسلم ومسلمة” لم يختره النبي لأَنَّه ابن عمه وزوج ابنته أَو لأي سبب دنيوي بل اختاره الله؛ لأَنَّه يعرف بأنه الوحيد القادر على الحفاظ على هذه الأمانة، وهو القادر على تحمل هذه الرسالة العظيمة.

 

كيف لا وعلي مع الحق والحق مع علي يدور معه، حَيثُ ما دار، إذن فقد كان ذلك أول احتفال بهذه المناسبة الجليلة والتي نسميها بعيد الغدير أَو بيوم الولاية، وهي تعتبر احتفالا وفرحا بفضل الله علينا لكمال هذا الدين والذي جاء ليكون رحمة للعالمين محفوظا من عند الرحمن الرحيم، وكان الرسول أول المحتفلين به واحتفالنا هو اقتدَاء بالرسول الأعظم صلى الله عليه وَآله وسلم، وهو أَيْـضاً فرحة باكتمال الدين وبأن الدين ليس بناقص ولا يشوبه شيء.

 

فلماذا هذا الاحتفال!!؟

 

نحتفل به اليوم ونحن نعرف أولياءنا من آل بيت النبي، كي لا يكون لليهود والنصارى في يوم من الأيّام هم أولياءنا، ولا يكون لهم حجّـة علينا، إذن فهذا المبدأ يحفظ للأُمَّـة عزتها وكرامتها أمام أعداء الأُمَّــة؛ لأَنَّ جهل الأُمَّــة بماضيها وَبأهميّة الولاية يجعلها عرضة للوصاية الخارجية وباحتفالنا نكون من المجددين لهذه الشعيرة والتي تظل حاضرة لدى الأُمَّــة وَلا تغيب عنها يتعلمها الصغار وَيجددها الكبار في كُـلّ عام بفرحة العيد الأكبر.

 

ها نحن اليوم نلتمس هذه النعمة في مواجهة أعداء الله وَولايتنا لأعلام الهدى من آل بيت النبي صلى الله عليه وَآله وسلم، فنحن نواجه أكبر مشروع تآمري ضد الإسلام ومقدساته وَما إغلاق مكة المكرمة ومنع الحاج من الحج إلا ذريعة وَمؤامرة ضد المسلمين لا تواجه إلا بالتولي لأولياء الله من المؤمنين، وما هذه الحرب التي تشن على يمن الحكمة والإيمان إلَّا بسَببِ الحفاظ على ولايتهم وَاتباع أعلام الهدى فهم سفينة النجاة.

 

نحتفل به لأَنَّه يوم الضمانة الحقيقية لحماية هذه الأُمَّــة من اختراق أعدائها لها، والتي كان يتربص بهذه الأُمَّــة ودينها الحنيف من المنافقين وَالكفار واليهود، والذين شككوا فيه وَفي نزوله حتى شككوا في وصيه وَحرضوا الناس على عدم اتباعه ومبايعته، غيرة في سقيفة بني ساعدة.

 

نحتفل به؛ لأَنَّه منظومة أخلاق تحفظ للأُمَّـة عزتها وكرامتها وَحريتها ومجدها وَلا بديل عنها إلا موالاة أعداء الله وأعداء الأُمَّــة، وَبموالاتنا للمؤمنين وَالرسول الكريم هي امتداد لولاية الله تعالى.

 

إذن فالولاية اليوم هي المخرج لنجاة هذه الأُمَّــة، من كُـلّ ما يحاك ضدها ومن كُـلّ حرب وعدوان يشن ضدها، فما يجري اليوم من تطبيع لأعداء الله بصورة فاضحة تجعلنا حريصين كُـلّ الحرص على الاهتمام بهذه المناسبة.

مقالات ذات صلة