الساحل الغربي.. أربعة شهور مضت تنطق بنهاية العدو

عمران نت/ 16 سبتمبر 2018م

بقلم / علي الدرواني

لم يتوقفِ الاستنزافُ الذي تتعرَّضُ له قُــوَّات العدوان السعودي الأمريكي ومرتزقته في الساحل الغربي منذ بدء التصعيد قبل أَكْثَــر من ثلاثة أشهر بقيادة الإمارات، وتباعاً ينشُرُ الإعلام الحربي مشاهد موثّقة لحجم الخسائر التي يتكبّـدها العدوان ومرتزقته هناك.

وفي حين يظن الغزاة والمحتلون أن العوامل الموضوعية ولا سيما مساحة المعركة الشاسعة للساحل الغربي والمترامية الأطراف ميزة الانتقال من جبهة إلى أُخْرَى، وفتح عدة جبهات في نفس الوقت، إلّا أن هذه الميزة وبفعل الابطال المجاهدين من أبناء الجيش واللجان الشعبيَّة وأبناء تهامة الشرفاء وتكتيكاتهم القتالية المتنوعة تحولت إلى عامل استنزاف كبير ومحرقة واسعة لآلياتهم وجنودهم.

وإن كانت وسائل إعلام العدوان قد سوّقت بشكل تضليلي مكشوف وهْمَ انتصاراتها وإنجازاتها وسيطرتها على منطقة كيلو 16 إلّا أن كاميرا الإعلام الحربي قد كشفت زيفَ تلك الترهات والأباطيل وفضحتهم كما حصل سابقاً في مطار الحديدة وظهر أنها مجرد سراب بقيعة، فقد وثّقت كاميرا الإعلام الحربي عَدَداً من المدرعات المحترقة والمدمّـرة في منطقة كيلو 16، وتؤكّـد مصادر عسكرية اندحار مجاميع الارتزاق بعد تكبّـدها خَسَائرَ كبيرة في الأرواح والعتاد.

وخلال الأسبوعِ الماضي شهد الساحلُ الغربي هجماتٍ متكررةً ومتوالية للجيش واللجان الشعبيَّة على تجمعات المرتزقة المتناثرة في الساحل الغربي والمشتتة في تلك الصحاري والقفار، آخرها الهجوم على مواقع وتجمعات للغزاة والمرتزقة في قرية المنظر.

الواقع الميداني إذن يؤكّـد أن عملياتِ الجيش واللجان الشعبيَّة قد انتقلت من الدفاع إلى الهجوم في مختلف مناطق الاختراق التي وصلت إليها مجاميع الارتزاق، وَأن تلك العمليات قد تم التخطيطُ لها بشكل دقيق ومتأنٍّ؛ استعداداً لمثل هذا العدوان، الأمر الذي دفع بطيران العدوان للانتقام باستهداف المدنيين ومخازن الغذاء.

الجدير بالذكر هنا أن التصعيد العسكري الأخير لتحالف العدوان شرق الدريهمي وجنوب شرق مدينة الحديدة بقيادة رئيس أركان القُــوَّات الغازية الإماراتية، جاء عقب زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية الوسطى، الجنرال جوزيف فوتيل، لمدينة عدن المحتلة والتي وصلها برفقة وفدٍ عسكري رفيع، وعقد خلالها جلسة مغلقة مع رئاسة أركان مرتزقة العدوان، يقول مراقبون إنها تلقي الضوءَ بوضوح على الدور الأميركي وتؤكّـد أن معركة الحديدة والسواحل الغربية كانت ولا تزال معركةً أمريكيةً بامتياز.

وهنا نستحضرُ ما نُشر في موقع معهد واشنطن للكاتب مايكل نايتس المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج، مشدّداً أن المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة تقتضي «ألا ينتهي أي اتّفاق سلام برعاية الأمم المتحدة إلى خط ساحلي على البحر الأحمر خاضع لسيطرة الحوثيين، أَوْ رحلات جوية مباشرة غير خاضعة للتفتيش تهبط في المناطق الحوثية”.

هذا الكاتبُ هو نفسُه الذي كتب في الخامس عشر من مايو الماضي بالمشاركة مقالاً يغري دويلة الإمارات على الإقدام على غزو الحديدة، وحاول إقناعها بان الطريق معبّد أمامها إلى ميناء الحديدة من خلال الاعتماد على التضاريس السهلية من جهة، ومن جهة ثانية التقليل من قُــوَّة المدافعين المتمثلين بالجيش واللجان الشعبيَّة، وقلة إعدادهم، وثالثاً من خلال محاولة تشبيه الحديدة بعدن وما جرى فيها، بل وذهب بعيداً لتشبيهها بالمكلا التي سقطت بيد الاحتلال الإماراتي دون أن تطلق رصاصة واحدة.

مايكل نايتس تناسى وتجاهل طبيعة الحديدة المدينة الشمالية واختلافها عن عدن الجنوبية، على الأقل من، حيثُ ضعف الحاضنة الشعبيَّة في عدن، الأمر الذي يختلف كلياً عن الحديدة، بالإضَافَة إلى الدرس الذي تعلمه الجيش واللجان الشعبيَّة في عدن والذي يستحيل تكراره في الحديدة، والأهم هنا هو أن مدينة الحديدة تقف قلباً وقالباً في صف الوطن ضد الغزاة والمعتدين، وأبناء تهامة في مقدمة الصفوف لمواجهة هذا العدوّ، وقذ قدمت خيرة شبابها في سبيل الدفاع المقدس.

بقي شيءٌ راهن عليه العدوّ وخسر رهانه عليه في اللحظات الأولى، وذلك عندما حصل الاختراق وكادت قُــوَّات الغزو تحتل مطار الحديدة كانت إذ ذاك تنتظر إشارة من بعض خلاياها التي كانت زرعتها في مدينة الحديدة لتفجير الوضع داخل المدينة، الأمر الذي لم يتم؛ نظراً لليقظة التي تتحلى بها اجهزة الأمن في المدينة.

وبعيداً عن تقديرات نايتس والتي هي أَيْضاً فيما يبدو تقديرات القيادات العسكرية لتحالف العدوان، فإن الشهور الأربعة الماضية قالت الكلمة الفصل في طبيعة المأزق الذي دخلته مجاميع العدوان في الساحل الغربي بشكل عام، أكاد أجزم من خلال متابعة مشاهد الإعلام الحربي فقط للأعداد الكبيرة من المدرعات المدمّـرة هناك، بأن ما حشده العدوّ في الهجوم البري قد تم تدميره بالكامل، وَأن الآلات العسكرية التي يدفع بها الآن هي غير تلك التي دخلت مع بداية التصعيد الأخير في الساحل الغربي، وَأن الأيام القادمة ستكون أياماً سوداءَ تنتظر تحالف العدوان ومرتزقتهم..

وَإن ربَّك لبالمرصاد.

مقالات ذات صلة