اليهود وراء كُـلّ جريمة: وعد بلفور المشؤوم ونشوء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين

عمران نت/ 23 مايو 2018م

فِي كِتَابِ “اليَهُوْد وَرَاءِ كُلِّ جريمة” للكاتب الكندي وليام كار، يُسلِّطُ المؤلِّـفُ الضَّـوْءَ على الأمور التي لم تكُن واضحةً من أساليبِ اليَهُودِ للسيطرة على العالم، مستخدمين كافةَ الوسائلِ القذرةِ والجرائم التي لم يكن يُدرِكُ الناسُ أن اليَـهُـوْدَ يقفون وراءَها؛ للوصولِ إلى غايتِهم بالسيطرة على العالِمِ وثرواتِه، مُؤَكِّداً أَنَّه ما سيكشفُه في الكِتَابِ سيَصدمُ القُــرَّاء؛ نظراً لعِدَمِ قُدرةِ الكثيرِ مِنْهُمْ على استيعابِ خُبثِ اليَـهُـوْدِ من تلقاءِ أنفسِهم.

في ترجمةِ الكاتبِ وفقَ موسوعة ويكيبيديا هو باحثٌ كنديٌّ وأستاذٌ جامعيٌّ اختصَّ بالعُلوم وبالآثار القديمة. وقد قضى فترةً بفلسطينَ، ودَرَسَ بالجامعة (العِبرية) في القدس المحتلة، وسبق له أنْ عَرَضَ القضيةَ الفلسطينيةَ من مختلفِ جوانبِها، وَأثبتَ (بُطلانِ الحَــقِّ التأريخيِّ لدى اليَـهُـوْدِ)، وبشكل علمي موثّق وببراعة نرى من خلالها الصدقَ والتعلُّقَ بالحقِّ والعدالةِ.

ونظراً لأهميَّةِ محتوى الكِتابِ، تقومُ صحيفةُ المسيرةُ بنشره في سلسلةِ حلقاتٍ، معتمدةً على النسخةِ المترجمةِ والصادِرَةِ في عام 1982 عن دار الكِتابِ العربي في بيروت، والذي تولَّى شرحَه والتعليقَ عليه باللُّغة العربية الكاتبُ والمؤلِّفُ العراقيُّ “خيرُ الله الطلفاح”.

 

 

انقلب الموقفُ في بريطانيا بعد سقوط “اسكويث” واستلام الكتلة الصهيونية “للويد جورج” – تشرشل – بلفور الحكم وتلا ذلك تغيير الموقف العالمي أَيْضاً، فقد ألقت أمريكا بثقلها كله في الميدان بجانب بريطانيا وحلفائها ودخلت الحرب ضد ألمانيا في منتصف عام ۱۹۱۷، أي بعد ثلاثة أعوام من بدء الحرب وبعد أن وقفت خلال هذه الفترة كلها على الحياد..

لم تكن لأمريكا مصلحة حقيقية في دخول هذه الحرب التي استنزفت دماء الآلاف المؤلفة من أبنائها يومياً والملايين من نقودها، وكان الرأي العام الأمريكي كله إنعزالي يريد أن تقف بلاده بعيداً عن النزاعات الاستعمارية الأوروبية التي كان الشعب الأمريكي ينظر إليها بعين النفور والحذر، إذ لم يكن قد نسي بعد حرب الاستقلال التي خاضتها بلاده ذاتها ضد الاستعمار البريطاني.. ولكن عاملاً جدیداً طرأ على الموقف بعد استلام الكتلة الصهيونية الحكم في بريطانيا وسبب دخول أمريكا في الحرب دون أن يكون لرأي شعبها كله كبير وزن في تقرير مصيره..

أما هذا العامل الجديد فهو مجموعة من الاتصالات التي جرت من وراء الستار والتي كان أبرزها اتصال “روتشيلد” بوزير الخارجية البريطانية (بلفور) واتصال بلفور واللورد “ريدينغ” من ناحية ثانية مؤسسة “كوهين – لوب” في نیویورك ممثلة سادة المال العالميين في أمريكا.. وقد تم هذا الاتصال الأخير بصورة رسمية حين أرسلت الحكومة البريطانية وزير خارجيتها المستر بلفور يوم 5 نيسان / أبريل ۱۹۱۷ بمهمة رسمية للاتصال بمجموعة “كوهين – لوب” وممثلي مؤسسات الاحتكار الكبيرة المرتبطة معها وإبلاغهم رسمياً بأن الحكومة البريطانية ستتبنى مشاريعهم المتعاقبة بالصهيونية السياسية مقابل تعهدهم بتأیید دخول أمريكا الحرب إلى جانب بريطانيا.. وهذا ما تم تنفيذُه بالفعل من قبل الطرفين، ففي يوم 7 حزيران / يونيو ۱۹۱۷ وصلت القُـوَّات الأمريكية الأولى إلى أوروبا، أما بريطانيا فتبنت منذئذ القضية الصهيونية.. وعد بلفور:

نعود الآن إلى الاتصال الأول الذي تم بين “روتشيلد” و”بلفور”، ففي يوم ۱۸ تموز / تموز ۱۹۱۷، كتب اللورد روتشيلد عميد الفرع الانكليزي الأسرة روتشيلد الرسالة التالية إلى بلفور: “ها أنذا أرسل إليك أخيراً نص البيان الذي طلبته مني، فإذا تلقيت رسالة مكتوبة من قبل حكومة صاحب الجلالة تعلمني فيها الحكومة وأنتم شخصياً بتحبيذكم لهذا البيان فإنني سأقوم بإبلاغ ذلك إلى “الاتحاد الصهيوني” في اجتماع خاص سوف يدعى إليه لهذا الغرض خصيصاً”.. “اللورد روتشیلد”.

أما النص المذكور الذي يطلب اللورد “روتشيلد” من الحكومة البريطانية الموافقة عليه فهو نص أصبح فيما بعد وعد بلفور. . ويتضمن الفقرات التالية:

1- تقبل حكومة صاحب الجلالة بمبدأ وجوب إعادة تأسيس فلسطين كوطن قومي للشعب اليهودي.

2- سوف تبذل حكومة صاحب الجلالة كُـلّ طاقاتها لتأمين الوصول إلى هذا الهدف وسوف تناقش فيما بعد بالطرق والوسائل التي يتطلبها تحقيق هذا الهدف مع المنظمة الصهيونية.

وهكذا خضعت حكومة “للويد جورج” ممثلة بالمستر “بلفور” دون قيد أو شرط للشروط التي وضعها اللورد “روتشيلد” وزملاؤه، زعماء المنظمة الصهيونية..

ومما يثبت ارتباط هذه الحكومة بهؤلاء قبولها لطلباتهم الأُخْـرَى ولا سيما طلب تعيين اللورد “ريدينغ” رئيسا للبعثة الاقتصادية البريطانية في الولايات المتحدة، في حين أن اللورد “ريدينغ” هذا ليس سوى ذلك اليهودي المشبوه الذي كان اسمه “السير روفوس اسحق” والذي اقترن اسمه آنئذ – قبل أن يمنح لقب الورد – بفضيحة “مارکوني” الشهيرة.. وقد تبنى إقناع الحكومة البريطانية بتعيينه لهذا المنصب الحساس اللورد “روتشيلد” ذاته وزملاؤه الزعماء الصهيونيون: السير “هربرت صامويل” الذي أصبح فيما بعد أول مندوب سام لبريطانيا في فلسطين والسير “ألفرد مود” الذي منح أَيْضاً لقب لورد فيما بعد…

وقد أجرى اللورد “ريدينغ” محادثات مالية هامة سرية مع الحكومة الأمريكية لم يتمكّـن أحد من کشف سيرها، ولكن كان من نتائجها إعادة تنظيم بنك انكلترا على أسس جديدة بعد عام 1919 ونشوء بعض الارتباطات المالية الكبرى.

ونقل فيما يلي نص فقرات من رسالة أرسلها اليهودي “يعقوب شيف” ممثل مؤسسة” كوهين – لوب” في نيويورك إلى أحد الزعماء الصهيونيين المدعو “فريدمان” في شهر أيلول / سبتمبر ۱۹۱۷:

“إنني أعتقد الآن جازما أنه أصبح أمرا ممكن التحقيق تأمين مساندة بريطانيا وأمريكا وفرنسا لنا في كُـلّ الظروف للبدء بهجرة مستمرة واسعة النطاق لشعبنا إلى فلسطين ليستقر فيها.. وسيكون من الممكن فيما بعد الحصول على ضمانة من الدول الكبرى لاستقلال شعبنا وذلك حينها يبلغ عددنا في فلسطين مقداراً كافياً لتبرير مثل هذا الطلب”.

نعتقد أن هذه الحقائق كافية لكشف الستار عن ماهية القوى الخفية التي تتحكم في مصائر الشعوب من وراء الستار.. وللبرهان على أن الصهيونية ليست ظاهرة عفوية عارضة بل هي وليدة تخطط طويل الأمد ليس في الواقع سوى ذلك المخطط الذي أشرنا إليه عديد من المرات في هذا الكتاب.. أي ذلك المخطط الذي كونه المحفل الذي يوجه المرابين العالميين اليهود والذي يهدف إلى السيطرة على العالم بأسره بكل ما فيه من ثروات وموارد طبيعة وطاقات إنْسَانية..

وسنورد فيما يلي بعض التفاصيل الأُخْـرَى التي تستكمل مجموعة الحقائق السابقة وتلقي مزيداً من الضياء على الجوانب المجهولة من نفوذ السلطة الخفية والصهيونية في إنكلترا:

في يوم ۲۸ كانون الثاني / يناير 1915 دون رئيس الوزارة الانكليزية المستر “اسكويث” الفقرات التالية بخط يده في سجله اليومي:

“تلقيت للتو من “هربرت صامويل” مذكرة بعنوان “مستقبل فلسطين” وهو يظن أننا نستطيع إسكان ثلاثة أو أربعة ملايين يهودي أوروبي في ذلك البلد.. وقد بدت لي فكرته هذه كنسخة جديدة من أقاصيص الحروب الصليبية، وأعترف بنفوري من هذه المقترحات التي تضم مسؤوليات إضافية أُخْـرَى إلى مسؤولياتنا”… إلخ.

وتقدم لنا هذه العبارات البرهان الكافي على أن المستر اسكويث كان عدواً للصهيونية وخصم عنيداً للمؤامرة .. ولا ريب في أن موقف “اسكويث” ووزارته تقرر منذ ذلك الحين، وقد بينا في الصفحات السابقة كيف أعملت المؤامرة سلاح التشهير والفساد، ونكشف النقاب الآن عن الطرف الثاني من خطة المؤامرة التي كانت ترمي ليس فقط إلى إسقاط الوزارة بل إلى تقويض أجهزة النظام القائم آنئذ بمجموعها.

كان أرباب المال العالميون يسيطرون منذ أمد بعيد على الصناعات الحربية في انكلترا، وعندما قرر مخططو المؤامرة محاربة نظام “اسكويث” المعادي للصهيونية وجدت انكلترا نفسها فجأة وفي وسط الحرب أمام أزمة شديدة في الصناعة الكيميائية التي هي أساس صنع الذخائر الحربية والمتفجرات… إلخ.

كان المشرف على الإنتاج الكيمياوي في انكلترا “السير فردريك ناتان”.. اليهودي.. وقد عهد هذا إلى معامل “برونر – موند” بتلافي أزمة إنتاج المواد الكيمياوية ومنحها أرصدة حكومية ضخمة، أما مالكا هذه المعامل السيدان “برونر” و”موند” فكانا يهوديين أَيْضاً، وقد قام هذان بتأسيس معمل كيماوي ضخم في “مدينة سيلفر تاون” ألحقاه بشركتها بالرغم من أنه بني بأرصدة حكومية، وحين بدأ هذا المعمل إنتاجه أخذت أجهزة الدعاية والصحافة التي يسيطر عليها المرابون العالميون والصهيونيون تكيل آيات المديح جزافاً لـ “رونر” و”موند” هذين وتنسج هالات التمجيد المزيفة حولها وحول الماليين اليهود ناسبة إليهم أنهم يدعمون الإنتاج الحربي البريطاني في وقت تحيط به الأخطار ببريطانيا..

وهكذا ظهر هؤلاء بمظهر المنقذين وبقيت تبعة اللوم على عاتق الحكومة.. بيد أن معمل “سيلفر تاون” لم يلبث أن أنفجر وتهدم ثمانمائة منزل.. وكانت النتيجة أن الإنتاج الحربي الكيماوي تعثر من جديد وعادت الأزمة تتهدد وزارة “اسكويث”، أما الأبطال المزيفون فقد ظلوا بمنجى من اللوم يحيط بهم العطف والمديح. .

ويجب أن نذكر اختتامين لهذه التفاصيل أن “موند” المذكور الذي أصبح السير “ألفريد موند”، ثم المشرف على الإنتاج الكيماوي الانكليزي ومندوب الحكومة للإشراف على العمل في انكلترا هو بعينه فيما بعد رئيس الوكالة اليهودية في فلسطين..!!

وقد سردنا الأحداث التي تتالت منذئذ حتى سقوط “اسكويث” وتولي “للويد جورج” – بلفور – تشرشل – الحكم، ثم انقلاب الموقف في الحرب بعد رحلة بلفور إلى نيويورك للاتصال بالمرابين العالميين..

وقد نتساءل عن سبب اضطرار وزیر خارجية الامبراطورية إلى السفر بذاته إلى نيويورك للاتصال بهؤلاء في حين أن المجموعة “روتشيلد” مركزا رئيسيا في لندن کما ذكرنا في مناسبات عديدة؟.. فنجد الجواب على تساؤلنا هذا في الفقرة التالية التي ننقلها حرفية من “موسوعة المعلومات اليهودية” التي تقول ما يلي عن موضوع “المنظمة الصهيونية”:

“أجبر نشوء الحرب العالمية على نقل مركز المنظمة “الصهيونية” من برلين مركزها السابق إلى نيويورك، ونقلت السلطة بأجمعها إلى لجنة الطوارئ الاحتياطية للصهيونية برئاسة القاضي الأمريكي اليهودي “ل. ب. براندیس”..

لا تحتاج هذه الفقرة إلى تعليق أَيْضاً.. بيد أننا نضيف إليها مقالة الكاتب الانكليزي.. “ل. فراي” في كتابه “مياه تتدفق على الشرق” في الصفحة 51.

(ومنذ ذلك الحين – أي منذ انتقال مركز المنظمة الصهيونية إلى أمريكا – أخذ نفوذهم يظهر بصورة ملموسة أكثر فأكثر في جميع دوائر السياسة في أوروبا وأمريكا، وقد أصبحت “وكالة الهجرة اليهودية” بشكل خاص في وضع من القُـوَّة يمكنها من إرسال الأموال والاستعلامات للعناصر التخريبية في كُـلّ قطر من أقطار العالم)..

ونضيف أَيْضاً ما قاله المعلق الحربي الأمريكي “م. ارزبرغر” في كتابه “تجاربي في الحرب العالمية الأولى” في الصفحة 145، 146:

“حولت مؤسسة الأليانس “التحالف” الإسرائيلية يوم 16 آذار / مارس 1916 مبلغ 700 ألف فرنك فرنسي إلى محفل الشرق الأكبر في باريس، کما حولت إلى محفل الشرق الأكبر في روما مبلغ مليون ليرة إيطالي يوم ۱۸ آذار 1916 کما هو مسجل في سجلات هذا المحفل، ولست من السذاجة بحيث أتخيل أن هذه المبالغ دفعت إلى الممثلين لتوزيعها على فقراء اليهود فقط! وهي مبالغ ضخمة بعملة العصر، بل من البديهي أن لها غايات أُخْـرَى).

ويجب على أي حال أن نفرق بين الماسونية التابعة لمحافل الشرق الأكبر الخاضعة لنفوذ سادة المال العالميين وبين الماسونية الحرة عليها التي تؤمن با “مهندس الكون الأعظم” والتي تمكّـن هؤلاء من السيطرة عليها..

مقالات ذات صلة