القطاع الخاص في “السعودية” يتردّى بعد الإجراءات التقشّفية لرؤية 2030

عمران نت/ 21 مايو 2018م

تلقى البرامج الإقتصاديّة المستجدّة في “السعودية” تردّيات واسعة تنعكس بدورها على الواقع الإقتصادي وتحدياً القطاع الخاص، إذ سجّلت تقارير ودراسات اقتصاديّة حديثة تباطؤاً اقتصادياً ملحوظاً أحدث تراجعات حادّة شملت المؤسسات الخاصة ومداخيل الأفراد نتيجةً للقرارات التي اتُخذت بمقتضى تطبيق الرؤية الإقتصاديّة الجديدة أو ما يُعرف برؤية 2030. ظلال التباطؤ الإقتصادي بدأت تخيّم على الخطط الإقتصادية التي يقودها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، التي يُحتمل أن تُخلّف نتائج سلبية على المدى القصير بفعل ارتفاع مستويات التضخم إلى حدود 5.2% خلال هذا العام أي أعلى من توقعات صندوق النقد الدولي الذي أشار إلى أن نسبة التضخم ستصل إلى 5% بحسب شركة الخبير للاستشارات المالية. وفي تقرير أكدت الشركة أن أولى أسباب التضخّم المالي المتوقّع لهذا العام يعود إلى زيادة أسعار الكهرباء والوقود وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، فيما ستؤثر سياسات فرض الرسوم على العمالة الوافدة بالإضافة إلى الضرائب على الواردات، بشكل ملحوظ على الشركات والمستهلكين في المدى القصير، كما أنها ستضع الشركات أمام تحدٍّ يتمثل في البحث عن مهارات محليّة ستكلفها أعباء إضافية. وأظهر التقرير “أن معدل نمو الاقتصاد غير النفطي في [السعودية] تباطأ في يناير الماضي، مع تراجع مؤشر مديري المشتريات إلى 53 نقطة، في ظل انخفاض حجم الطلب بعد فرض الضريبة على القيمة المضافة، ما أدى إلى انخفاض نشاط الشركات وتراجع معدل الطلبيات الجديدة”. مبيّناً أن الشركات شهدت زيادة في تكاليف عناصر الإنتاج بعد بدء تطبيق الضريبة، وخفض الدعم الحكومي للوقود في يناير الثاني 2018. ووفقاً لبيانات صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء في “السعودية”، “انكمش الناتج المحلي السعودي في الربع الأخير من 2017 بنسبة 1.8%، مقابل نمو بنسبة 2.12% في الفترة المناظرة من 2016. كذلك انكمش القطاع النفطي بنسبة 4.27%، مقابل نمو 4.44% في الفترة المقابلة”. وقال مسؤولون ورجال أعمال بارزون، خلال مؤتمر ضم مئات المصرفيين الأجانب والمحليين ومستثمرين محتملين، إن “الخصخصة والشراكة بين الحكومة وشركات القطاع الخاص لبناء مشاريع البنية التحتية ستبدأ خلال أشهر”، فيما نُشرت أثناء المؤتمر دراسات أظهرت أن القطاع الخاص، الذي يفترض برنامج الإصلاح أنه سيخلق مئات الآلاف من الوظائف ويلعب دوراً أكبر بكثير في الاقتصاد خلال السنوات العشر القادمة، يواجه صعوبات كبيرة. المصرفيّون ورجال الأعمال الذين حضروا المؤتمر الذي عُقد مطلع الشهر الحالي لمناقشة تحرير “السعودية” من الإعتماد على صادرات النفط، عرضوا مسحاً شهرياً لمديري المشتريات بالشركات يُظهر أن نمو “نشاط القطاع الخاص تباطأ في أبريل نيسان الفائت إلى أدنى مستوياته منذ أن بدأ المسح في أغسطس آب 2009، وانخفضت الطلبيات الجديدة للمرة الأولى في تاريخ المسح، وهو ما يشير إلى ضعف النشاط الجديد” بحسب  المصرفيين. المشاركون في المؤتمر تطرّقوا أيضاً إلى تقلّص إقراض البنوك للقطاع الخاص منذ آذار الماضي وحتى ساعات انعقاد المؤتمر، بحسب بيانات البنك المركزي، في حين تمتلك البنوك الأموال الوفيرة إلا أن الشركات الخاصة تجد أن الإقتراض بهدف الإستمثار أمرٌ محدود الفائدة. التباطؤ الإقتصادي الذي تشهده “السعودية” لحق كذلك مبيعات السيارات التي تقلّصت بنحو 24 في المئة في 2017 حيث أكد رجال أعمال أنهم لم يروا أي زيادة تُذكر في هذا الإتجاه، بالرغم من رفع الحظر على قيادة النساء للسيارات. ويرى رجال أعمال أن المشكلة الرئيسية التي تُسبّب تباطؤاً حاداً وتثاقلاً في حركة نمو الاقتصاد السعودي تعود بالدرجة الأولى إلى برنامج الإصلاح المزعوم، وذلك بفعل الإجراءات التقشّفية التي أقرّتها السلطات بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة بواقع خمسة بالمئة وارتفاع أسعار الوقود المحلية وزيادة الرسوم التي تترتّب على العمالة الأجنبية. وتشكّل زيادة الرسوم المفروضة على جلب العمالة الأجنبية أعباءاً كبيرة على الشركات الخاصة، وفقاً لرجال أعمال، إذ تشجّع الرسوم على نزوح العمال الأجانب من البلاد في الوقت الذي يصعب فيه توفير أيدي عاملة محليّة مُعدّة ومُدرّبة لتحل مكانهم. وفي سياق الإجراءات التقشّفية التي تتخذها السلطات أقرّت هيئة اتصالات وتقنية المعلومات الإسبوع المنصرم، غرامات على شركتي “الاتصالات السعودية” و”اتحاد اتصالات (موبايلي)”، بمبلغ إجمالي وصل بمجموعه إلى 11.6 مليون ريال. كما سجّلت شركة “البحر الأحمر العالمية”، التي تقوم بتصنيع وبيع البيوت الجاهزة خسائر قدرها 15.4 مليون ريال بنهاية الربع الأول 2018 ، مقارنةً بأرباح 8.7 مليون ريال تم تحقيقها خلال نفس الفترة من عام 2017 . إلى ذلك انخفضت أرباح شركة “إسمنت المنطقة الشمالية”، إلى 1.7 مليون ريال بنهاية الربع الأول 2018 بنسبة قدرها 90 %، مقارنة بأرباح 16.3 مليون ريال تم تحقيقها خلال نفس الفترة من عام 2017. وخلص مؤشر السوق الموازية “نمو” إلى تسجيل تراجع نسبته 2.7 % عند 3037 نقطة 84 نقطة، وسط تداولات بلغت 1.6 مليون ريال.

مقالات ذات صلة