آل خليفة والضياع السياسي .. إلى أين تتجه بوصلة المنامة “حاليا”؟!

عمران نت/ 5 نوفمبر 2017م

الوقت التحليلي

يقول وزير الخارجية الأمريكية الأسبق، جون كيري “هناك نوعان من الأشياء التي يمكن رؤيتها من الفضاء. جبال الهيمالايا وعجز جورج بوش”، هذا الكلام ينطبق على القارة الأمريكية وشؤونها الداخلية أما نحن كأبناء شرق أوسط فيمكننا رؤية جبال الهيمالايا وعجز حمد بن عيسى آل خليفة من الفضاء.

سبعة أعوام مضت تقريبا ولم يتمكن آل خليفة من التقدم ولو خطوة واحدة في أسلوب التعاطي مع أبناء شعبهم أو حتى الإصغاء لمطالبهم المحقة بالعدالة والمساواة والمشاركة السياسية، وما يحدث اليوم في البحرين من اعتقالات وكمّ أفواه وقمع أكثر من نصف سكان البلاد، ليس إلا دليل عجز ومراوغة غير مجدية مع شعب خرج بالحق وطالب به، رافضا للعام السابع على التوالي الإنجرار إلى العنف واستخدام السلاح على عكس ما كان يتمنى آل خليفة لتبرير موقفهم وعنفهم وعدوانيتهم أمام الرأي العام العالمي الذي بدأ يعلم حقيقة ما يحدث أكثر وأكثر وانقشعت أمامه الصورة بأكملها بعد أن حاولت ماكينات الخليج الإعلامية التعتيم عليها وحرفها عن مسارها.

واليوم يبدو أن الخناق ضاق على آل خليفة أكثر من السابق، فلم يجدوا ضالتهم سوى بإصدار أحكام تعسفية غير مقنعة وغير مبررة بحق الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، الذي هو بالأساس رهن الإعتقال بسبب اتهامات سابقة وجهت له ليتم اعتقاله على اثرها في ديسمبر/كانون الأول 2013، إلا أنه أفرج عنه ومنع من السفر لفترة قصيرة، ثم ألغي قرار منعه من السفر، وفي يوليو/تموز 2014 استجوب الشيخ علي سلمان على خلفية اجتماعه في البحرين مع مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان مالينوسكي.

وفي 28 ديسمبر/كانون الأول 2014، اعتقل الشيخ سلمان من جديد، وأمرت النيابة في الثلاثين من الشهر نفسه بحبسه أسبوعا على ذمة التحقيق، وحكم عليه في يوليو/تموز 2015 بالسجن أربعة أعوام بتهمة “التحريض” على “بغض طائفة من الناس” و”إهانة” وزارة الداخلية. وقررت محكمة الاستئناف زيادة المدة إلى تسعة أعوام، وأدانته بتهمة “الترويج لتغيير النظام بالقوة”.

أما في الوقت الحالي فقد تم توجيه تهم جديدة إلى الشيخ علي سلمان “52 عاما”، تتعلق بالوساطة القطرية في العام 2011، وتدّعي سلطات آل خليفة أن الشيخ سلمان كان يتجسس لصالح قطر، وبحسب ما صرح المحامي العام في النيابة، أحمد الحمادي فإن “التحقيقات شملت الاتصالات التي جرت مع الشيخ علي سلمان والشيخ حسن سلطان والمسؤولين القطريين، وزعم بأن الاتصالات “انطوت على اتفاق الطرفين والتنسيق بينهما على القيام بأعمال عدائية داخل مملكة البحرين والإضرار بمركزها الحربي والسياسي والاقتصادي ومصالحها القومية والنيل من هيبتها واعتبارها في الخارج”.

الرد

الرد جاء سريعا على هذه الاتهامات من قبل نائب الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ حسين الديهي، الذي تحدى نظام البحرين بأن ينشر التسجيلات الصوتية كاملة بين الأمين العام للوفاق ورئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم ومن دون اقتطاع لينكشف أمام الرأي العام المحلي والدولي تفاصيل المبادرة القطرية لحل الأزمة التي كانت برعاية سعودية وأمريكية.

ويقول الديهي إن الاتصالات كانت بطلب من ملك البحرين وإن كل ما جرى من اتصالات ولقاءات كانت بعلمه وكان هو طرفاً أساسياً فيها، والملك وولي العهد شركاء من طرف العائلة الحاكمة في التحاور مع الشيخ علي سلمان من طرف المعارضة الوطنية.

وللتذكير فقد أوضحت الخارجية القطرية في بيان في 18 يونيو/حزيران 2017 أن هذه الاتصالات تمت بموافقة وعلم السلطات في المنامة، ضمن جهود الوساطة التي قامت بها الدوحة بعد خروج المظاهرات في البحرين عام 2011. وذكر البيان حينها أن ما يؤكد علم البحرين بهذه الاتصالات إجراء المكالمات على الهواتف العادية في البحرين وعدم إثارة المنامة للموضوع طوال الأعوام الماضية، لا سيما خلال أزمة سحب السفراء عام 2014.

وهنا يأتي السؤال الأهم لماذا تثير سلطات البحرين هذا الأمر في الوقت الحالي وما الهدف من ذلك ؟!

نرى أن للمملكة البحرينية هدفين أساسيين من فتح هذا الملف: الهدف الأول داخلي بحت، أما الهدف الثاني فهو إقليمي.

الهدف الداخلي

كما أشرنا في البداية فإن العجر البحريني وصل ذروته ولم يعد يعلم الملك ماذا يفعل أمام الضغوط التي تتزايد عليه يوما بعد يوم، إن كان من قبل المنظمات الحقوقية والدولية أو من قبل الشعب نفسه الذي لم يخفت صوته لحظة واحدة عن المطالبة بحقوقه على الرغم من كل الأساليب التي استخدمتها أجهزة الأمن البحرينية بحق المعارضة البحرينية واستقدامها قوات تحالف كاملة لإسكات شعبها، واليوم لم يبق أمامها بعد كل هذا الضغط سوى تشويه صورة المعارضة الوطنية والتشكيك بوطنيتها واتهامها بالتخابر مع دولة قطر التي توجد بينها وبين المعارضة البحرينية فوارق هائلة على المستوى الفكري والأيديولوجي.

الهدف الإقليمي

لو كانت السلطات البحرينية لديها قرار سيادي مستقل لما أقدمت على هذه الخطوة ولا على الخطوات التي سبقتها، لأنه من الواضح أن أجندتها السياسية بيد آل سعود الذين ساهموا بقمع أبناء الشعب البحريني عبر دباباتهم وقواتهم خوفا من أن تنتقل هذه العدوى إلى داخل أراضي المملكة التي تعاني هي الأخرى من ضغوط اقتصادية وسياسية تكفيها، وبما أن السعودية اتخذت قرارا بتضييق الخناق على قطر ومحاصرتها فور انتهاء زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية، وبالتالي لا بد أن تمارس المنامة نفس السياسة وتضغط على قطر وفقا لأوامر الرياض.

 

مقالات ذات صلة