فوح من الماضي يعود .. الصالة الكبرى وملجاء العامرية

عمران نت/ 7 اكتوبر 2017م

بقلم / عفاف محمد
 

في طيات الزمن تلتصق بالذاكرة مواقف قوية البصمة سواء كانت محزنة او مفرحة فما يلبث العقل ان يسترجعها بين الفنية والأخرى لعمق تأثير ذاك الحدث . .فقد يكون ذكرى مبهجة او ذكرى أليمة …
ولعل الأكثر رسوخاً منها هي الأليمة !!
مع خطوط الحياة المتعرجة عرجت بنا خطوات القدر لأرض دجلة والفرات حيث النسيم العليل والنخيلات الباسقات والأرض التاريخية المعطاء

زرنا ما كان يسمى بملجاء العامرية …وبرغم صغر سني أنذاك لكن تلك الصور حتى اليوم تترآئى امام عيني
واليوم أجدها مشابهة لمجزرة الصالة الكبرى بل أجد أوجه الشبه بليغة وعميقة …
ذاك الملجاء كان ملاذ للنساء والأطفال من غارات الأعداء انذاك وكان مأوى لأسر عديدة ترى انها قد نزلت تحت الأرض في مخبأ لا يصله العدو فيجدون به الأمان . .ولكن الصاروخ اللعين أشتم رائحتهم وكان لهذا الملجاء بوابة حديدية ضخمة …بعد ان حفر الصاروخ حفرته في عمق الملجاء حاول الناس الفرار ولم تفتح تلك البوابة فأنفجر وخلف كتلة نارية ملتهبة لم تترك شي إلا واقتاتته من نساء مسنات وكهول واطفال ونساء وما إليهم ..
.ياألهي كم هزتنا تلك الجريمة ونحن نجوب تلك الغرف بعد الجريمة والتي تشرح لنا في مسرح الجريمة إحدى اهل الضحايا عن ماكان هناك فكان المواطنون يقصدون المكان كمزار ليستشعروا مدى الوحشية التي كانت…
لم أكن لأتخيل وانا تلك الطفلة حينها أن هذا المشهد الذي يرفض العقل التمادي بالتفكير به لبشاعته انه سيمر طيفه علينا من أرض بغداد ارض كربلاء إلى اليمن
الصالة الكبرى كانت جريمة مهولة وكانت بشاعة لا تكتب او تحكي فمن تجرعوا ويل تلك النار التي أكلت أجسادهم في لحظة الأحتراق لا يعرفها إلا أهلها ومن مسته تلك الحمم الخبيثة التي لا ترحم..

كم هو مؤلم ….وكم هو موجع نعم فتلك الصواريخ حفرت حفرتها وأنفجرت على مرحلتين متتاليتين…

المشهد يتكرر وبشكل اوسع من ملجاء العامرية …

من ليتخيل ان يقصف صاروخ في ملجاء يأوي الناس ومن يتخيل ان صاروخ آخر ينفجر في صالة عزاء مكتضة بالناس الأبرياء الذين لا تربطهم بالسياسة الحمقاء شيء التي لا تجيز ان يكون عامة الناس هم فاتورة تدفع في سبيل تلك الحروب الهمجية التي لا تحتكم لشرائع سماوية او مواثيق دولية او حتى قانون الإنسانية !!!

 

كم هي مؤلمة تلك الليلة وتلك الفاجعة والتي هزت الجبال وكل من له ضمير حي!!

في تجربة خاصة عوضاً عن كونها جريمة مست الشعب اليمني بأكمله كان أخوالي وأولادهم ممن التهمتهم تلك النار بوحشية ولذا عشت كل تلك التفاصيل وشاهدت عمق الفجيعة في أوجه زوجاتهم وأبناؤهم وكل أهلي …
فأي وصف قد يصل ذروته قد يكون مطابق للموقف ؟!
لا يمكن وصف تلك الليلة التي مرت الدقائق وكأنها قرن ونحن ننتظر لنعرف من تبقى منهم حياً تم البحث بين الجثث التي مازال الدخان يعلوها وكأنها قطعة خشبية همدت نارها ولازال الدخان يتصاعد من ثناياها!رباااااه انه جثة لإنسااااااان ليس قطعة خشبية او عمود من عمدان الصالة بل ليس خروف تم شوائه فأحتراق !!
انهم بشر لم نستطع تمييز هذا من ذاك …لم نجد اهلنا حتى ساعات الصباح الأولى وما بعدها والبحث متواصل في الصالة المحروقة وفي المستشفيات وفي الثلاجات
ياإلهي ماذا عساي ان أصف او أشرح …تلك التفاصيل تحكي نفسها لازلت أتذكر زوجات وبنات شهداء الصالة وهن بين الأغمائة والأخرى ويستغربن توافد المعزيات باللباس الأسود وعندما تقول إحداهن عظم الله أجركم ..او هم شهداء ترتسم علامة ألم ممزوجة بتعجب وصمت وتعقيد الحواجب وكأنهن يقلن لا لا تستعجلوا بهذا القول مازالوا أحياء سوف يبشرونا أنهم أحياء الأن سيتصلون ليخبرونا ذلك هم لم يموتموا!!

احداث عصيبة جدا جداً فاالإحاسيس بدرجاتها المتفاوتتة تعجز عن ان تعيش الموقف كما عاشه أهل الشهداء وكما تجرع مرارته للمرة الألف في اللحظة الواحدة
فالنار حقاً لا تحرق إلا رجل واطيها…

وهكذا تجلت صورة بشعة للوحوش الآدمية التي تسترخص أرواح البشر في كل بقاع العالم في بغداد في سوريا في بورما في افغنستان في اليمن …

فكم هي تلك الأيأدي الخبيثة آثمة وكم هي متوحشة وكم هي منزوعة منها الإنسانية ….
فتباً لكم يا تجار الحروب والأسلحة تباً وتعساً لآخرتكم المحتومة…

كان الله بعونكم يا أسر شهداء الصالة الكبرى على مرور سنة كاملة على فاجعتكم وسلام الله على شهداكم الأبرار

مقالات ذات صلة