هيومن رايتس: #السعودية توظف خطاب الكراهية الرسمي لاستهداف الشيعة والأقليات

عمران نت/ 27 سبتمبر 2017م

نددت منظمة “هيومن رايتس ووتش” لحقوق الإنسان في تقرير صدر اليوم الثلاثاء 26 يوليو الجاري استخدام السلطات السعودية خطاب الكراهية والتمييز ضد الأقليات الدينية, بما في ذلك الشيعة والمجموعات المذهبية الأخرى كالإسماعيلية والزيدية والصوفية.

مرآة الجزيرة ـ تقرير حسين الزاير

المنظمة وثقت عبر تقريرها غير المسبوق والممتد على 48 صفحة، بعنوان “ليسوا إخواننا‘: خطاب الكراهية الصادر عن المسؤولين السعوديين“، سماح السعودية لعلماء ورجال الدين الذين تعينهم الحكومة، بالإشارة إلى الأقليات الدينية بألفاظ مهينة أو شيطنتها في الوثائق الرسمية والأحكام الدينية التي تؤثر على صنع القرار الحكومي, لتخلص إلى تأكيد “إن بعض رجال الدين والمؤسسات السعودية يُحرضون على الكراهية والتمييز ضد الأقليات الدينية، بما في ذلك الأقلية الشيعية”

توظيف التمييز الديني ضد الأقليات

وأضافت المنظمة أنه “في السنوات الأخيرة، استخدم رجال الدين الحكوميون وغيرهم، الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي للتشويه والتحريض على الكراهية ضد المسلمين الشيعة وغيرهم ممن لا يتفقون مع آرائهم” دون أن يتعرضوا للمساءلة أوالعقاب.

سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش رأت أن السلطات السعودية ورغم ادعاءات تبنيها للإصلاح “فهي تسمح لرجال الدين والكتب المدرسية الحكومية بتشويه سمعة الأقليات الدينية مثل الشيعة” وأضافت: “يطيل خطاب الكراهية هذا من أمد التمييز المنهجي ضد الأقلية الشيعية، وتستخدمه – في أسوأ الحالات – جماعات عنيفة تهاجمهم”.

ووثقت المنظمة إشارات مهينة للانتماءات الدينية الأخرى، بما في ذلك اليهودية والمسيحية والصوفية في مناهج التعليم الديني في “السعودية”.

التحريض ضد الشيعة

“هيومن رايتس ووتش” وجدت أن التحريض، إضافة للتحيز المعادي للشيعة في نظام العدالة الجنائية والمناهج الدينية لوزارة التربية والتعليم، يلعب دوراً أساسياً في فرض التمييز ضد المواطنين الشيعة السعوديين.

وبحسب تقرير المنظمة فإنه “كثيراً ما يُشير رجال الدين الحكوميون – وهم جميعاً من السنة – إلى الشيعة بصفتهم “الرافضة” و”الروافض”، ويُحقّرون معتقداتهم وممارساتهم, وأدانوا أيضاً الاختلاط والزواج بين السنة والشيعة. وقد رد عضو حالي بـ “هيئة كبار العلماء” السعودية، وهي أعلى هيئة دينية في البلاد، خلال جلسة علنية على سؤال حول المسلمين الشيعة بالقول: “هم ليسوا إخواننا.., هم إخوان الشيطان…””.

ولفتت “هيومن رايتس” إلى أن خطاب الكراهية هذا قد تكون له عواقب وخيمة عندما تستخدمه جماعات مسلحة مثل “داعش”، أو “تنظيم القاعدة” لتبرير استهداف المدنيين الشيعة, فمنذ منتصف 2015، هاجم داعش 6 مساجد وحسينيات دينية شيعية في المنطقة الشرقية ونجران، ما أسفر عن مقتل أكثر من 40 شخصاً. ورد في بيانات داعش الصحفية التي تبنت هذه الهجمات، أن المهاجمين استهدفوا “معاقل الشرك”، والرافضة – المصطلحان المستخدمان في الكتب المدرسية الدينية السعودية – لاستهداف الشيعة.

كما أشار تقرير المنظمة إلى أن مفتي السعودية السابق عبد العزيز بن باز، الذي توفي عام 1999، أدان الشيعة في فتاوى عديدة. بقيت فتاوى بن باز وكتاباته متاحة للعموم على الموقع الإلكتروني لـ “اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء”.

وأدانت “هيومن رايتس” سماح السلطات السعودية للعلماء الوهابيين استخدام لغة تآمرية ضد الشيعة، فينعتونهم بالطابور الخامس الداخلي التابع لإيران، وبأنهم خونة بطبيعتهم, وتسهيل الدولة لرجال الدين الآخرين بتوظيف وسائل الإعلام ومتابعيهم الكثر على وسائل التواصل الاجتماعي – الذين يُعد بعضهم بالملايين – لوصم الشيعة والتحريض ضدهم، مع الإفلات من العقاب.

تمييز وتحيز ضد الشيعة في القضاء والتعليم

“تمييز الدولة ضد الشيعة في السعوديون” تحت هذا العنوان الفرعي تناولت “هيومن رايتس ووتش” بالتفصيل ما يواجهه الشيعة في السعودية من تمييز منهجي في نظام التعليم، نظام العدالة الجنائية، الممارسة الدينية، والمشاركة السياسية.

مشيرة إلى أن الشيعة لا يدرسون الشريعة الإسلامية في الجامعات السعودية بسبب التحيزات المعادية لهم في كليات الحقوق، وبالتالي لا يُسمح للشيعة بتدريس مادة الدين في المدارس. يتعلم كل الطلاب الشيعة من معلمين سُنّة من خلال المناهج الدراسية السنية التي ترعاها الدولة, مشيرة أن المواطنين الشيعة لا يُسمح لهم عملياً بالعمل كمديري مدارس خارج المناطق الشيعية.

وأكدت المنظمة في تقريرها بأن “التحيز ضد الشيعة يمتد إلى النظام القضائي الذي تتحكم فيه المؤسسة الدينية، ويُخضع الشيعة في كثير من الأحيان لمعاملة تمييزية أو تجريم تعسفي لممارساتهم الدينية” وأوردت المنظمة في هذا الصدد حالات نها: في عام 2015 حكمت محكمة سعودية على مواطن شيعي بالحبس شهرين و60 جلدة لاستضافة صلاة جماعة خاصة في منزل والده, وفي عام 2014، أدانت محكمة سعودية رجلاً سنيا بتهمة “مجالسة الشيعة”.

وذكرت “هيومن رايتس” في تقريرها أن في وزارة التربية السعودية تستخدم في المنهاج الديني “التوحيد”، الذي يُدرّس في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، لغة مبطنة لوصم الممارسات الدينية الشيعية بأنها شرك أو غلوّ في الدين, وتوجّه كتب التربية الدينية السعودية هذه الانتقادات على وجه الخصوص لممارسة الشيعة والصوفية في زيارة المقامات والأضرحة، وكذلك التوسل أو طلب الشفاعة, كما تنص الكتب الدراسية على أن هذه الممارسات، تجعل صاحبها خارجاً عن الإسلام وعقابها الخلود في النار.

السلطة السعودية تمارس التمييز وتشجع على الكراهية

طالبت “هيومن رايتس” السلطات السعودية بتطبيق والتزام “القانون الدولي لحقوق الإنسان” الذي يوجب على الحكومات حظر “أية دعوة للكراهية القومية أو العرقية أو الدينية والتي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف”.

ورأت أن تنفيذ حكومة الرياض لهذا الحظر تفاوت، بينما استُخدم أحياناً كذريعة لتقييد الخطاب القانوني أو استهداف الأقليات, ولم تُتخذ أية خطوات لمكافحة خطاب الكراهية في حدود الضمانات العامة لحرية التعبير.

ورصدت هيومن رايتس ووتش خطابات لعلماء دين سعوديين يرقى إلى مستوى خطاب الكراهية أو التحريض على الكراهية أو التمييز، مشددة أنه بالنظر إلى تأثير وأعداد متابعي هؤلاء العلماء، فإن تصريحاتهم تُعد نظاماً تمييزياً ضد المواطنين الشيعة.

موقف أمريكي مخزي

المنظمة طالبت السلطات السعودية بالوقف الفوري لخطاب الكراهية الصادر عن رجال الدين والهيئات الحكومية التابعة للدولة, وأشارت إلى تصنيف “اللجنة الأمريكية للحريات الدينية” السعودية مراراً على أنها “دولة تثير قلقاً خاصاً”، وهو أعلى تصنيف للدول التي تنتهك الحرية الدينية.

هيومن رايتس ووتش طالبت الحكومة الأمريكية أن تلغي فوراً الإعفاء الممنوح للسعودية، والعمل مع السلطات السعودية على وقف التحريض على الكراهية والتمييز ضد المواطنين الشيعة والصوفيين والمنتمين لأديان أخرى, وأن تضغط كذلك من أجل إزالة جميع الانتقادات وأشكال وصم الممارسات الدينية الشيعية والصوفية، فضلاً عن ممارسات الديانات الأخرى، من المناهج التعليمية السعودية الدينية.

قالت ويتسن: “رغم سجل السعودية الضعيف في مجال الحريات الدينية، حمت الولايات المتحدة السعودية من العقوبات المحتملة بموجب القانون الأمريكي, على الحكومة الأمريكية أن تطبق قوانينها لمحاسبة حليفتها السعودية”.

مقالات ذات صلة