فلسطين دولة انحرفت عن مسارها السياسي

عمران نت/ 26 سبتمبر 2017م

قامت السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس “أبو مازن” مؤخرا بنصب تمثال تذكاري للدكتاتور السابق صدام حسين في مدينة “قلقيلية” التي تُعد الأكثر سكانا في الضفة الغربية وأطلقت على هذا الديكتاتور العراقي اسم “سيد شهداء هذا الزمن”. إن هذا الأمر الذي قامت به السلطة الفلسطينية والذي وصفت فيه المعدوم “صدام حسين” دكتاتور العراق السابق باسم “سيد الشهداء” يُعد من السياسات الداخلية الخاصة لهذه السلطة الشبه منظمة.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، ماذا قدم صدام حسين، ديكتاتور العراق السابق من خدمات للشعب الفلسطيني خلال فترة حكمه؟

ألم يقم صدام حسين بغزو جمهورية إيران الإسلامية عام 1980 وباحتلال الكويت عام 1990 وبتحويل العالم الإسلامي والعالم العربي إلى أقطاب سياسية وعمل على تهميش قضية فلسطين على مدى العقود الأربعة الماضية، بدلا من مساعدة الشعب الفلسطيني؟

فعلى سبيل المثال، لقد كانت الكويت تقدم ما يقارب من 400 مليون دولار كمساعدات للشعب الفلسطيني قبل إن يغزوها جيش صدام وكان هنالك أيضا ألالاف من الفلسطينيين يعملون في مستويات الإدارة العليا في دولة الكويت. ولكن الغريب هنا هو إن زعيم حركة فتح الراحل “ياسر عرفات”، دعم موقف نظام البعث العراقي من غزوه للكويت الذي جاء بأمر من الولايات المتحدة.

ولقد اسفر هذا الموقف الداعم الذي قام به الراحل “ياسر عرفات”، إلى قيام الحكومة الكويتية بعد تحررها من الاحتلال العراقي في عام 1991، بطرد جميع الفلسطينيين من الكويت وقطع كل المساعدات التي كانت تقدمها للشعب وللحكومة الفلسطينية. كمان إن الكثير من الرجال الكويتيين الذين كانوا متزوجين بفلسطينيات، قاموا بالانفصال عنهن كردة فعل على هذا الموقف الفلسطيني الذي دعم الغزو والذي خلق نوعا من الكراهية تجاه الجالية الفلسطينية.

و نظرا لهذا، فلقد اُجبر الرئيس الراحل “ياسر عرفات” عندما فقد جميع المساعدات المالية التي كانت تقدمها له الدول العربية الغنية بالنفط، على الدخول في مفاوضات والتوقيع على معاهدة “أوسلو” المروعة، التي لم تقدم أي مساعدات للشعب الفلسطيني والتي تسببت بمقتله.

الجدير بالذكر هنا بأن هذا الخطأ تكرر على ايدي قادة حركة حماس الذين دعموا بشكل واضح الهجوم الذي شنه الإرهابيين الوهابيين ضد حكومة المقاومة السورية. حيث يرى قادة حماس أن موجة الصحوة الإسلامية، ترجع إلى خطة الشرق الأوسط الأمريكية الجديدة لتوصيل السلطة إلى الإسلاميين المعتدلين، ويرون أيضا بأنه ينبغي إن يكون لحركة حماس سهم من هذه التغييرات.

لقد رأى قادة حركة حماس بأن فوز حزب “العدالة والتنمية” التركي برئاسة “رجب طيب أردوغان” في الانتخابات الرئاسية التركية وفوز الإخوان المسلمين في مصر وفوز الحزب الثوري الإسلامي في تونس ما هو إلا نتيجة لسياسة أمريكية جديدة “لإضفاء الصبغة الإسلامية” على الشرق الأوسط.

ولهذا فلقد أيد “خالد مشعل” و”إسماعيل هنية” و”موسى أبو مرزوق” قادة حماس البارزين، أعمال الشغب التي قام بها المعارضون السوريون ضد حكومة دمشق، كما انهم دعوا الكثير من السكان الفلسطينيين الساكنين في سوريا والذين يبلغ عددهم 500،000 شخص، إلى الانضمام إلى أعمال الشغب تلك.

للأسف هنالك مشكلتين عانى منها الشعب الفلسطيني على مدى العقود السبعة الماضية، فالمشكلة الأولى هي أن القادة الفلسطينيين لم يسبق لهم أن أجروا تحليلاً شاملاً ودقيقاً للأحداث في المنطقة والعالم، والمشكلة الثانية هي أن هؤلاء القادة يعتقدون أن جميع الطرق ستنتهي إلى واشنطن.

وفي سياق متصل يعتقد كثيراً من المراقبين السياسيين العرب أن البوصلة السياسية للقادة الفلسطينيين، سواء في المسائل الوطنية أو الإسلامية، لا توضح بشكل صحيح مسارهم السياسي، وهذه هي إحدى المشاكل الكبيرة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني.

إن لجؤ “خالد مشعل”، الرئيس السابق للمكتب السياسي لحماس، إلى الملك سلمان بن عبد العزيز ملك السعودية و إلى الرئيس التركي “رجب طيب اردوغان”، أدى إلى نشوب خلافات بين القادة الفلسطينيين وهذا ألأمر هو الذي اجبر حركة “حماس” على قبول تشكيل دولة فلسطينية على حدود أراضي عام 1967.

الانتقاد الأخر الذي وجهه المحللون السياسيون والعسكريون لقادة حركات الجهاد الفلسطينية وخاصة لحركة “حماس”، هو موقفها الصامت من الحرب التي نشبت بين حزب الله اللبناني والكيان الصهيوني والتي استمرت لمدة 33 يوما في عام 2006.

وفي سياق متصل صرح بعض المحللين السياسيين، بانه لو شاركت تلك القوات الفلسطينية في الحرب التي استمرت لمدة 33 يوم ووقفت جنبا إلى جنب مع قوات حزب الله، لكان من الممكن هزيمة النظام الصهيوني والإطاحة به.

الغريب في ألأمر هنا انه في الوقت الذي تسعى فيه حركة “حماس” إلى استعادة وتحسين علاقاتها مع طهران بعد سلسلة من الأخطاء السياسية التي قام بها بعض قادة حماس، إلا أنهاقامت في الوقت نفسه بعمل نصب تذكاري ” لصدام حسين” في منطقة الضفة الغربية.

بطبيعة الحال، إن النظام الصهيوني يدعم بقوة هذه المبادرة التي قامت بها السلطة الفلسطينية، وذلك لان هذا النظام يدرك جيدا بأن هذا ألأمر سوف يولد حساسية لدى المجتمع الإيراني بسبب المجرم صدام حسين.

تجدر الإشارة هنا بأن جمهورية إيران الإسلامية قامت بعد شهرين من انتصار الثورة الإسلامية، بإعطاء مبنى السفارة الاسرائيلية السابقة، لحركة فتح وتعتبر طهران أول عاصمة إسلامية التي سمحت للسلطة الفلسطينية برفع علمها على مبنى سفارتها.

كما إن “صلاح زافوي” كان سفيراً للشعب الفلسطيني في طهران لـ 33 سنة ولقد تم تكريمه من قِبل القيادة والشعب والحكومة في إيران وكان يحمل لقب “مقدم السفراء” لسنوات عديدة.

من المنتظر أن تقوم حركة “حماس” بردع المنظمات الفلسطينية المناهضة لإيران وبأن تقوم بنصب تمثال تذكاري للإمام الخميني (ره) في قطاع غزة وذلك من أجل إن تفتح الأمة الإيرانية صدرها لقادة حماس مرة أخرى.

وعلى الرغم من أن القيادة والحكومة والشعب الإيراني يعتبرون القضية الفلسطينية قضية إنسانية وإسلامية، فإنه لن يكون لتلك المنظمات الفلسطينية أي تأثير على قرار إيران حول دعم الشعب الفلسطيني ولكن يجب على قادة حركة “حماس” أيضا أن يقوموا بدورهم الإعلامي والنفسي لتوضيح ونشر الصورة الجيدة لأيران داخل الأراضي المحتلة.

 

مقالات ذات صلة