ترامب يوجه تهديدا بمسح كوريا الشمالية من الوجود.. هل يجرؤ على ذلك؟ وهل كان وزير خارجيتها الأكثر شجاعة بين خطباء الأمم المتحدة؟ ولماذا نستبعد تكرار السيناريو العراقي في طهران وبيونغ يانغ؟

عمران نت/ 25 سبتمبر 2017م

ربما كان وزير الخارجية الكوري الشمالي ري يونغ هو، الذي القى كلمة بلاده من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، من بين القلائل الذين كانوا اكثر جرأة وشجاعة في التصدي للغرور والغطرسة الأمريكيين بالمقارنة مع معظم الخطباء، وبينهم زعماء دول، اغرقوا في النفاق والعموميات.
الوزير ري يونغ لم يجانب الحقيقة عندما وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه “مختل عقليا”، ومصاب بجنون العظمة، ورجل عصابات، وان بلاده، أي كوريا الشمالية، لا تتطلع الا الى ممارسة حقها المشروع في تحقيق التكافؤ العسكري مع الولايات المتحدة.
لو جرى طرح توصيفات وزير الخارجية الكوري الشمالي للاستفتاء على مستوى العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، لجاءت النتائج مؤيدة بالأغلبية
الساحقة ان لم يكن اكثر.
الرئيس ترامب سارع فورا بتأكيد هذه الحقيقة على حسابة على “التويتر”، عندما هدد السبت بمسح كوريا الشمالية من الوجود اذا نفذت تهديدات وزير خارجيتها بالهجوم نوويا على الأرض الامريكية، وقال “لقد استمعت للتو لخطاب وزير خارجية كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة اذا كان يصور أفكار رجل صواريخ صغير (الزعيم كيم يونغ اون) فإنه وزعيمه لن يبقيا طويلا”.
هذه ليست لغة زعيم دولة عظمى تقول انها تتزعم العالم الحر، وانما لغة انسان بلطجي أمي جاهل متغطرس يقود احد عصابات “المافيا” او قطاع الطرق، ولذلك كان الشعب الأمريكي على حق عندما صوت ثلثاه عن معارضتهم توجيه أي ضربة عسكرية نووية الى كوريا الشمالية، واعربوا عن ثقتهم في تعامل القيادة العسكرية، وليس رئيسهم، مع الازمة الدبلوماسية مع كوريا، في آخر استطلاعات الرأي.
سيرغي لافروف، وزير خارجية روسيا، كان محقا اليوم الاحد عندما قال في مقابلة مع “ان تي في” الروسية “ان الأمريكيين لن ينفذوا ضربات ضد كوريا الشمالية، لانهم متيقنون ان لديها قنابل نووية”، لان هذه القنابل النووية تحقق اقوى وسائل الردع في مواجهة الغطرسة الامريكية.
حرص دولة الاحتلال الإسرائيلي على قصف مفاعل تموز النووي العراقي بدعم امريكي عام 1981، والتهديدات الامريكية الأخيرة التي تتحرش بإيران وتهدد بإلغاء الاتفاق النووي معها، ووجود “فيتو” غربي على امتلاك أي دولة عربية لاي سلاح نووي، كلها عوامل تؤكد ان التحالف الإسرائيلي الأمريكي الأوروبي، يريد ان تظل المنطقة العربية ساحة مفتوحة للعدوان، وبما يبقي إسرائيل متفوقة ومتغطرسة وعدوانية أيضا.
أمريكا لم تغزو العراق وتحتله الا بعد ان تأكدت من خلوه من أسلحة الدمار الشامل، ولعل كوريا الشمالية استوعبت هذا الدرس جيدا، ولا تريد الوقوع في الخطأ نفسه.
من حق كوريا الشمالية ان تدافع عن نفسها بكل الطرق المشروعة في مواجهة رئيس امريكي مختل عقليا، ومصاب بجنون العظمة، ويجمع الكثيرون، ونحن من بينهم، على تهوره وعنصريته، ويشكل خطرا وجوديا على مستوى العالم، والولايات المتحدة الامريكية نفسها.

✍ عبد الباري عطوان

 

 

مقالات ذات صلة