تغيَّــر…

أم المختار مهدي

من أجمل ما في الفطرة البشرية أنها قابلة للتغيير، ومن أعظم ما في ديننا أنه يشجع التغيُّـر للأفضل ويحثُّ عليه أيضاً، ومن أهم ما يجب أن يتحلى به المؤمن هو التغيُّـر للارتقاء في سلم الكمال الإيماني والبشري.

إنَّ الله تعالى قد جعل نفسية الإنسان بالشكل الذي تكون فيه مُهيَّأة للتغيُّر، وقد جعل سبحانه تغيُّر النفس البشرية شرطًا في تغيُّر الحال إذ يقول جلَّ من قائل :{إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} وهذا يُعتبر دافعًا كبيرًا لكل من يحمل صفة تستوجب التغيير.

كل شيءٍ مهيَّأ ولا شيء مستحيل، نحن من نصنع المستحيل، نحن من نقف في وجه أنفسنا، نحن العائق الوحيد أمام رُقيِّنا، بأيدينا نتقدم أو نتراجع، نرتفع أو نسقط، نرتقي أو نظل كما نحن، نحن من نضع الحواجز والعقبات كمبررات لا صحة لها كلها أعذار واهية وحجج مُدحَضة لا تنجي من النار ولا تُسلم المسآءلة ” هذا طبعي، على هذا تعودت، لن أستطيع التغيُّر” وهكذا تمضي أيام وأشهر وسنين دون خطوة تقدم، أو شهادة ارتقاء، أو زيادة نور أو أمل، ولا أعلم إلى متى ننتظر؟ ولماذا كل هذا التسويف؟ هل نضمن المزيد من الفرص؟ أم أننا نخادع أنفسنا لا غير؟ نغمض أعيننا هنا دون تقدم أو ارتقاء إن لم نفتحها هنا فسيكون أول ما نراه هو سواد وجوهنا يوم القيامة.

نحن لا نقتصر على أنفسنا فحسب بل لنا إله نتبع توجيهاته، ودين نلتزم به، ولنا مستقر أبدي يجب أن نفكر فيه.

علينا أن نبحث عمَّا نجيب الله به يوم القيامة، لا بما نقنع به أنفسنا، عمَّا نمحي به سياءتنا ونرتقي به، بداية الطريق هو أن نقنع أنفسنا أنه يجب علينا أن نتغير، هكذا سنجد السبل كثيرة مشرَّعة أمامنا.

إن الذي يساعدنا على كسر جماح أنفسنا والتغلب على أهوائنا هو السبب الذي يدفعنا لهذا هو “رضوان الله تعالى”، إنه دافع كبير وهدف سامي وغاية تستحق الجهاد، فلنتذكر أن كل كلمة نتلفظها وكل تصرف نعمله سنحاسب عليهما سواء كانا خيرًا أم شرًا، فلنتذكر أن الله يحاسب على مثقال ذرة فما بالنا بأعمال تمتد وتُكتب آثارها؟.

فلندرك أن الارتقاء حاجة مآسة وملحة في القرب إلى الله تعالى وحجر أساسٍ في ثبات علاقتنا معه، لا بدَّ منه كي لا نعود إلى الخلف كي لا نسقط، كي نكون أقوياء في مواجهة أنفسنا أولًا ثم ما عداها من التحديات، كفانا دورانًا في نفس الدائرة، كفانا انتظارًا لما لن يأتي، كفانا ضعفًا أمام أنفسنا.

التغيُّـر يخلق لدينا العزيمة والإصرار في الطريق القويم، ويجعلنا أكثر رشدًا ونضجًا، التغيُّـر لا بدَّ منه في حياتنا لنسعد، لنستقيم، ونحظى برضوان الله تعالى.

مقالات ذات صلة