
الزهراءُ قدسيَّة المعاني، وعظيمة الأثر
منال العزيفي كل عامٍ يحتفي به الغرب ومعهم بعض العقول العمياء بأعيادٍ ليس لها صلةٍ أو امتداد، أو اقتداءٍ بعَلَمٍ أصيل، بينما يحتفل هنا الحرائر في يمن الإيمان بمن لها صلةٌ بالمجد، والطُهر، والعفاف، بمن تستحق فعلاً أن تنال وسام “سيدة نساء الدنيا والأخرى”، وإذا جئنا لنقارن بين احتفالات الغرب بحقوق المرأة، ويوم المرأة، ويوم الأم وغيرها من الأعياد التي تخص المرأة، وبين الاحتفال بمولد الطُهر البتول، سنجد الفارق الذي يبين لنا كميِّة الإهانة، والقهر، والذل، والعذاب الذي تلاقيه المرأة في مجتمعهم، والعز، والرفعة للمرأة في مجتمع يمن الإيمان، فأين هي تلك الاحتفالات التي تبيِّن قدر المرأة عندهم؟!!، وهم يمتهنون كرامتها، وحريتها، وشرفها كل ساعة بل كل دقيقة وثانية، أين تشدقاتهم المُزيفة والتي تهدف في الأصل إلى إماتة روح المرأة الإنساني؟!، إحصائيات لا مثيل لها في أي مجتمع ترتفع عندهم من قتل، واغتصاب، وسرقة، وضرب وغيره بحق المرأة الغربية، شعارات كاذبة، وأهداف استباحية الأصل.
البتول الزهراء “عليها السلام” رسمت للمؤمنات، للمسلمات طريق الكرامة، والحرية الحقيقية التي شرعها الله في كتابه بما يحفظ للمرأة حقها الإنساني، ومشاعرها الإنسانيَّة، ويصون كرامتها التي وهبها الله وكرَّمها بها، فإن جئنا للحياء فقد تجسَّد في أخلاق وشخصيَّة فاطمة الزهراء عليها السلام حيث ضُربت مثلاً في حياءها، وحشمتها، وعفتها، وجسَّدت قول الله عزوجل:(( وَقُلْ لِلْـمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ))، فكانت خير الغاضَّة للبصر، والحافظة للفرج، تركت عظيم الأثر لكل امرأة تُريد أن تصعد سُلَّم الكمال في الحياء، والحشمة، والطُهر، والزكاء، والعطاء، والجهاد، والتواضع، جمعت صفات خير النساء في الدنيا والأخرى.
في هذا اليوم العظيم “يوم ميلاد فاطمة الزهراء عليها السلام” نستذكر من خلال سيرتها التي نرويها، وأخلاقها التي نتعطر بها، نساء الأخلاق القرآنية اللاتي كُنَّ بعفاف وزكاء فاطمة الزهراء عليها السلام ومنهن، مريم بنت عمران، آسيا بنت مزاحم، خديجة بنت خويلد، كُنَّ مثالاً يحتذى به قولاً وعملاً، ففاطمة تذكِّرنا بأخلاقهنَّ إن ذكرناها، وصبرهنَّ إلعظيم ومكارمهنَّ الحسنى.
ما يغيب عن الساحة اليوم ويحل بديلاً عنه، هو الابتعاد عن الأثر الذي رسمته الزهراء في أعمالها وحياتها الكريمة، حيث وجدن الكثير من النساء قدوات لهن من اليهود والنصارى، قدوات صنعنها اليهود خصيصًا لإفساد المرأة، وتجريدها من حياءها، وإنسانيَّتها، وهويتها، ودينها، ابتعدن عن القدوة الحقيقية التي تحفظ للمرأة حقها كإنسان، واتجهن لقدوة السوء التي تجرد المرأة حتى من ملابسها، فأصبحن في التيه والضلال والجاهليَّة الأخرى، والأشد جهلاً كما حذر النبي صلوات الله عليه وعلى آله، ومن هنا من هذه الجاهليَّة التي أصبحنا في مستنقعها نستطيع أن نقيس مدى الانحطاط الذي وصل له الكثير من نساء العصر، والسبب الرئيسي الذي ترك باب الفساد والانحلال الأخلاقي مفتوحًا على مصراعيه أمام المرأة بدون ضابط، أو خوف، أو مانع.
سعي اليهود المستمر وبزخمٍ كبير لإفساد المرأة بشكلٍ عام، وبالذات المرأة العربيَّة المسلمة هو الذي يُخرج الآلاف من النساء عن دينهنَّ، وعقائدهنَّ التي تحفظ لهنَّ الحياة الكريمة، وتصون لهنَّ دينهنّ، وما يقابله من انبهار النساء اللامحدود بالتطور والتي يسمونها موضات وصيحات العصر على أيدي الكاسيات العاريات، هو بالذات التي أخرج المرأة عن إطار العفاف، والحشمة، والطُهر، وجعلها تترك القدوة الصحيحة والتي فيها نجاتها في الدنيا والآخرة، وتتجه إلى قدوات الفساد والإضلال، وإلاّ لكانت الزهراء عليها السلام وغيرها من النساء العظيمات كفيلةً، وأهلاً، وكفؤًا لأن يُقتدى بهنَّ وبأخلاقهنَّ العظيمة، والتي فيها الفوز والنجاة في الدنيا والآخرة.
ولكن رغم ما قد حققه اليهود في مساعيهم لإفساد المرأة نجد في المقابل نساء عظيمات اتخذن من الزهراء طريقًا، ودربًا، واقتداءً، وسُلَّمًا يصعدن به نحو الله سبحانه وتعالى، لأن عظيم أثر الزهراء لن يغيب ولن يُطفأ نوره مهما كانت مساعي الأعداء ، ومهما استطاع اليهود من تحقيقه والوصول إليه.
مشكاة الهدى والوحي والقرآن، وبضعة الرسول الحبيب محمد رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، كانت بحقٍ جديرة أن يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها؛ لأن الله سبحانه وتعالى يعلم بأنه لا يُغضِب الزهراء إلاّ ما يغضبه هو، ويَخرج عن طاعته، مثل هذه المرأة العظيمة ولو لم تحمل إلاَّ هذه الصفة فقط_ يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها_ ناهيك عن مئات الصفات الراقية التي امتازت بها قدسيَّة المعاني، ألا يحق أن تكون المَثَلَ الأعلى في الكمال الإنساني، والرقيّ الأخلاقي!!، وأن تكون هي من تتعطش النساء الطاهرات بشوقٍ ولهفةٍ للقائها، والسلام عليها، والنظر إلى بهاء خَلْقِها وخُلقها، والانبهار بسيرتها وذكرها.
ما أعظم ما امتازت به الزهراء عليها السلام من صفات، وما أقدس مكانة وطريق وصلت إليه بدينها وأخلاقها وعشقها الإلهي حتى سُميت ب” سيدة نساء العالمين”، وأم أبيها أم خير خلق الله، وأحب الخلق إلى الله، وما أعظم أثرٍ تركته للمؤمنات كطريق سلامةٍ، وعزٍ، وكمال، وما أحوج كل امرأة أن تجعل من الزهراء قدوة لها، وأسوة، لتستطيع أن تنجو من مستنقع الأعداء الرذيل، وتخطيطاتهم العدائية الخبيثة التي يعون من خلالها ماذا يعني فساد المرأة، وأن إفساد المرأة هو إفسادٌ للمجتمع بكله حيث هي المربية، والمنشئة، والقاعدة الأساسية للأبناء وللرجال وللأسرة وللمجتمع بكله، ففسادها فساد للرجل والمجتمع، وصلاحها صلاح للمجتمع كاملاً، ولتنجو من الإحتذاء بتلك العاهرات الماجنات اللاتي يصنعن من أنفسهنَّ نجومًا، ورموزًا للشهرة والتحضُّر، وهنَّ في الأساس رموزًا للشر، وأساسًا للانحطاط وللامتهان وللانحلال الرذيل.



