من الثورة المجيدة إلى معركة الأمة .. اليمن يسجل موقف يتجاوز التضامن الى الجهاد والمقاومة

تقرير

في لحظة من أكثر لحظات الأمة وجعًا، يخرج اليمن، من قلب معاناته، ليؤكد مجددًا أنه حاضر في قضايا الأمة الكبرى، لا من موقع المتفرج، بل من موقع الفاعل والمنتمي، بل والمضحّي، بيان المسيرات المليونية الشعبية الحاشدة التي خرجت تحت شعار ’’مع غزة .. يمن الإيمان في جهاد وثبات واستنفار’’،في صنعاء وكل المحافظات الحرة،  لم يكن مجرد تعبير عن موقف تضامني عابر، بل جاء محمّلاً برسائل استراتيجية، تُعيد ترتيب الأولويات، وتضع النقاط على الحروف، في زمن كثرت فيه البيانات وقلّت فيه المواقف الحقيقية.

الجهاد .. خيار الأمة لا خطاب العاجزين

يؤكد الشعب اليمني التزامه بخط الجهاد في سبيل الله، لا كشعار، بل كموقف حيّ يُترجم بالصبر والثبات والاستعداد للتضحية بالأرواح والأموال، هذا التأكيد يعكس بوضوح أن اليمن، على الرغم من جراحه، لم يتخلَّ عن موقعه الطبيعي في طليعة من يتصدّون للعدو الصهيوني، وهو يقدّم اليوم الموقف حيث تخاذل الآخرون، ويعرض الدم حيث لا يُقدَّم حتى البيان.

في زمن تتاجر فيه الأنظمة بفلسطين، يقدّم اليمن فعلًا صادقًا وموقفًا صريحًا، هنا، الجهاد ليس بندًا هامشيًا، بل هو أساس الموقف ورأس عنوانه.

 من ثورة 21 سبتمبر إلى غزة .. مسار واحد ومعركة واحدة

حين ربط البيان بين الالتزام بخط ثورة 21 من سبتمبر المباركة، وخط الحرية والاستقلال، فإنه لم يكن يزاوج بين قضيتين، بل كان يُظهر وجهًا واحدًا لمعركة واحدة، فالثورة التي حرّرت القرار اليمني من التبعية، هي ذاتها التي تنتمي اليوم إلى مشروع التحرر العربي من الصهيونية والهيمنة.

ليس غريبًا أن يكون من يواجه العدوان في اليمن، هو نفسه من يتصدّر المشهد في الدفاع عن غزةـ لأن المعركة واحدة، معركة الكرامة، معركة الاستقلال، معركة الحق في تقرير المصير، ضد ذات الأعداء وإن اختلفت الأسماء.

انتقاد المواقف العربية والإسلامية .. بلغة عالية النبرة

لماذا تقتصر مواقف قادة العرب والمسلمين على الإدانة؟، هكذا يتساءل البيان، وهو تساؤل مشروع وموجِع، فمنذ بدء المجازر في غزة، لم نشهد من أغلب القادة العرب سوى كلمات جوفاء، وإدانات باهتة، واجتماعات بلا نتائج.

ليس هذا تساؤل اليمنيين وحدهم، بل هو تساؤل أحرار الأمة، كيف تقف الأمة الأكبر عددًا وعدّةً في موقع المتفرّج؟ كيف تنام العواصم والدماء لم تجف من شوارع غزة بعد؟ من ينقذ فلسطين إن لم تنهض لها الشعوب الحرة؟!

 نفاق مكشوف .. سلاح يُباع للقاتل باسم السلام

البيان يشير بوضوح إلى التناقض الصارخ بين ما يُقال وما يُفعل، فبينما تتحدث بعض الدول عن حل الدولتين، لا تتردد في تزويد الكيان الصهيوني بالسلاح، أي نفاق هذا؟! هل الحل السياسي يُفرض بصواريخ جو-أرض تُطلق على أطفال غزة؟!

إن هذه الازدواجية لا تخدع أحدًا، بل تفضح حقيقة الاصطفاف، وتُظهر من يقف فعلًا مع الأمة، ومن يقف مع أعدائها.

 اليمن .. شريك في الجبهة لا مُراقب من بعيد

حين يشيد البيان بالمقاومة الفلسطينية وبالضربات الفعالة لقواتنا المسلحة ضد العدو الصهيوني، فهو لا يتحدث من موقع المراقب، بل من موقع المواجه للعدو ،  اليمن اليوم حاضر في المعركة، ليس فقط بالبيانات، بل بالصواريخ والطائرات، وبكل ما يملكه من وسائل الضغط والقوة.

إنها رسالة واضحة، أن اليمن طرف مباشر في المواجهة، وجزء من معادلة الردع الجديدة في المنطقة.

العمليات العسكرية .. ردٌّ عملي على صمت الأنظمة

يؤكد البيان أن العمليات العسكرية هي الخيار الفعّال لوقف العدوان على غزة، فهو يعري المواقف الرسمية التي اختزلت دعمها في التصريحات الإعلامية، المواقف الكلامية لا توقف جريمة، ولا تعالج جريحًا، ولا تبني بيتًا مهدومًا.

فقط الفعل يغيّر المعادلة، فقط العمليات الميدانية هي التي فرضت على العدو مراجعة حساباته، ولهذا يصرّ اليمن على أن يكون فعّالًا ومؤثرًا، لا متفرجًا على أطلال المجازر.

 مع رموز المقاومة .. مع كل من كان سورًا منيعًا للأمة

في ذكرى الشهيدين السيد حسن نصر الله والسيد صفي الدين، يستذكر البيان السيد حسن نصر الله كرمز من رموز الكرامة والصمود، هذا الاستدعاء الرمزي ليس عاطفيًا، بل هو تذكير بأن هذه الأمة لم تُعدم القادة الأوفياء، وأن مشروع المقاومة له جذوره العميقة، وقياداته الحكيمة، وأثره المتراكم عبر العقود.

استذكار هذه الرموز هو تجديد عهد مع كل من قدّم روحه في سبيل الله ومن أجل الأمة، وهو إعلان واضح، نحن في خندق واحد، في وجه عدو واحد.

ختاماً 

اليمن وهو يدعوا الأمة إلى التحرك،  هو يتحرك، ويحرّك معه ضمير الأمة، ويقول لكل من لا يزال يساوم، لقد تجاوزنا زمن الخنوع، ودخلنا زمن المواقف الشجاعة.

البيان يمثل خريطة طريق لمعادلة جديدة، تضع الأمة أمام مسؤولياتها، وتؤكد أن اليمن مع غزة، في الجهاد، في الثبات، وفي الاستنفار.

هذه لحظة الحقيقة .. فإما أن نكون مع المظلومين، أو نُحسب مع من تواطأ مع الظالمين.

مقالات ذات صلة