في غزة فقط .. أهالي يتعرفون على جثامين ذويهم بعد 45 يوماً

تصطف مئات العائلات الفلسطينية من أحياء الدرج والتفاح والشجاعية داخل فناء المستشفى الأهلي العربي – المعمداني في البلدة القديمة بمدينة غزة أمام ثلّاجات الموتى، في محاولة للتعرف على جثامين ذويهم، بعد أن تمكنت الطواقم الطبية من الوصول إليهم عقب الانسحاب الجزئي لقوات العدو الصهيوني من المنطقة إثر حصار استمر 45 يوماً.

وتتكرر مشاهد الحزن والصدمة، حيث تعرفت إحدى الأمهات إلى جثمان ابنتها عبر أسنانها فقط، بعد أن تبخرت أجساد الضحايا تحت نيران الصواريخ الإسرائيلية. فيما بكى طفل لم يتجاوز العاشرة بعد أن تعرف إلى والده من لون بنطاله، واستدل آخرون على أحبائهم من خاتم، أو ساعة يد، أو بقايا هاتف محمول محفوظ في الجيب وفقا لتقرير نشرته وكالة “قدس برس” الفلسطينية.

وقد تحوّلت العظام والجماجم الملفوفة بقطع قماش داخل الثلاجات إلى مشهد مأساوي عمّق من معاناة الأهالي، الذين لم يتمكن كثير منهم من التعرف إلى ذويهم بعد أن ظلوا عالقين تحت الركام طوال فترة الحصار.

قصة الصحفية الشهيدة مروة مسلم تجسد واحدة من أكثر المآسي الإنسانية في غزة، حيث عثر المسعفون على رفاتها إلى جانب شقيقيها، ولم يتبق منهم سوى الجماجم بعد أن تلاشت أجسادهم تحت الأنقاض لأكثر من 45 يوماً.

وأوضح ضابط إسعاف في المستشفى لـلوكالة: “على مدار ستة أسابيع، لم يكن مسموحاً لنا بدخول أحياء غزة الشرقية، رغم محاولاتنا عبر الصليب الأحمر لإجلاء المدنيين، لكن الاحتلال رفض باستمرار. وما إن انسحبت قوات جيش العدو قبل 48 ساعة، حتى فوجئنا بأن المنطقة تحولت إلى جبال من الركام، وانتشلنا جثامين متفحمة لم يبق منها سوى العظام”.

وأضاف: “الكيان يرفض إدخال أجهزة فحص الحمض النووي أو الأشعة، ونلجأ إلى وسائل بدائية للتعرف على الشهداء، مثل قياس العظام والتحقق من الأسنان والملابس والمقتنيات الشخصية”.

من جانبه، أكد مدير عام الطب الشرعي في غزة، الدكتور خليل حمادة، أن ضعف الإمكانات نتيجة تدمير المعدات الأساسية ونقص الكادر البشري يحدّ من قدرة الطواقم على التعرف على الشهداء، مع وجود ثلاثة أطباء شرعيين فقط يغطون جميع محافظات القطاع.
وأشار إلى أن الهدف من ذلك هو “طمس الأدلة والوثائق التي تثبت ارتكاب الاحتلال لجرائم حرب بحق الفلسطينيين”.

وتشن قوات العدو الإسرائيلي، بدعم أمريكي، حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، خلفت حتى الآن 62,004 شهداء، و156,230 جريحاً، وأكثر من 10 آلاف مفقود، فيما يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في ظروف نزوح قسري وسط دمار شامل.

مقالات ذات صلة