شهرُ رمضان.. بوابةُ الانتصار

عبد الكريم سند

شهر رمضان بصيامه وقيامه، وبصالح الأعمال فيه، يمثل فرصةً مهمةً للإنسان لتعزيز علاقته بالله سبحانه وتعالى، وللتحَرّك عمليًّا وفق توجيهات الله.

 

يقول الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ-: “نحن نريد -إن شاء الله- جميعاً أن نحيي القرآن في أنفسنا، فإذا ما عدنا إلى تلاوته -كما هو المعتاد- سواءً في شهر رمضان، أَو في غيره تكون تلاوتنا له تلاوة إيجابية، نتأمل، نتدبر، نستفيد من آياته، ولا شك أن أي حديث حول آيات القرآن الكريم لا يزال حديثاً قاصراً وناقصاً، لا أحد يستطيع مهما بلغ في العلم والمعرفة أن يحيط علماً بعمق القرآن الكريم؛ لأَنَّ الكثير مما يمكن أن يعطيه القرآن، مما هو من مكنون أسراره، إنما يساعد على كشفه وتجليه المواقفُ والمتغيرات والأحداث”.

 

وبناءً على ذلك فَــإنَّ قراءة كتاب الله بتأمل، وقراءة أحداث الحياة بتأمل، وقراءة النفوس، وسلوكيات الناس بتأمل هي ما تساعد الإنسان على أن يهتدي، وعلى أن يسترشد، وعلى أن يستفيد من خلال القرآن الكريم، فكتاب الله نور ليس في رمضان فحسب، وإنما في كُـلّ الأشهر، وعبر كُـلّ الأزمنة والدهور.

 

لكن قراءة القرآن في شهر رمضان أهدى وأزكى وأنمى، وفي تدبره والتأمل فيه هداية لكل من أراد أن يهتدي ويستنير.

 

كما أن شهر رمضان محطات في كُـلّ شيء، فهو شهر للعطاء، وللتخفيف من حدة أعراض القلق والغضب والأرق، وهو كذلك محطة للسؤال والقرب من الله، وأفضل المواسم للدعاء، كما قال جل شأنه: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي﴾.

 

وشهر رمضان كذلك هو شهر نزول القرآن الكريم، وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وفيه أَيْـضاً حدثت فاجعةً كبرى في تاريخ أمتنا الإسلامية، حَيثُ أقدم من سماه الرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- بأشقى الأُمَّــة على تنفيذ جريمة اغتيال الإمام عليٍ -عليه السلام- في مسجد الكوفة، وفي ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان التحق بالرفيق الأعلى شهيدًا عظيمًا، مثَّل كارثة ونكبة كبيرة على الأُمَّــة بكلها”.

 

وفي شهر رمضان جرت العديد من الأحداث والمعارك الكبرى، ولعل من أبرزها معركة بدر الكبرى وغيرها، وقد جرت الإرادَة الإلهية والحكمة الربانية أن يحمل هذا الشهر بين جنباته أقدس الأوقات وأعظم الأحداث، وأقرب القرب إلى الله سبحانه وتعالى، وهو شهر المسؤولية والقضية والموقف، شهر الوقوف إلى جانب المستضعفين.

 

وفي آخر جمعة من شهر رمضان تحتفي الأُمَّــة الإسلامية بيوم القدس العالمي، ولأهميّة هذا اليوم من وجهة نظر الإمام الخميني -رحمة الله عليه- وهو يتحدث في بيانٍ عن (يوم القدس العالمي) يقول: (إن يوم القدس يوم يقظة جميع الشعوب الإسلامية، إن عليهم أن يحيوا ذكرى هذا اليوم، فإذا انطلق المسلمون جميعاً، وانطلقت جميع الشعوب الإسلامية في آخر جمعة من رمضان المبارك في يوم القدس بالمظاهرات والمسيرات فسيكون هذا مقدمة لمنع المفسدين إن شاء الله وإخراجهم من البلاد الإسلامية).

 

وفي هذ السياق يقول الشهيد القائد -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- إن الله قد هدى الناس، وقد عمل على إنقاذهم، وأرشدهم إلى ما فيه إنقاذهم من قبل أن توجَد إسرائيل بمئات السنين عندما قال على لسان نبيه محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــه وَسَلَّـمَ-: “إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً” والضلال هنا: الضلال عن الهداية، الضلال في الحياة، الضياع، الجهل، التخلف، الذلة، الاستكانة، التفرق، التمزق.

 

والضلال في اللغة العربية كلمة تعني: الضياع، إذَا لم تتمسكوا بالقرآن وبأهل البيت فستضيعون، ستضلون في معتقداتكم، تتيهون في حياتكم، يتغلب عليكم أعدائكم، تتفرق كلمتكم، تفسُد نفسياتكم، يدوسكم الجبابرة، والطغاة، والظالمون.

 

لذا يجب علينا أن نحمد الله على أن هدانا وأبقانا لنرى مثل هذا المشروع القرآني العظيم الذي جعلنا أُمَّـة قوية شجاعة تردع الطغاة وأئمة الكفر، وخير دليل على ذلك ما يحدث في البحر الأحمر، من تنكيل بالسفن الأمريكية والبريطانية والصهيونية، وكلّ هذا بفضل الله والمشروع العظيم والقيادة الربانية.

مقالات ذات صلة