صنعاء تلوّح بأسلحة جديدة: إلى ما بعد خليج عدن

عمران نت – تقارير – 21 شعبان 1445هـ

في ظل ترتيبات أميركية لرفع مستوى التصعيد البحري والجوي ضد اليمن، خاضت قوات صنعاء البحرية منازلة غير معلنة مع القوات الأميركية والبريطانية في البحر الأحمر، لليوم الثاني على التوالي. وفي هذا الإطار، أكّدت مصادر عسكرية مطّلعة في صنعاء أن العمليات البحرية اليمنية تواصلت خلال الساعات الماضية في البحر الأحمر، وتركّزت على السفن العسكرية، مشيرة إلى أنه تمّ رصد وقوع اشتباكات بحرية للمرة الثانية في غضون 48 ساعة.

 

ولفتت إلى أن البحرية الأميركية كثّفت نشاط طائرات التجسس في أجواء المياه الإقليمية اليمنية، في محاولة منها لرصد أي هجمات بحرية جديدة. وكشفت أن «صنعاء قيّمت عملياتها للمرة الثانية منذ بدء التصعيد العسكري في البحر الأحمر وخليج عدن منتصف تشرين الثاني، وكانت النتائج جيدة.

 

إلا أنها تسعى إلى تعزيز الجهد اليمني المساند للشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة خلال الأيام المقبلة، توازياً مع تصعيد العدو الإسرائيلي جرائمه ضد الشعب الفلسطيني». كما كشفت أن حركة «أنصار الله» تعتزم إدخال أسلحة جديدة في المعركة البحرية خلال الأيام المقبلة، ستكون فاعلة بشكل كبير، بعد نجاح العمليات السابقة. وأكّدت المصادر أن الحركة صارت على استعداد كامل لتوسيع نطاق المواجهة إلى ما بعد خليج عدن، وتوقّعت بدء عمليات نوعية ضد السفن العسكرية الأميركية والبريطانية في البحريْن الأحمر والعربي خلال الأيام المقبلة.

 

وفي الوقت الذي جدّد فيه الطيران الأميركي والبريطاني، أمس، استهداف منطقة الصليف في سواحل مدينة الحديدة بغارتين، أقرّت بريطانيا، بتنفيذ قوات صنعاء عمليات بحرية واسعة.

 

وقالت السفارة البريطانية في اليمن، في بيان على منصة «إكس»، إنه «منذ تشرين الثاني، نفّذ الحوثيون أكثر من 60 هجوماً في البحر الأحمر».

 

ويأتي هذا الإقرار البريطاني في ظل تعرّض سفن المملكة المتحدة التجارية والعسكرية لضربات موجعة من قبل «أنصار الله». وهي ضربات توعّد قائد الحركة، السيد عبد الملك الحوثي، في خطاب متلفز ألقاه مساء أمس، بالمزيد منها، مهدّداً العدوان الأميركي – البريطاني بمفاجآت عسكرية تفوق كل توقعاته وحساباته، مؤكّداً أن قوات بلاده تمكّنت خلال الفترة الماضية من استهداف 54 سفينة تجارية محظورة، واستخدمت 384 صاروخاً وطائرة مُسيّرة في العمليات التي نفّذتها في البحر الأحمر وخليج عدن، ومشيراً إلى أن الغارات الأميركية – البريطانية لم يكن لها أي تأثير على قدرات صنعاء العسكرية.

 

حالة الإرباك تقود إلى مواجهة بالخطأ بين فرقاطة ألمانية وبارجة أميركية

 

وبالتزامن مع ارتفاع مستوى التصعيد البحري، وإعلان الجهات الأمنية في حكومة صنعاء إحباط مخطط أميركي تمثّل في محاولة خلايا إرهابية تابعة لتنظيم «داعش» ومرتبطة بالاستخبارات الأميركية والبريطانية افتعال أحداث أمنية في محافظة البيضاء، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية، أمس، عقوبات جديدة ضد قيادات في وزارة الداخلية اليمنية، حيث وضعت بالتنسيق مع الحكومة البريطانية اسم مدير القيادة والسيطرة في الوزارة وقائد شرطة النجدة، علي حسن الحوثي، على اللائحة السوداء، بعد إعادة تصنيف حركة «أنصار الله» على قائمة المنظمات الإرهابية. وقالت مصادر في «أنصار الله»، لـ«الأخبار»، إن «تزامن وضع المسؤول على اللائحة مع ضبط الخلايا الإرهابية، يشير إلى أن واشنطن ولندن انزعجتا من العملية الأمنية التي نفّذها قطاع الأمن ضد أولئك العناصر الإرهابيين، لا أكثر». وأشارت إلى أن «الحوثي ليست له صفة في وزارة الدفاع التي تنفّذ قواتها عمليات في البحر الأحمر وخليج عدن ضد السفن الإسرائيلية والأميركية والبريطانية»، مؤكدة أن «الولايات المتحدة تعيش حالة إرباك شديدة نتيجة إسقاط صنعاء كل الأوراق التي تحاول استخدامها للتأثير على القرار اليمني المساند للشعب الفلسطيني، والضغط على اليمن لوقف العمليات في البحر الأحمر، بما في ذلك تحريك الجماعات الإرهابية».

 

واستمراراً لحالة الإرباك التي تسود القوات الأجنبية، تحوّل البحر الأحمر، أمس، إلى ساحة مواجهة بالخطأ بين ألمانيا والولايات المتحدة، للمرة الأولى منذ عسكرته في كانون الثاني الماضي. وأفادت مصادر ملاحية بأن الفرقاطة الألمانية «هيسن» أطلقت صواريخ في اتجاه طائرة تجسّس أميركية من نوع «أم كيو 9» خلال تحليقها بالقرب منها في باب المندب، مشيرة إلى أن بارجة أميركية ردّت بإطلاق عدة صواريخ دفاع جوي ونجحت في تدمير الصواريخ الألمانية. وكانت مجلة «دير شبيغل» الألمانية أكّدت أن «هيسن» أطلقت صاروخين في اتجاه المُسيّرة الأميركية، محاولةً التقليل من شأن الحادثة من خلال القول إن الصواريخ دُمّرت بفعل خلل فني. وأشارت الصحيفة إلى عدم وجود تنسيق بين القوات الأميركية والبوارج الأوروبية في البحر الأحمر.

 

الاخبار اللبنانية: رشيد الحداد

من أغلق المعبر و فتح الممر؟! من يقتل غزة؟!

 

نشر في مارس 2, 2024

 

خاص|  يحيى الشامي

 

لم تعدِ القنابلُ الأمريكية سلاحَ العدوِ المفضَّل لارتكابِ المجازرِ؛ فالتجويع على سبيل تركيع المقاومة بات هو السلاحُ الأفضل من بين كل قنابل أمريكا وصواريخ الغرب المصلتة على غزة يظل التجويع فخر الجرائم الصهيونية، وأفتك أسلحتها المميتة، حيث يصبح الخبزُ حلماً يراودُ أطفالَ غزّة، و وحدَهُ الجوعُ يُنسيهم بقيةَ مصائبِهم يُنسيهم أنهم يتامى ويلهيهم عن آباءهم شهداء فهم بالكاد يصارعون جوعهم ولا وقت للحزن ولا للبكاء.

 

هل يستصيغُ المتخمون طعامهم بعد هذه المشاهد، وأنى يستلذ الناس بأقواتهم و”إسرائيل” لا يشبع حقدُها من أجسادِ هؤلاء، تحاصرُهم وتجوّعهم ثم تجمعُهم على شاحنةِ المساعدات و تسفك دماءهم على طحينها المتناثر، إنه فن القتل بما لا يتصوره بشر سوي ولا قلب سليم، ودفن الضمير بما لا يقوى عليه إلا عالم، خبث باطنه وساء واقعه فما عاد أسوأ منه ولا أقبح.

 

في غزة لم يعدْ الموت جوعاً مثلاً يُقال ولا قصةً تحكى أو أسطورةً تروى، بل هي الحقيقة القاتمة في أسوأ حالٍ تشهدها الإنسانية في تاريخها الحديث، حيث يتسنّى أخيراً للعالم أن يرى كيف يموت الناسُ جوعاً.

 

تقول اليونيسيف إن مليون طفل يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأنّ %95 من الكبار قلصوا وجباتهم لمصلحة الأطفال، وتقول الصحة في غزّة، إن ما يشهده القطاع مجاعةٌ متصاعدة يوشكُ العالمُ أن يسمعَ حصادَها في آلاف الأرواح قريباً وتضيف على سبيل إخبار لا مناشدة، إن ستة أطفال ماتوا جوعا في مشفى عدوان واثنين آخرين ماتا في مجمع ناصر والقائمة تطول مع الوقت في أحدث ضحايا المجاعة جهات  أخرى تؤكد أن طفل من كل 6 يعيشون مجاعة، ويوشكُ أربعة مليون أن يقعوا فيها.

 

يقول صحفي من شمال غزة في مقطع نشره على صفحته: (كل دقيقةٍ تمر يعني ضحايا جدد ، نحن نموت لا بالقصف والغارات بل بالجوع والعطش، نحن هنا لا نجد ما نأكله لقد طحنا أوراق الشجر وأعلاف الحيوانات والمواشي لا شيء مما تتصورونه يمكن أن يُبقينا على قيد الحياة إلا وأكلناه .. ويضيف هذا النداء الأخير أوجهه اليكم الإنذار الأخير).

 

إنه النداء الأخير يقولُ الغزيون بأنفاسٍ متقطعة وأمعاءَ خاوية، ويشيرُ الاطباء إلى رضع وخدج في المهد قضى بعضهم بسبب الجوع وانعدام الحليب والذي أسفر عن حالة جفاف قاتل.

 

قد يُسمّى جفافاً أو سوءَ تغذية أو انعدامَ للأمنِ الغذائي كما يروق للمنظمات أن تُعرّفَه .. وكما يتناقله المتحدثون محذّرين من مجاعةٍ تصنعها “إسرائيل” على مكثٍ في غزة، لكن هذا الذي يأكلُ أجسام الغزيّين ويقتاتُ من لحومهم لكن التجويع يبقى هو أقوى أسلحةِ “إسرائيل”؛ ويرقى لمستوى وصفهِ بـ قنبلة التجويع.

 

لا جدوى من الانتظار

 

بضع قدور راسيات موضوعةٌ على النار ينتظرها آلاف الأفواه الفاغرة مشاهد مرعبة لم يسبق أن حدثت في تاريخنا الحديث، وأكثر ما يرعب فيها أنها تحدث في عصر العولمة والديمقراطية والحقوق شعارات طالما شنت واشنطن الحروب باسمها، لكن مشاهد التجويع في غزة تُسقط هذه المنظومة الغربية الزائفة دفعةً واحدة،  تشير التقارير الى أن ثلثي سكان القطاع المحاصر يتناولون وجبةً واحدة يومياً وأن زيادة عن تسعين في المائة من أطفال غزة مصابون بأمراض ناجمة عن سوء التغذية والى ما هو أسوأ تذهب التقديرات والتحذيرات التي هي أقصى ما يمكن للمنظمات أن تفعله في لحظة عجز عالمي غير مسبوق أمام جريمة بهذا الحجم.

 

مئات الشاحنات المتجمعة عند معبر رفح، لا يدخل منها إلا ما يأذنُ به العدو الإسرائيلي، وبعد إجراءات فحص وتفتيش تستمر لأيام و رفض إدخال معظم المساعدات، تقول منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين إن ما يصل الى القطاع مما يسمح العدو بمروره لا يتجاوز الخمس شاحنات كل يوم أو يومين ويؤكد مسؤولو الاونروا تعرّض بعض هذه الشاحنات لإطلاق النار من قِبل قوات العدو الإسرائيلي وبعضها يتلف في الطريق دون أن يستفيدَ منه أحد.

 

تعب العدو من القتل بالتجزئة كل يوم ٢٠٠ أو ٣٠٠، خسر كثيرا وهو ينفق على مجازره، من مخازن سلاحه أشكالاً وأنوعا من الذخائر الأمريكية قنابل وصواريخ أما الجوع فقاتل صامت بالجملة يفعلُ ما لا تفعله القنابل وبهدوء لا يسفك دماً ولا يمزق أشلاء فقط أمعاء خاوية على أجساد جائعة، وفيها يموت من الجوع من لم يمت بالقصف ويصاب بالهُزال والجفاف وسوء  التغذية والمرض من لم يصب بالشظايا حالُ غزة المذبوحة بجوعها وهذا العالم المتخم بنفاقه والغرب الكافر بكل شعاراته.

 

يصمت العالم فتبدو المجاعة سلاحا حتى غير محرم ، ويصرخ الفلسطينيون فلا يبدو أن الصوت يصل مسامع الدول وإن وصل لا يبلغ ضمائرهم وإن بلغ لا يزيدها إلا مواتا.

 

مذابح الطفولة

 

قال مسؤولون صهاينةُ يوم الثامن من أكتوبر أن من في غزة هم وحوش على هيئة بشر وعليه يقتل العدو الإسرائيلي بكل وسيلة وطريقة وأداة هذه العقلية الصهيونية العنصرية المتجذرة لا ترى في قائمة ضحاياها أهو مدني أو بشر أو بريء بمن فيهم الأطفال ، ويُخطئ من يظن أن الأمريكي يُخالف الإسرائيلي بشيء في هذه النظرة والرؤية وعليه ينفضح الأمريكي هذه المرة كما لم يسبق له أن فعل وهو يؤازر ويشارك ويساند ويدعم الإسرائيلي بكل أنواع الدعم و السلاح.

ذلك الطفل المقتول في مهده جوعاً هو وحش لا بشر في نظرهم وإلا كيف لعقل سوي أن يُقدم على هكذا جريمة، وأولئك الجياع المتجمّعين بالآلاف حول شاحنة مساعدات في شمال غزة هم كذلك وحوش لا بشر يجوعهم العدو ثم يجمعهم ثم يقتلهم دفعةً واحدة !!.

 

غزة..  لوحدها

لا شيء أقبح من جرم الصهاينة إلا صمت العالم، ولا أفتك من ألم الجوع سوى وجعِ خذلانِ ذوي القربى، ما عاد يا غزة خذلان هذا الذي تلاقيه من أخوة الدم والعقيدة، بل نكران وطغيان وليس تماهياً ولا تواطؤاً بل مشاركةً ومعاضدة وانكشافاً غير مسبوق وإن كان ثمنه الدم لكنه أحد مكاسب طوفان الأقصى وأسس الوعي المتين لمعركة الفتح الموعود والجهادِ المقدس.

وليس هذا الطريق الذي يشقه المتصهينون العرب وسط صحاريهم طريقاً لإمداد العدو عليه من البحر إلى الشام وإنقاذاً له من حصار البحر المفروض ليس إلا بعضًا من عار أمتنا تشقه صاغرة أنظمةٌ عميلة متصهينة أكثر من تصهين اليهود أنفسهم وأشد كفراً ونفاقاً .

هل رأى العُربُ هواناً مثلَه؟!

ثم هل بضع سلات رمتها طائرة عربية وتذهب صناديقُها عباب البحر هل تمحو هذا العار أو تشبع هذه الجوع أو تغفر هذا الذنب؟!

تتبدى الإجابة تساؤلات أخرى : من أغلق المعبر في وجه غزة؟ ومن فتح الممر إلى قلب فلسطين المحتلة؟!.

 

 

 

مقالات ذات صلة