المولدُ النبوي ويمنُ الإيمَـان

مهدي النجار

المولد النبوي الشريف استراتيجية ناجحة لا يمتلكها إلَّا الشعب اليمني.

 

الحمدُ لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله.

 

نحتفل اليوم ونفرح ونظهر بهجتنا وسرورنا بأفضل الخلق وأكرمهم عند الله سبحانه وتعالى، الذي أخرج الله به وبرسالته الناس من الظلمات إلى النور، محمد بن عبدالله، وُلد في عام الفيل في مرحلة استثنائية من تاريخ البشرية، فيها كادت أن تنتهي كُـلّ القيم والمبادئ والأخلاق الإنسانية والفطرية بعد التحريف والانحراف الرهيب الذي حصل في الرسالات الإلهية، التي جاءت على الأنبياء والمرسلين السابقين، لذلك كان مولد النبي الأكرم -صلى الله عليه وآله وسلم- بداية لعودة الآيات والتدخلات الإلهية من جديد التي بها يبدأ العد التنازلي للدول الطاغوتية والظالمة والمستكبرة.

 

وكان أولها حادثة الفيل التي حصلت قبل مولد النبي -محمد صلى الله عليه وآله وسلم- بأربعين يوماً، ثم بمولده انطفأت نار فارس وتصدع الرمز المقدس لقصرى وتساقطت الأصنام في مكة وتكسرت، وتهيأت الظروف والأحداث وحصلت الخلافات ببدايات بسيطة جنى نتائجها النبي في بداية نشأة الدولة الإسلامية، لذلك نرتبط اليوم بالشخصية الاعتبارية التي ليس لها مثيل على مر التاريخ البشري، والتي صاغها الله وأكملها تكريماً ورحمةً وتفضلاً منه سبحانه وتعالى للناس وضياء ونورًا وسراجاً منيراً لتنجلي به ظلمات الجاهلية الأولى بكل تفاصيلها وصورها وصدق الله القائل: “كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ”.

 

لذلك نعود اليوم في الجاهلية الأشد إلى شخص النبي، إلى منهجه وصراطه القويم؛ إذ إحياء ذكرى المولد النبوي بما فيه من الاحتشاد والتجمهر والاحتفال هو بمثابة إشهار للعودة إلى طريق الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

 

ويبقى سؤالٌ يطرح نفسه: كيف يعتبر إحياء ذكرى المولد النبوي استراتيجية ناجحة للشعب اليمني!

 

نرفع ذكر من رفع الله ذكره، حينها تترتب الأمور بعد إحياء ذكرى المولد النبوي.. كما قال تعالى: “وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ”، “فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا”، تبدأ التحولات في كُـلّ المجالات على أَسَاس هذه الحقائق الإلهية الثابتة.

 

أيضًا الغلبة والظهور على الأعداء من خلال قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ).

 

أيضًا إحياء ذكرى المولد تجديد للبيعة لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- على السمع والطاعة والالتزام والاقتدَاء والتمسك، قال تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ”، أي قدرة الله فوق قدرتهم، يعني يصبحون قوة ضاربة ورقمًا صعب بين الأمم.

 

أيضاً في زمن الذل والخضوع والاستسلام، إحياء ذكرى المولد دعوة إلى العزة والكرامة التي كان عليها النبي، قال تعالى: “وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ”.

 

وفي المقابل المنافقون والمنحرفون يطلبون ويسعون إلى العزة من غير أهلها من البغاة والطغاة والظالمين، يقول تعالى: “أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا”.

 

إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف استراتيجية للعودة إلى القيم والأخلاق الفاضلة التي كان عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال تعالى: “وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم”.

 

إحياء ذكرى المولد النبوي استراتيجية لكشف واقع المنافقين في داخل الأمة ومرضى القلوب، يقول تعالى: ‏”وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا”، وتأملوا إلى الواقع الحاصل عند كُـلّ مولد في كُـلّ عام تبدأ حركة المنافقين والدعايات والشائعات مع بداية التدشين لِإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف.

 

إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف استراتيجية لجمع شمل الأُمَّــة؛ لأَنَّه من الثوابت الجامعة للمسلمين والمخيفة جِـدًّا لأعداء الدين أمريكا وإسرائيل وعملائهم، الذين تاريخهم يشهد على هزيمتهم المدوية أمام النبي وأتباعه والذين معه ولا يزال ذلك قائماً بقدر ارتباطنا بالنبي ومشروعه العظيم، قال تعالى: “مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ”.

 

وواقعنا اليوم يشهد صدق وحقيقة الاستراتيجيات القرآنية من خلال التأمل في حركة المسيرة القرآنية وبدايتها ومن خلال التقييم للقيادة التي تسير بها بنفس المهام التي سار عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 

قال تعالى: “لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ”.

 

 

مقالات ذات صلة