وعيُ الشعب اليمني يقلبُ السحرَ على الساحر

محمود المغربي

في الشهور الماضية، عمل العدوّ والمرتزِقة على شحن الشارع اليمني والعزف على معاناة الناس، معتقدين أن غضبَ الشارع سيتوجَّـهُ نحو صنعاء، وكانوا يراهنون على جهل الناس، معتقدين أن محاولاتهم تحميل أنصار الله مسؤولية انقطاع الراتب والوضع الإنساني السيء ستُنطلي على الشعب اليمني.

 

إلا أن الشعب اليمني كان أكثر وعيًا وإدراكاً، وربما لديه من الوعي أكثر مما لدى النخب السياسية والثقافية التي تنساق مع ما يروج له العدوّ، وقد أدرك منذ زمن طويل من هو السبب في المعاناة، ومن الذي يحاصر اليمن، ومن يمارس سياسة التجويع، ومن نقل البنك المركزي إلى عدن، ليدمّـر الاقتصاد والعملة بطبع تريليونات من العملة دون تغطية ليغرق الأسواق بها، ووزعها على كبار المسؤولين المرتزِقة الذين بادروا إلى صرف تلك الأوراق التي لا تساوي الحبر الذي طبعت به إلى دولارات عن طريق الصرافين الذين يعملون على سحب الدولار من الأسواق ورفع قيمته، وتحويل تلك الدولارات إلى الخارج وإلى أُولئك المسؤولين الفاسدين، فيما الشعب اليمني يموت جوعًا وحصارًا وقتلًا، في سبيل أن يعيش كبار المرتزِقة وأبنائهم في الخارج مثل الملوك.

 

لقد كان العدوّ والمرتزِقة يعتقدون أن الشعب اليمني جاهل ويمكن الضحك عليه والدفع به إلى الخروج ضد صنعاء والقيادة السياسية الموجودة داخل الوطن، وتعيش كما يعيش أغلب الناس وتتحمل المعاناة وليس لها أرصدة أَو استثمارات خارجية، تلك القيادة التي أخذت على عاتقها الدفاع عن الوطن وقدمت التضحيات والشهداء في مواجهة العدوان الذي أعاد أُولئك اللصوص والمرتزِقة والخونة أدوات أمريكا والسعوديّة والإمارات إلى المناطق المحتلّة، ويحاول إعادتهم إلى صنعاء التي هربوا منها بالشراشف والعبايات النسائية، عبر الأكاذيب وشيطنة الأنصار والقوى الوطنية بعد أن عجز عن فعل ذلك بالطائرات المقاتلة والقوات العسكرية والمرتزِقة من كُـلّ حدب وصوب والجماعات الإرهابية.

 

إلا أن السحر قد انقلب على الساحر، وبدل أن يخرج الناس ضد صنعاء كما كان يأمل العدوّ، ها هو الشعب اليمني يوجه غضبه وينفجر بوجه المسؤولين الحقيقيين عن المأساة والفقر والجوع والبطالة، ويخرج لدك عروش الطغاة والفاشلين مرتزِقة العدوان في محافظة عدن والغضب الشعبي يتصاعد، ولم تعد كذبة الوديعة السعوديّة تنطلي عليه، فالشعب اليمني يدرك بأنها هي أَيْـضاً كذبة مثل كذبة العدوان والتواجد الإيراني وإعادة الشرعية.

 

وهذا يجعلنا نرفع القبعات وننحني أمام وعي هذا الشعب، خُصُوصاً إخواننا في الجنوب الذين هم أكثر فهمًا للواقع، ويعلمون من هو العدوّ والصديق، ومن المؤسف أن يقوم الانتقالي الذي صدّع رؤوسنا باستعادة الدولة والدفاع عن حق أبناء الجنوب بقمع المحتجين وإطلاق الرصاص الحي عليهم، مع أنهم خرجوا مطالبين بأبسط الحقوق رغيف عيش وكهرباء وضد فشل وفساد شرعية الفنادق وتحالف العدوان، الذي وعدهم قبل ثماني سنوات بجعل عدن دبي أُخرى، وَإذَا بهم اليوم يجدون أنفسهم وقد أصبح أكبر حلم لهم قطعة ثلج.

 

ومن المؤسف أن يحمل أبناء عدن وعياً وفهماً للواقع أكثر من بعض الذين يعيشون بيننا، وكانوا على اطلاع بمكر وخبث وحقارة العدوّ، وكيف يلعب بالأوراق ويصنع الأكاذيب ويختلق الأزمات، وهم أَيْـضاً يعلمون حكمة القيادة وكيف واجهت العدوان والحصار وقدمت التضحيات والشهداء، وأفشلت تلك الأوراق والمؤامرات، ويدركون حرص القيادة على رفع الظلم والمعاناة عن كُـلّ أبناء الوطن، وقد كانوا على اطلاع كيف استطاعت الدولة في صنعاء تثبيت سعر صرف الدولار وتأمين موارد مالية لصرف رواتب موظفي الدولة اليمنية بمن فيهم مرتزِقة العدوان لما يقارب العامين، قبل أن يلجأ العدوّ إلى نقل البنك المركزي إلى عدن ويجمد الموارد ويستولي على الأصول الثابتة، لكننا على يقين أن الأغلبية العظمى من أبناء الشعب يدركون كُـلّ ذلك بغض النظر عن الأصوات الشاذة أَو من يطلب بحق وينتقد بدافع الحرص والمحبة ويرغب في إصلاح الأخطاء، فنحن نؤمن أن الكمال لله وبأننا بشر وهناك أخطاء وسلبيات وهناك الفاشل والفاسد، كما أن هناك صادقين ومجاهدين.

 

 

مقالات ذات صلة