ملخَّصُ المحاضرة الأولى من سلسلة محاضرات: وصية الإمام علي لابنه الحسن “عليهما السلام”

هنادي محمد

لا يغفَلُ العَلَمُ القائدُ -يحفظه الله- في جميع محاضراته ودروسه التي يُلقِيها من أن يؤكّـد على ضرورة الحرص على تزكية النفوس؛ وأشَارَ في محاضرته الأولى ضمن سلسلة محاضرات سيقدِّمُها تباعًا تحتَ عنوان: «مقتطفاتٌ من وصية الإمام علي لابنه الحسن» أن جانبَ تزكية النفوس من أهم العطاء الإلهي لتتحقّقَ للنفس البشرية إنسانيتَها، وحاجةٌ ملحةٌ في هذا العصر الذي تُستهدف فيه البشرية لضرب فطرتها السليمة وقيمها ومبادئها الحقّة؛ سعيًا لإفسادها وإذلالها، وُصُـولاً إلى استعبادها، وعلّق على موضوع «جريمة المثلية» وقال بأن هدفَه تفريغُ الإنسان من فطرته، وإبعاده عن قيم الإيمان التي تصلح حياته، وتحفظ له منعته الإنسانية؛ لذلك قدَّمَ نُصْحَه للأُمَّـة بأن تركز على ما يساعدها على الزكاء والنور والهداية.

 

ابتدأ شرحَه للوصية:

 

[فَـإنَّي أوصيك بتقوى الله]: “التقوى” هي الضابطُ الأَسَاس الذي يضبط مسيرة حياة الإنسان، والنقص في حالة التقوى حالة خطيرة وآثارها سيئة على واقع الناس وحياتهم، وأن نسبة الالتزام بها في واقع المسلمين نسبة ضعيفة؛ ونتيجة لذلك فَـإنَّ الكثير من الناس يخضعُ في تصرفاته لرغبات نفسه وغرائزه.

 

[ولزوم أمره]: الالتزام المُستمرّ والامتثال الدائم لأوامر الله في كُـلّ الحالات والظروف، وتوطين النفس على تعظيم أوامر الله وأدراك أهميتها ومعرفة عواقب المخالفة لها التي ستلحق بالإنسان في الدنيا والآخرة، وضرورة أن نربي أنفسنا على أننا عبيد مأمورون.

 

[وعمارة قلبك بذكره]: القلب هو موقع المشاعر والتفاعل والتأثر والتوجّـهات والاهتمامات، ومهم جِـدًّا في صلاح الإنسان أَو خرابه، وإعماره يكون بتنمية المشاعر الإيمانية الزاكية التي جذورها موجودة في الفطرة، وخرابة عند تلوث المشاعر بالمفاسد والنوايا السيئة التي تفسد زكاء الإنسان وتقسي قلبه، ولما يساعد على إعمار القلب: “ذكر الله” من خلال الأذكار التي تحيي المشاعر الإيجابية وتحفظه من الخراب.

 

[أحيِ قلبَك بالموعظة]: الموعظة هي التذكير الذي يحرك المشاعر ويثير حالةَ الانزجار، والمقصودُ إحياءُ القلب في حياته: بحياة المشاعر الطيبة الزاكية ويقظة المعاني السامية في الوجدان، وموته: عندما تموت هذه المشاعر وتحل محلّها العقد الخبيثة والمشاعر السيئة، ومسألة الحفاظ على حياة القلب مسألة مهمة تحتاج إلى ترسيخ.

 

[وأمته بالزهادة]: الزهد: ضبط مدى الرغبات والأهواء، والمقصود إماتة الطمع والشح والأنانية وحالة الاستحواذ على ما لدى الآخرين، من خلال ترسيخ القناعة التي تضبط حالة الاندفاع نحو الأطماع.

 

[وقوّه باليقين]: اليقين بالحق يمنح القلب القوة التي يحتاجها الإنسان؛ لكي يتحَرّك بثبات في المواقف الصحيحة، واليقين يترك أثرًا في الالتزام والتفاعل مع هدى الله، وَإذَا حظي الإنسان به تقوّت مشاعره الإيجابية «وقوتها إضعاف لنقائضها»، واليقين درجة عالية يجب أن يحرص الإنسان على أن يصل إليها.

 

[ونوّره بالحكمة]: القلب بدون حكمة مظلم، والإنسان بحاجة إلى أن ينوّرَ قلبَه بما يزيح تلك الظلمات، واكتساب الحكمة يأتي من خلال هدى الله ومصاديقه في الواقع وما يرتبط بتجارب الحياة، والبديل عن الحكمة هو الأهواء المضلة والعشوائية والمزاجية والتخبط.

 

[وذلِّـلْهُ بذكر الموت]: إذَا استعرت المُيُولُ في قلبك استفد من تذكيرِ قلبك بالموت؛ حتى تطفئَ نيرانُ الطموحات الفاسدة؛ لتستعيد السيطرة وتخفف من منسوب اشتعال تلك النيران، ذكِّرْ نفسَك بالموت وعجزك وضعفك عن وقاية نفسك من الرحيل الإجباري؛ حتى تخفِّض من شهواتك ورغباتك.

 

[وقرّره بالفناء]: رسِّخْ في قلبك حقيقةَ الفناء وحتميتها؛ حتى يستقرَّ لك.

 

[وبصِّرْه فجائعَ الدنيا]: اعرِضْ على قلبك مصائبَ الدنيا وما يحدُثُ فيها من مآسٍ وفجائعَ ونكبات، واعرض أسبابَها الحقيقيةَ.

 

 

مقالات ذات صلة