ما قبل ثورة الـ21 من سبتمبر وما بعدها

عمران نت – متابعات – 28 صفر 1444هـ

مثلت ثورة الـ21 من سبتمبر منعطفًا تأريخيًا مهمًا تمكن الشعب اليمني من خلاله من الانعتاق والخروج من دائرة الضعف والهوان والتبعية والارتهان للخارج، لذا فقد كانت هي الثورة الوحيدة التي تعمدت بعض دوائر القرار والإعلام العربية والأجنبية تجاهل الخوض في تفاصيلها ومنحها حقها من الاستعراض والنقاش والتحليل، كونها وليدة الإرادة الشعبية اليمنية الخالصة، ولم تكن كغيرها من الثورات العربية الأخرى وليدة الأجندات الخارجية  ومشاريعها القائمة على التأمر، وفرض الهيمنة والوصاية ولو بأشكال وطرق مغايرة لما كانت عليه في السابق.

 

 

 

الإطاحة بالوصاية الدولية:

 

كانت الإطاحة بتلك الوصاية الدولية التي عاثت فسادا في اليمن بعد 11 من فبراير عبر منظومة الخونة عبد ربه منصور هادي وعلي محسن الأحمر ومن بينهما من تركيبة متعددة الأضلاع من شركاء النظام السابق التابعة سياسيا لحزبي الإصلاح والمؤتمر الشعبي العام وأطر قبلية ومناطقية وشخصية تشاركت في إدارة تلك المرحلة بإشراف أميركي سعودي، هي المفاجأة الأولى التي حققتها ثورة 21 من سبتمبر.

 

ومع التحول الاستراتيجي الكبير الذي أحدثته هذه الثورة في منطقة فائقة الحساسية بتمثيلها إرادة الشعب اليمني المتمثلة في السيادة والاستقلال وخيار الإطاحة بالوصاية الدولية، والذي تزامن أيضاً مع عجز الخارج عن إيقاف تمددها وتصاعد شرارتها باسأليبه التقليدية القذرة في ذلك الوقت والتي مارسها على الكثير من الثورات الأخرى، لم يتوقف الأمر عند حدود التجاهل بل وصلت حالة العداء الشديد إلى إنشاء تحالف عدواني دولي تحت غطاء الشرعية الزائفة، مهمته شن حرب كونية وعدوان وحشي وصولا إلى إخمادها ووأدها وفرض واقع متشابك ومغاير لواقع ثورة الواحدة والعشرين يصعب معه على ثوار اليمن حلحلته وتفكيكه بحسب العقلية الاستكبارية.

 

 

 

أهم ما يميز ثورة الـ21 من سبتمبر:

 

لعل أهم ما يميز ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر عن غيرها من الثورات هو منهجيتها الجهادية ومشروعها القرآني النظيف الذي كان العامل الأهم في نجاحها وانتصارها على القوى رغم كل العراقيل والمعوقات التي حاولت القوى الخارجية والداخلية المعادية لها وضعها أمامها للحد على ألأقل من تنامي زخمها إلا انها باءت في نهاية المطاف بالفشل والخسران والهزيمة.

 

وكانت أهداف الثورة تعبر عن كل الشعب الذي تحرك من كل مناطقه ومكوناته ومذاهبه، مستنداً إلى مشاعره الإنسانية وهويته الإيمانية، حيث كان التحرك الثوري راقياً، واعتمد على الحكمة، وحسن التصرف والمسؤولية والرشد والتحمّل، وهذا ما أكد عليه قائد الثورة حين قال أن: “أقل ما نقول عن ثورة 21 سبتمبر إنها من أعظم الثورات الراقية بدون شوائب من إقصاء أو تصفية حسابات أو جرائم، ولم تعبر عن فئة واحدة وإنما كانت باسم كل الشعب ولصالحه”.

 

 

 

ما قبل وما بعد:

 

اليوم وبعد مضي ثمانية أعوام من عمر العدوان والحصار الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن،  تمكنت ثورة الـ21 من سبتمبر من رسم واقع يمني جديد إذ أن واقع ما بعد الثورة ليس كما قبلها، فوزير الداخلية قبلها عنما سُئل عمن يتحمل مسئولية تفجير جنود الأمن المركزي في السبعين ؟! وأجاب بقوله: (أنا مالي دخل) ليس هو وزير داخلية اليوم الذي خاطب الشعب اليمني بقوله: (يا شعب اليمن أرواحنا لكم الفداء ونحن رجالكم في كل الظروف وعلى استعداد تام لنعمل على توفير الأمن لكم بكل ما نستطيع).

 

ولعل ما يلفت الانتباه أكثر إلى أهم إنجازات ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر بالمقارنة مع الواقع المرير الذي ساد قبلها، هو أننا قبل الثورة شاهدنا بخوف وقلق كيف تحول استعراض وزارة الداخلية في ميدان السبعين مع أنها الجهة المخولة بفرض الأمن وحمايته في البلاد إلى مجزرة مروعة حصدت أرواح الكثير من رجال الأمن، وشاهدنا بعد الثورة استعراض (ولهم الأمن) الذي أقامته وزارة الداخلية في نفس الميدان بقدر كبير من العزة والآنفة.

 

 

 

تغير المشهد تماماً من النقيض إلى النقيض:

 

لقد تغير المشهد تماماً من النقيض إلى النقيض وما كان قبل ليس كما بعد،  فما حدث في العام 2005م عندما وجهت الإدارة الأمريكية نظام صالح بضرورة التخلص من منظومات الدفاع الجوي لليمن، بذريعة عدم حاجة اليمن لها، لأنها أصبحت سلاحًا قديما ولا جدوى منه في ظل التطور الهائل في الأسلحة وبأن ما هو موجود من منظومات الدفاع الجوي لا يمكنه التصدي لأنظمة الأسلحة المتطورة، إضافةً إلى خشيتها من وقوع تلك الأسلحة في أيدي عناصر التنظيمات الإرهابية، التي كانت في الأساس صنيعة المخابرات الأمريكية ومبررها لفرض تواجد عسكري أمريكي على أي بلد تريده واشنطن، ليس هو الحاصل اليوم في ظل ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر، من تصنيع للصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة بأنواع وأحجام متعددة، وليس هو المشهد ذاته للجيش اليمني الذي ذهب بالأمس أدراج الولاءات الشخصية البحتة والتفتيت وأصبح اليوم محلقًا في فلك العقيدة الوطنية والولاء المطلق لله عزَّ وجل، والولاء الصادق لقائد الثورة والوطن حتى بات يحسب له ألف حساب.

 

 

مقالات ذات صلة