العقوباتُ الاقتصادية وضرورةُ الوقوف أمامها

د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي

 

تجدُ الدولُ والحركاتُ التي تقفُ في مواجهة التغوُّل الغربي برئاسة أمريكا صعوبةً كبيرةً في مواجهة العقوبات الاقتصادية التي تُفرَضُ عليها؛ بسَببِ رفضها لسياسات الأمريكية التي تتدخل في شئون الدول والشعوب الأُخرى.

 

وكان ذلك واضحًا حتى مع الدول الكبرى مثل روسيا والصين التي تضررت كَثيراً من العقوبات الاقتصادية ضدها، ما بالك مع الدول والجماعات الأُخرى مثل إيران وكوريا الشمالية ومع حزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن، ويمكن أن نأخذ إيران كمثال على ما تتسبب به العقوبات الاقتصادية الأمريكية من تأثيرات سلبية على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد والصعوبات الكبيرة التي واجهتها أثناء محاولتها تجاوُزَ تلك العقوبات، مما اضطرها إلى وضعِ شرط إلغاء العقوبات مقابل العودة إلى الاتّفاق النووي.

 

وبالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها إيران لتجاوُزِ تأثير العقوبات الاقتصادية الأمريكية مستفيدةً من إمْكَانياتها الاقتصادية، وخَاصَّة في مجال النفط والغاز إلَّا أن تلك الجهود لم يمكّنها من تجاوُزِ معضلة العقوبات بشكل نهائي؛ لأسباب عديدة من أهمها: سيطرة أمريكا والغرب على الأنظمة المالية العالمية، وكذلك خضوعُ معظم دول العالم لمشيئة أمريكا وتنفيذ ما تمليه عليها أمريكا من إجراءات في حق الدول المعاقبة، وما يجري على إيران يمكن أن يجريَ على بقية الدول والجماعات المناوئة للسياسة الأمريكية.

 

ونتيجةً لما سبق نجدُ أنه أصبح من الضروري أن تبحَثَ الدول التي ترفُضُ الخضوعَ لرغبات أمريكا المجنونة في السيطرة على العالم عن طرقٍ وأساليبَ جديدة قابلة للتنفيذ لمواجهة العقوبات الأمريكية على تلك الدول خَاصَّة بعد أحداث أوكرانيا التي تلقت روسيا؛ بسَببِها سيل من العقوبات ما زال مُستمرًّا وتهديد الصين بأنها سوف تواجِهُ عقوباتٍ إذَا دعمت روسيا في حرب أوكرانيا أَو تعرضت لتيوان.

 

وتعتبر هذه الظروف مناسبةً لدول محور مواجهة أمريكا للاجتماع والعمل على إيجاد أدوات جديدة مالية وغيرها تساعدها على الوقوف في وجهة العقوبات الأمريكية وتجاوز المخاطرِ التي تتسبب بها للدول المستهدفة، وذلك من خلال التعاون وبناء الثقة بين الأطراف المتضررة.

 

وَإذَا تمكّنت هذه الدول من التخفيف من تأثير العقوبات الأمريكية فسوف تشجّع دولاً أُخرى على التمرد على السياسية الأمريكية، وَإذَا لم تتمكّنْ هذه الدول من معالجة العقوبات الأمريكية فسوف يستمرُّ العالمُ في الخضوع للابتزاز الأمريكي وسَيتم تكريسُ سياسة القطب الواحد في العالم.

 

 

مقالات ذات صلة