وإن عُدتم عُدنا وعاد اللهُ معنا (2)

عبدالقوي السباعي

 

لقد حاول تحالُفُ العدوان ابتكارَ الكثيرِ من المخارج، واستنفد معها العديدَ من الاستراتيجيات والتي منها انقلابُه على ما تسمى “الشرعية” التي ظلت على مدار الأعوام السابقة الشماعة التي علّق عليها عدوانَه وكلّ جرائمه وانتهاكاته، إلى قيامه بتشكيل مجلس رئاسي ضم فيه كُـلّ الأدوات المتناقضة والأوراق المهترئة، لعله يحقّق أدنى انتصار، لكن دون جدوى.

 

اليوم، وبعد مرور أكثر من 7 سنوات على بداية العدوان، وستة أسابيع على بداية الهُدنة الأممية المزعومة، إذ لم يعد أي متابع للحرب العبثية والعدوان الغاشم على بلدنا، يمتلك أيةَ فكرة معينة عن سبب استمرار هذه المكابرة، بعد أن توقفت بالكامل كُـلّ إمْكَانية تحقيق قوى العدوان أي تقدّم أَو تغيير ميداني سياسي أَو عسكريّ داخل اليمن، وبعد أن شكَّلت هذه الحرب -في نظر جميع المختصين في الشأن العسكري الميداني- انتصاراً كاملاً للقيادة الثورية اليمنية وجيشها ولجانها الشعبيّة بكل ما للكلمة من معنى.

 

غير أننا نلحظ أن الرعاةَ الدوليين لتحالف العدوان لم يقبلوا بكل تلك الجُهُود المبذولة في المرحلة الماضية، الجهود الرامية إلى وقف العدوان على بلدنا وإحلال السلام، بالرغم من كُـلّ تلك التنازلات المجحفة جِـدًّا والتي قدمها المفاوض الوطني الحر، والقبول بتلك الخيارات المرة ومنها تسيير 16 رحلة فقط خلال فترة الهُدنة التي لم تتم أصلاً، وأشياء كثيرة جِـدًّا يطول الحديث عنها.

 

لهذا يجب أن يعلم العالَمُ كُلُّه ويعلم شعبنا أن الحالةَ الراهنةَ من جانب العدوان اليوم هي حالةُ تصعيد وتحَرُّكٍ في الساحة بكل إمْكَاناته، وتصعيد مُستمرّ يستخدم فيها العدوّ كُـلّ أنواع المراوغة والتضليل والاستراتيجيات الملتوية، ويسعى فيها بكل جهد إلى تضييق الخناق والحصار المطبق على شعبنا اليمني العزيز الصابر والصامد.

 

وفي ظرفٍ كهذا وحالةٍ كهذه أَيْـضاً، يسعى الأعداء بكل جهد وعبر أبواقهم المأجورة في الداخل إلى تثبيط الناس، إلى تزييف الحقائق في واقعهم وكَيِّ وعيهم وإسكاتهم وإقعادهم في منازلهم، من خلال بث الشعارات الكاذبة والزائفة: أوقفوا الحرب، نحن نريد السلام، أقعدوا في منازلكم، سالموا تسلموا!

 

نعم نحن نريد السلام، ومنطق السلام نحن أهله ولكن السلام المشرف، السلام المترافق مع العزة والكرامة، السلام الذي يوقفُ العدوَّ عن عدوانه وغيه وزحفِه المُستمرِّ لاحتلال بلدنا.

 

أَمَا والعدوُّ مُستمرٌّ في جرائمه ومُصِرٌّ على احتلال أرضنا وهتك كرامتنا وسيادة وطننا، وانتهاك أعراضنا وأرضنا، ويقتل النساء والأطفال، يقتل الكبار والصغار بكل أنواع السلاح، ويحاصر ويحرك أدواته كيفما شاء ومتى أراد، يقول لهم: “ارفعوا أعلامَ الانفصال.. اخفضوها.. تصافحوا فيما بينكم.. تقاتلوا فيما بينكم…” وهكذا، ثم لا نعمل شيئاً، نسكت ونسالم؛ مِن أجلِ السلام فهذا يسمى استسلاماً وتنصلاً عن المسؤولية الدينية والوطنية والإنسانية، فالقادم إذَا ما سقطت كُـلّ مساعي السلام العادل، فسيسمع للعالم المتكبر صرخات الوجع الأكبر.

 

لذلك، فالموقفُ السليمُ والصحيحُ اليومَ بمقابل تلك الاستراتيجات المفضوحة من قبل العدوّ ورعاته، هو استنهاضُ الجميع واستشعارُهم للمسؤولية والتحَرّك والنفير إلى الميدان ورفد الجبهات بالمال والرجال، هذا هو الطريقُ الصحيح والوحيد لكل من أراد السلام العادل والمشرف.

 

فعلى قاعدة “وإن عُدتم عُدنا” وبإيمَـاننا بتأييد الله ونصره سنعود لهم، بسلاحِ الإيمَـان الذي هو السلاحُ الذي لا يمتلكُه غيرُ اليمنيين الأحرار، الذين رصيدُهم العزةُ والحرية والكرامة، الاستقلال والسيادة، الشجاعة والإقدام، الصمود والثبات وتحقيق الانتصارات، وكما تفوقوا على أكبر ترسانة في هذا العالم، سيكسرون جبروتَ المعتدين وإلى الأبد، وإن غداً لناظره قريب.

مقالات ذات صلة